الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فلسطين إلى أين؟

عمر أبو رصاع

2006 / 1 / 30
القضية الفلسطينية


كان يوما مذهلا بكل المقايس ، لا شك أن أول ما يلفت النظر فيه ويستحق عميق التقدير والاحترام والاكبار الاصرار القوي من قبل الرئيس محمود عباس على انفاذ الديموقراطية واحترام نتائجها ، شخصيا لا اشارك الرئيس عباس رؤيته السياسية فيما يتعلق بالتسوية لكن شهادة حق لا بد أن تقال بحقه أنه قدم نموذجا استثنائي في السماء العربية ومعه الشعب الفلسطيني، فلأول مرة في العالم العربي اشعر أن رئيسا جاء للسلطة ببرنامج وأنه فعلا سيرحل بمعنى لأول مرة أشعر أن في بلد عربي توجد مؤسسة حكم لا ترتبط بفرد أو جهة أو قبيلة ، ولأول مرة أشعر أن أحزابا وسياسيين عرب يملكون القوة الكافية لاحترام الممارسة الديموقراطية والقبول بمبدأ تداول السلطة وحاكمية صندوق الاقتراع.
هذا يجعلني وقبل اي اعتبارات أخرى أقف للرئيس أبو مازن احتراما وتقديرا ولحركة فتح وسائر الفصائل والاحزاب ، في صباح يوم أمس أطل رئيس الوزراء أحمد قريع معلنا استقالة حكومته وقائلا: على حركة حماس الفائزة بالأغلبية أن تشكل الحكومة .
فيما صرح آخرون في الحركة سنقدم نموذجا للمعارضة الديموقراطية وسنعلمها للعالم وسنعود للسلطة بعد الفوز بالانتخابات القادمة.
هذه هي الديموقراطية التي تستحق الاحترام وهذه هي العقلية السياسية التي نحتاج بغض النظر أكنا نتفق معها أم لا نتفق.
إذن انهزمت حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) كما فشلت سائر القوى العلمانية الكلاسيكية المكونة لمنظمة التحرير الفلسطينية كالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجبهة الديموقراطية معها في الفوز بالأغلبية وبعد أن قادت المنظمة النضال التحرري الوطني الفلسطيني منذ انطلاقته حتى اليوم هاهو الشعب ينزع السلطة من أكبر فصائلها فتح!
لماذا صوت الشعب ضد فتح ؟
لعل السبب الرئيس كما يقول ابناء الشارع الفلسطيني الفساد الذي استشرى في مؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية ، الشعب يعاقب فتح إذن، رغم أن هذا أحد الدوافع القوية فعلا للشارع لكن ما هو أهم حسب تقديري هو دور اسرائيل في افشال مشروع فتح لبناء الدولة والتحطيم المتواصل لدعائمها ، لقد اسهمت اسرائيل اسهاما بارزا في افشال ذلك المشروع أقول ذلك بغض النظر عن قناعتي بممكنيته ، لكن اسرائيل لم تألوا جهدا في مواصلة ضرب السلطة وحصارها والافتئات على الحقوق الشرعية للشعب العربي الفلسطيني الشقيق.
ربما راهنت اسرائيل أنها تستطيع أن تبتز قيادة فتح وترغمها على تنازلات مؤلمة لتحقيق مكاسب آنية داخلية لكن ذلك أثبت فشله ، وبعد أن حل أبو مازن محل عرفات الذي كانت اسرائيل والولايات المتحدة تصفه بأنه ليس شريك سلام ثبت بالوجه القطعي أن شريك السلام معناه كما ترى اسرائيل والولايات المتحدة القائد الفلسطيني الذي يقدم تنازلا عن الحقوق الشرعية الأساسية للشعب الفلسطيني خصوصا فيما يتعلق بحق العودة جوهر الصراع ، هذا جعل الشعب ييأس من النهج الذي خطته فتح وأعتقد أن على فتح أن تعيد النظر كليا باستراتيجيتها على أساس تقيم برنامجها عبر السنوات المنصرمة منذ مفاوضات مدريد وكل ما تبعها، ولازالت فتح تملك الكثير من أوراق اللعبة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني وهي النمنظمة العلمانية التي تقودها والتي تم تحجيمها وتجاهل مؤسساتها في ظل انتقال فتح للسلطة ، أيضا فتح لازالت تملك حضورا قويا في الشارع الفلسطيني وحصلت كحركة على أكثر من أربعين في المئة من الاصوات ، كذلك أرثها النضالي وجناحها العسكري كتائب شهداء الأقصى.
هكذا و بدون تخطيط متعمد حسب تصوري وجدت حركة المقاومة الاسلامية (حماس) نفسها تملك الأغلبية النيابية في المجلس التشريعي الفلسطيني ، الحركة الأحدث في التاريخ النضالي الفلسطيني والتي انطلقت أوآخر الثمانينات من القرن المنصرم كذراع عسكري للاخوان المسلمين في فلسطين تواجه تحد كبير ليس فقط لها بل وللاخوان المسلمين بشكل عام .
لقد كانت فلسطين جوهرة الخطاب الاخواني وأحد أعمدة المزايدة على كل الساسة والقوى في عالمنا العربي تحت لافتة الجهاد الآن الاخوان المسلمين في قلب المعمعة إنهم في الطريق لتشكيل أول حكومة ديموقراطية أخوانية في التاريخ وأين في فلسطين نفسها!
أليس ذلك موقفا صعبا ؟ هل سيتفضل نواب المرشد العام في فلسطين باعلان الجهاد ضد اسرائيل مثلا؟
هل سيعترفون بالكيان الصهيوني وحقه في الوجود ؟ هل سيصدرون قانون بتطبيق الشريعة الاسلامية كما يرونها هم؟
انتهى عهد المزاودات وبدأ عهد المواجهة ، سياسيون فتحاوييون قالوا: مللنا من مزاودات حماس ولتتفضل لترينا ماذا ستفعل.
اسرائيل ستتحرك بشكل منفرد كما فعلت في غزة ولن تنتظر أجوبة وستواصل حصارا قاسيا على الشعب الفلسطيني ولا نستبعد أن تشاركها إياه الدول الغربية والعربية أيضا هذا يعني ادخال الشعب الفلسطيني في ازمة اقتصادية حادة فماذا أعدت حماس لذلك وكيف ستتصرف .
الإخوان في فلسطين يواجهون أصعب التحديات ولن تفلح كما تشير المواقف الأولية للفصائل محاولاتها لتشكيل حكومة وحدة وطنية وعليها أن تتحمل هي الاعباء الآن ، فلأي درجة سيتمتع الاخوان بالمرونة والبرغماتية وهل ستفلح حكومتهم في اقناع الشعب الفلسطيني بإعادة انتخابها أم ستجعله يندم ؟ هل سيطبق الاخوان في فلسطين منهجهم الذي رددوه دائما أم أن حسابات الحقل لا توافق حسابات البيدر؟
مستقبل الاخوان كله مرهون بهذه الحركة وما ستفعله ، وهي فرصة جيدة أن تتعرف عليهم الشعوب في السلطة بعدما خبرتهم لوقت طويل في المعارضة فهل سيفعل الأخوان ما كانوا يقولوه دائما؟ أسئلة تجيب عليها الأيام العصيبة القادمة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. محمد الصمادي: كمين جباليا سيتم تدريسه في معاهد التدريب والكل


.. متظاهرون يطالبون با?لغاء مباراة للمنتخب الا?سراي?يلي للسيدات




.. ناشطة بيئية تضع ملصقاً أحمر على لوحة لـ-مونيه- في باريس


.. متظاهرون مؤيدون للفلسطينيين يهتفون -عار عليك- لبايدن أثناء م




.. متظاهرون يفاجئون ماثيو ميلر: كم طفلاً قتلت اليوم؟