الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في البحث عن وطن

مسعود عكو

2006 / 1 / 30
حقوق الانسان


لم أتفاجئ قط بما حصل للوفد العشائري الكردي, الذي ذهب من الجزيرة باتجاه العاصمة دمشق, وفي خلجات كل واحد منهم أنه سيلتقي برئيس الدولة, وسيكلمه عن مشاكله, وهمومه بالإضافة سيقدم فروض الولاء, والطاعة, حيث فشل مشروع ذلك الحلم اللآغاواتي, والبيكاواتي, وأنتاب كل واحد منهم موجة برد من الخجل, إن لم يكن أمام الشعب الكردي, والذي كان من المزمع أن يمثله, فعلى الأقل أمام أنفسهم, وزوجاتهم, وأبناءهم, وتلك كانت صورة حقيقية للواقع الكردي برؤى القيادة السورية, والتي حتى أمام تلك الشخوص لم تتنازل, ولو على سبيل جبر الخاطر بأن يثبتوا قولاً وفعلاً أن الكرد هم حقيقة جزء من النسيج الوطني, والاجتماعي في سورية, وليس مجرد كلمات صمت الجميع من بعدها.

إن تعامل الحكومة السورية إلى هذه اللحظة مع الملف الكردي, يرجع بالحضارة إلى عهود البداوة, وبالواقعية إلى الخيالية الشخوصية التائهة, في ظلال عباءات, وكوفيات فرت منها أصحابها الذين اختلقوها, ولا تنتبه السلطة حتى هذه اللحظة, بأن للكرد قضية سياسية, وليست مشكلة عشائرية, أو اجتماعية, أو حتى قضية ثأرية, ولطالما حاولت الحركة الكردية الحزبية منها, والسياسية, والثقافية إجلاء الحقيقة, وتوضيحها للعيان لكن هذه العقلية القوموية أبت أن تصدق حتى إحساسها, وما يجول في خواطرها, وتغض الطرف عن حقيقة كامنة في جذور, وآثار تاريخية للوجود الكردي في سورية التي رسمت حدودها بموجب أوامر ضابط أوروبي, من الممكن أنه كان في الهند عندما خط هذه الخارطة, وتناثرت الأقاليم خلف أسلاك شائكة, وحدود, وخطوط, وهمية.

ما ذنب ذلك الكردي البائس أن تقسيمات الدول الاستعمارية أفرزت أراضيه بين دول خمس,, ومن حظ ذلك البائس أنه لم تأت أي حكومة من هذه الدول تعترف بتعددية قومياتها, وتنوع سكانها فالكل في هذه المنظومات ينظرون إلى شعوب دولتهم بأنهم من صلب واحد ألا, وهي قوميتهم السائدة, ولا يستطيعون حتى مجرد الافتراض وجود كائنات حية أخرى تجاورهم في المأكل, والمسكن, والملبس, وخلقها الباري عز وجل كغيرها من المخلوقات بل, وابتدع الإله في خلق هذا الشعب فمعظم علماء اللغة العربية والتاريخ والفلسفة هم كرد, وأجداد من تنفون وجود أحفادهم اليوم, وهل هذا هو إحسان الناصر صلاح الدين الأيوبي, فتقابل الحسنة بالسيئة! بصراحة لا أجد أجوبة عن كل تساؤلاتي, ولا أعرف هل الخطأ فينا أم فيكم أم في كلينا.

وجد الكرد أنفسهم هنا, بإرادتهم, أو بدونها, وتأتون, وتنفون وجودهم, وتقولون عنهم أنهم مهاجرون. طيب إلى أين تريدون من الكرد الذهاب؟ هل تودون رحيلهم إلى مكان آخر؟ إذاً امنحوهم جنسية لكي يستطيعوا الخروج من هنا, أعيدوا للممنوعين, والمجردين حقوقهم الإنسانية, وليست القومية لكي يتسنى لهم البحث عن وطن آخر, وخوفي أن تأبى الصحاري, والبحار إيواءنا, ونبقى تائهين حتى يرث الله الأرض, والطامة الكبرى أن نكون في الآخرة أيضاً من الأجانب, وتضرب لنا مخيمات, وتكون مضارب الكرد في يوم القيامة, وعندما يحشر البشر, وتنتهي محاكماتهم فلا يجدون لهم أسماءً لا في الجنة, ولا في جهنم إذا ستلجأ الملائكة حينها إلى فرز أرض خاصة للاجئين الكرد في مكان هو ما بين الجنة, والنار.

يا أصحاب القوميات الذين تضطهدون الكرد بسبب انتمائهم القومي, والعرقي ما هو الحل برأيكم للمعضلة الكردية؟ وكيف ترون حل مشكلة عويصة كالقضية الكردية؟ وهل آن الأوان للكردي أن يبحث لنفسه عن وطن آخر, هذا الوطن الذي حرره آباءه من براثن الفرنسيين. ألم يكن يوسف العظمة كردياً؟ ألم يكن إبراهيم هنانو وأديب الشيشكلي ومحمد علي العابد وحسني الزعيم وتوفيق نظام الدين وغيرهم الكثير ألم يكونوا كرداً؟

أيها الكردي هذه أرضك, وأرض أسلافك, والذين لا يعترفون بهذا فلبيلطوا المحيطات إذا لم تكفهم بحار الأرض, وليذهبوا هم للتفتيش, والتنقيب, ودحض ادعاءات الكرد بأن هذه الأرض ليست لهم فنحن على أرضنا التاريخية, وحقيقة ذلك تكتشف يوماً بعد يوم من خلال المئات من التلال الأثرية في أراضينا, وتثبت مدى عمق جذورنا التاريخية على أرضنا التي حميناها طوال آلاف القرون, وآبت كل ديكتاتوريات الأرض أن تمحينا من على وجهها, وسيظل الكردي عنيداً لا يتنازل عن أحقيته في وجوده, وامتلاكه أرضه, وحضارته, وثقافته, وقبل كل ذلك لغته الجميلة التي حفظته من الضياع كغيره من القوميات, ومن لا يقبل هذه الموضوعة فليبحث هو عن نقضها فنحن كرد, وسنبقى على أرضنا, وسنطالب حتى أخر لحظة في حياتنا بحقوقنا الكاملة, ومن لا يريد تصديق هذا فليبحث هو عن مكان آخر له علماً أننا سنقبله في أرضنا كإنسانٍ مثلنا مثله, ولن نحرمه كما يحرمنا هو الأن, وإلا فله الحق في البحث عن وطنٍ آخر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جبال من القمامة بالقرب من خيام النازحين جنوب غزة


.. أردنيون يتظاهرون وسط العاصمة عمان ضد الحرب الإسرائيلية على ق




.. كيف يمكن وصف الوضع الإنساني في غزة؟


.. الصحة العالمية: المجاعة تطارد الملايين في السودان وسط قتال ع




.. الموظفون الحكوميون يتظاهرون في بيرو ضد رئيس البلاد