الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ألوان السماء

نصيرة أحمد

2017 / 5 / 30
الادب والفن


كانا معا عند ضفة نهر الخرافة يتلفع بدفئهما سقف من الآجر الأحمر .عند الدروب الأربعة التي تقاطعت بحثا عن هويتهما الصامتة .مدّي رجليك نحو الحافة فأطاعته وفعلها برجليه .اقترب منها حتى لايكاد يفرقهما غير أعشاب الورس الاصفروشوك برّي لم يعد المكان مناسبا له منذ زمن. وضع كفه فوق ظاهر كفّها . هكذا سنكون فوق الغيم معا الى البلد الأمين .الفردوس الذي لايعلم به أحد سوى الله وبعض الملائكة .غيمه يمطر ثلجا من للآلىء البحر الهادىء ، وشمسه ليست كالشموس المستهلكة ..دافئة مثل عينيك .لاتعبث بالنهار ولاتخيف الليل بالظلمة .والفجر حكاية أخرى .يتسلل عبر وسادتك البيضاء بألوان السماء يمسح خدّيك فيشتعل الاديم بثورة اللون المتمرّدعند القزح المائل بفعل المطر النيساني العذب. لن يكون هناك شتاء قارصٌ ولاصيفٌ ساخنٌ ولاربيعٌ أهوج ولاخريفٌ شقيّ . لن يكون سوى نيسان يلمّ شتات الأشهر في كفيّه ويرتقي الفصول الخائفات . لنا وحدنا موسمٌ واحد فيه نولد كل يوم . لنا وحدنا موسم ٌ واحدٌ فيه نولد كل يوم. لنا وحدنا يجتمع النخل والأرز..وأشجار الجوز والبردي ..لنا وحدنا لن يكون الزيتون مرّا في أغصانه .لن ننتظر الفصول المتعجرفة لتمنحنا ماتريد ..، بل مانريد أنا وانتِ .
سحبت أقدامها عن الجرف الرخو..ونهضت على مهل ..إمتعظت قليلا..ها إنك تحلم وقد طمست قدماي في الطين القذر .دُهشَ وهرع َيمسح الطين بعشوائية ..،دفعته بقوة ومضت خلف مكانهما بضع خطوات وهي تضرب الأرض ..مجنون ..في حضرة طبيب أملس الوجه والنظرات ..كل مافي الأفق منته الصلاحية....أنتظري ..كانت تخطو خطوات سريعة والطين يطبع آثارا عشوائية على الاسفلت الصامت ..ماذا جرى حبيبتي ..؟..تقاطعت مع الشوارع الأربع ووقفت عند المولّدة الضخمة ..وصاحب المحلّ يرمق اشياءه بخبث . هل أرتقي السلم..؟ ..تحتاج ان تدفن رأسها في رقبته ..لاشىء يعادل عطره السماوي ..آه...اعرفه ..الان ..الان ...أين أنت َ..؟ ...مجنون ...في حضرة الطبيب ..الذي يثرثرُ كثيرا..هل تجرؤ..هل تجرؤ أن تمسح تاريخ المدينة التي أحترب أبناؤها مبكرا على أحقية ملكية الرسالة السماوية ..وأنت تمضي خلف ملفات الاستقامة الخادعة..ورجال دين سخروا من دهائك وانفلاتك ..وأرسلوك الى محرقة المُثُل التي سرقوها من المكتبات الانيقة فعمّدوا بها أُذنيك ونسوا قلبك المنفلت ..هل تجرؤ ان تحكيَ ..هل تجرؤ أن تكتم في حضرة الطبيب المثرثر..لستَ نبيلا لتنقذ الهلكى في الشوارع الخربة في المدينة المؤنسة على شاطئ المتوسط ..لقد كانت ترنو الى صباح يفتح عينيه على إفطار شهيّ تداعبه فيروز بلكنة بيروتية تسحر العصافير والأطفال الذين لايفقهون أعلام تاريخنا شيئا سوى ان يرددوا مقولاتهم التي تبدو متألقة لمعلمات الحي في المدارس الغافية على السفح الجميل ...مالنا وهؤلاء ..؟ لابد ان نحفظ تاريخنا لأنه هويتنا ..ولماذا نحفظ تاريخ افريقيا او أوروبا او تاريخ أمريكا ..لماذا يشغلنا هؤلاء ؟ ملك نزق يقتل اخاه ويغتصب زوجته فيصير ملكا في الزمن الجديد..باسم حريّة الباستيل ..أو حرية بغداد..فلا رادع للمأمون اذ يحرق سنينا مثالية من الفتح الإسلامي ويبصق على دهاء جده المنصور في بناء مدينة السلام العفن ليستعصي فيها اخاه ونديمه ..من يردعه ان يحرق تمثلات الحضارة التي تغتصب ملكه ...؟ مالنا وهؤلاء..؟ الذين أحرقوا كعبة ربّهم ومدينة هدموها على رؤوس من استعصى على السلطة ..لم يرسل الله طيورا ابابيل لينقذ بيته من هؤلاء الاعراب الذين يأكلون دينهم ويعقبونه كأسا من الخمر ..مالنا وهؤلاء ..؟ ..هل تجرؤ ان تمسح تاريخك الذي أخفيته عند حافة النهر ..؟ نثرثر طيلة المساء وعندما يداهمنا الفجر تكتم عشقك وتختفي ..تملأ قلبك بدم كاذب وتملأ جيبك بالرصاص التائه ..من تطارد الان ..؟ من يطاردك ..؟ هل تقتل تاريخك في المدينة التي أكلت ابناءها ورمت بالفضلات على شاطئ المتوسط ..؟ هل تقتلني وأنا أطاردك في النهار فتغمرني في المساء تسحر احلامي لئلا اغفو فتظل وحيدا ...أنا لااملك وسادة بيضاء وخيوط الشمس لاتطرق نافذتي ..أرعبني صوت المولدة الضخمة وأنا اقف على الرصيف في الظل . هل أرتقي درجات السلم ..؟ كم أشتاق لقدح من عصير بارد وسيكارة ملكية أشعلها بنارك ..وحمّى انفعالك ..آه..أين أنت ..؟ رأته من بعيد يهرول بسرعة ..أغمضت عينيها لئلا يرقبها العالم ..كم أحبك ..وأنا انتظر البراءة ان تحلّ بارضي ..أتدري انك معجزتي على هذه الأرض..كان الهاتف يرّن بخفوت ..نعم أنا هنا ..قرب المولدة الكبيرة . عند السلّم الذي يتأملني ويشتاق لخطواتي ..لماذا تهربين مني..؟ هل تشتاق لكِ الملائكة مثلي . ضمّها الى صدره عند درجات السلم ..ماذا افعل لاحتفظ بكِ في المكان الذي لايجرؤ احد ان يلمسه . كانت تمسك الحائط الأبيض وهي ترتقي الدرجات ..وهو يمسك الحديد الأسود . مفارقة مذهلة وسط الضجيج الاتي ..فتحا الباب معا..لم يجدا شيئا سوى حقائق مذهلة وأكوام رصاص ووجوها مصلوبة تنتظر التمثل الزائف تحوطهما بقوة....لم يجدا بدا سوى ان يسقطا الستارة الحمراء العالية ، ويفتحا الشبابيك الكبيرة ضمها اليه...كانت الوان السماء تصرخ بقوة ....رميا بجسديهما نحو الشاطئ الصامت..لم يتركا شيئا سوى فقاعات خائفة ..وأحلام ازهرت بعيدا عن المدن الهمجية وأصوات الرفض والاعتراف المشؤوم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مش هتصدق كمية الأفلام اللي عملتها لبلبة.. مش كلام على النت ص


.. مكنتش عايزة أمثل الفيلم ده.. اعرف من لبلبة




.. صُناع الفيلم الفلسطيني «شكرًا لأنك تحلم معانا» يكشفون كواليس


.. ليلى عباس مخرجة الفيلم الفلسطيني في مهرجان الجونة: صورنا قبل




.. بـ«حلق» يرمز للمقاومة.. متضامنون مع القضية الفلسطينية في مهر