الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مهام الشاعر

صاحب الربيعي

2006 / 1 / 31
الادب والفن


إن المهام الملقاة على عاتق الشاعر هي ذات المهام الملقاة على عاتق المثقف باعتبار الشعر أحد أوجه الثقافة. وتختلف تلك المهام تبعاً لاختلاف المجتمعات، ففي المجتمعات القبلية يمارس الشاعر دور الإعلامي وناطقها الرسمي في الحرب والسلم. ومهما بلغ بأس وقوة القبيلة فإنها تقف عارية أمام القبائل المنافسة لها عند خلوها من الشعراء الذين يجسدون القوة والعزم على القتال وإدخال الرهبة في صدور الأعداء من خلال خطابهم الشعري.
ومع التحولات التي طرأت على التشكيلة الاجتماعية، تراجع دور الشاعر قبلياً لكن دوره لم ينتهِ اجتماعياً. فبعد أن كان دوره الإعلامي يقتصر على القبيلة أصبح دوره الإعلامي يمثل المجتمع بالكامل خاصة أن المورث من أعراف وقيم المجتمع مازالت تشكل عاملاً محركاً لمنظومة المشاعر والأحاسيس لأغلب أفراد المجتمع ومازال الشعر يحتل مساحة غير قليلة في وجدان المجتمعات المحتكمة لعواطفها أكثر من تفكيرها في خوض صراعها الاجتماعي.
إن الشاعر المحترف الذي يقف لجانب مطالب شعبه، ليس هو القابض على لجام اللغة وآلياتها ومفرداتها المثيرة للعواطف والمشاعر حسب، بل الساعي لخدمة أهدافه وتطلعاته. وبخلافه فإن لشاعر السلطة دوراً متعارضاً مع تطلعات شعبه فتأتي قصائده محبطة للآمال ومناصرة للطغاة.
يعتقد ((هنري ميللر))"أن الشعر هو القادر على تغيير العالم، تغييراً جدياً من خلال إعلانه عن نفسه ووجوده في المجتمع، ويجب أن يكون صوته مدوياً يضاهي صوت هدير القنابل عبر استخدامه الكلمات التي تشعل العواطف في قلوب الناس وتجعل الدم يغلي في شراينهم".
يجسد الشاعر آراءه وعواطفه في مفردات لغوية لخلق قصيدة شعرية تعجز عشرات المقالات الصحافية عن التعبير عنها. لذا فعلها أشد وأعنف خاصة أن كانت القصيدة الشعرية تسبح في لغة عاطفية نافذة مباشرة إلى القلب لتأجيج العاطفة والمشاعر.
في حين أن المقالة الصحافية تخلو من الخطابة والعاطفة وتنحو أكثر نحو خاصة العقل، فهي بحاجة للتفكير الذي لايسعى إليه كل البشر أكثر من سعيهم إلى التلقي والسماع لإثارة عواطفهم تجاه فعل اجتماعي ما.
والقصيدة الشعرية المكتوبة لاتقل أهمية عن فعل إلقاءها لأنها تجسيد مكثف للآراء والأفكار القادرة على النفاذ بسهولة نحو النفس البشرية لتفعل فعلها المنشود. إن المفردات الشعرية المنتقاة بعناية من قاموس اللغة لإثارة عواطف ومشاعر البشر التي يجهد الشاعر لاقتباسها، هي في الحقيقية إعادة خلق جديدة لها من خلال ربطها بشبكة من الأواصر الحسية تتفاعل فيما بينها لخلق كائن حي وفعال يمارس دوره المرسوم في استنهاض القوى الحسية الكامنة في النفس البشرية.
ولايقتصر دور تلك الأواصر الحسية على مفردات اللغة والكلمات المؤلفة للقصيدة الشعرية، وأنما يمتد تأثيرها إلى مساحة بياضات الورقة الحاضنة لمكونات بناء القصيدة الشعرية.
يلخص ((فولي)) تلك الرؤية قائلاً:"على الشاعر أن لايكون فقط في مفرداته الشعرية، وأنما في مساحة بياضات الورقة الحاملة لقصيدته الشعرية".
يتجسد إدراك الشاعر لمهامه الأساس كمثقف وإنسان، في شعره الإنساني. وبخلافه فإنه يقف في الضفة الأخرى المناهضة لحقوق الإنسان، فهناك العديد من شعراء السلاطين الذين اقتصر شعرهم على المديح لجني المال ولم تسعفهم ملكتهم الشعرية العالية للحد من تقليل قدرهم وشأنهم الاجتماعي بعد زوال حكم السلاطين. وأصبحت قصائدهم في المديح نقمة عليهم وأداة إدانة ومبرر لنبذهم واحتقارهم اجتماعياً، نتيجة خروجهم على مهامهم المفترضة في الوقوف لجانب تطلعات شعبهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائـ.يل سجنتني سنتين??.. قصة صعبة للفنان الفلسطيني كامل ال


.. عمري ما هسيبها??.. تصريح جرئ من الفنان الفلسطيني كامل الباشا




.. مهرجان وهران للفيلم العربي يكرم المخرج الحاصل على الأوسكار ك


.. محمود حميدة يحمل الوهر الذهبي من مهرجان وهران للفيلم العربي




.. تفاصيل أول زيارة لمصر من الفنان العالمي كامل الباشا?? #معكم_