الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مسرحية الخلاف السعودي القطري

عمر سلام
(Omar Sallam)

2017 / 5 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


برز في الفترة الاخيرة على السطح خلاف سعودي اماراتي من جهة وقطر من جهة أخرى، فهل هناك خلاف فعلي بين الدول الخليجية؟ وهي تمتلك فعلا قرار مستقلا يؤدي الى اتخاذ مواقف معينة متناقضة للدفاع عن مصالح كل بلد؟ وهل هناك رؤية استراتيجية تتعلق بالتخطيط لمستقبل المنطقة؟ وهل هذه الدول تبحث عن امن اقتصادي وامن مائي وامن غذائي ..الخ من أنواع الامن التي تضمن مستقبل مزهر للمنطقة ولسكانها؟
بالإجابة على هذه الأسئلة نجد ان هذه الدول هي عبارة عن خزانات طاقة للدول الامبريالية. وقاداتها لا يحملون أي رؤى سياسية واقتصادية استراتيجية للمنطقة، وهمهم الوحيد هو التمتع بالجزء المسموح به ان يأخذوه من ثروة البلاد، وبالتالي تنطبق عليهم مقولة موظفين برواتب مجزية لدى الدول الامبريالية، وتحديدا الولايات المتحدة الامريكية زعيمة الامبريالية العالمية.
والدور الذي يلعبونه كموظفين هو تنفيذ وتمويل المشاريع الامبريالية وتسهيل سرقتها لثروات العالم. وهي بهذا الامر لا تنافس أدوات أخرى للإمبريالية مثل دولة الكيان الصهيوني المسمى (إسرائيل) لان إسرائيل أصبحت عضو فعال في النظام الامبريالي العالمي وبالتالي هي جزء منه. وخدمة المشروع الامبريالي الذي يقوم به حكام الخليج يتضمن خدمة المشروع الصهيوني. لدرجة ان رئيس الموساد السابق شبتاي شافية، قد أعلن أن قطر لعبت دورا تاريخيا لإسرائيل " أكبر من دور بريطانيا " كما ورد في صحيفة يديعوت أحرنوت. وهو دور مكمل لوعد عبد العزيز ال سعود لبريطانيا بإعطاء فلسطين لليهود المساكين.
والدور الذي ينفذه حكام الخليج (الموظفين) يساعد بطريقة غير مسبوقة في تنفيذ المهام الامبريالية، لأنها تستطيع النفاذ الى قلب المجتمعات من الداخل، وتعمل على التخريب الاجتماعي الذي يؤدي الى خراب الدول، لتسهيل تفكيك المنظومات المناطقية تسهيلا لتغلغل الامبريالية بالطريقة التي تريدها دون عناء شن الحروب الكبيرة الذي نفذته سابقا الدول الاستعمارية والذي أدى للاستعمار المباشر لدول العالم الضعيفة.
ومع غياب الرؤيا الاستراتيجية وغياب أي مشروع عربي متكامل، فالحل لبقاء هذه الدول هو في التبعية الكاملة للإمبريالية العالمية وتنفيذ اجنداتها. وبالتالي لا يمكن لا لقطر ولا للسعودية ان تلعب دورا مستقلا، يستدعي ان يكون لكل منهما مشرعها الخاص الاقتصادي والاجتماعي والذي ينتج عنه مشروع سياسي مستقل، يمكن ان يتناقض مع مشروع الطرف الاخر، فهما يدوران بنفس الفلك. وينفذان نفس المهام على الأرض مع الظهور أحيانا بمظهر المختلفين ضمن دور متكامل.
فالسعودية تعتمد على الفكر الوهابي وتدعم عصابات تخريبية تتبنى الفكر الوهابي، وللوهلة الأولى يعتقد البعض ان هذا الدعم يتم وفق سياسة سعودية مستقلة، الا ان التنظيمات الوهابية تنفذ مهام تخريبية ليس لصالح مشروع سعودي لأنه ليس هناك بالأساس مشروع، بل لصالح الامبريالية العالمية.
وقطر تعتمد على الاخوان المسلمين وتدعم العصابات المسلحة للإخوان المسلمين ليس لتنفيذ رؤية قطرية اقتصادية واجتماعية للمنطقة ينتج عنها استراتيجية سياسية ثابتة، بل تدخل هذه العصابات مع العصابات الوهابية ضمن مشروع واحد وهو مشروع تخريبي للمنطقة تسهيلا لتقديم المنطقة على طبق من ذهب للدول الامبريالية.
ودائما عند دخول العصابات الوهابية الى منطقة، يترافق معها دخول عصابات تابعة لقطر او دخول الاخوان المسلمين معها، ويلعبان نفس الدور التخريبي، وعندما يتواجدان في منطقة يظهر خلاف شكلي بينهما على بعض الغنائم او الاشتباك لسيطرة الفريق الأقوى، وذلك لزيادة البلبلة وادامة الخراب، أكثر منه خلاف على مبادئ سياسية او العمل وفق استراتيجية سياسية. وهذا ما حدث في الصومال والسودان وليبيا وفلسطين وسوريا والعراق واليمن، ويحدث أيضا في مصر الا انه لم يتطور الى مشروع تخريبي شامل ولكن بدايته قد بدأت.
وباستثمار الدين الإسلامي مع الفتاوي المتطرفة لابن تيمية وابن القيم والاسس الفكرية الحديثة للوهابية (أفكار عبد الوهاب وفتاوي اتباعه) وحركة الاخوان المسلمين (فكر حسن البنا وسيد قطب) والتفسيرات المتشددة للألباني، هذا الاستثمار أدى الى انشاء تنظيمات إسلامية متشددة، تتعارض مع الخطاب الإسلامي المعتدل للمجتمعات التي تنشأ فيها، وتنشر البغضاء للديمقراطية والسلام الاجتماعي، بحجة انها تتناقض مع قيم الدين الإسلامي وان الحل هو بفرض الإسلام (بطريقتهم المتشددة) بالقوة. وتحريض الشباب لإنشاء امارات إسلامية او العودة الى نظام الخلافة.
ويكفي النظر الى عدد التنظيمات الإسلامية في البلدان التي دخلت اليها الاموال السعودية والخليجية، وتحديدا القطرية مع دعم لوجستي سعودي خليجي لهذه التنظيمات لنعرف حجم الدور الذي لعبوه في تخريب المجتمعات من الداخل والذي أدى الى انهيار الدولة وانهيار السلام المجتمعي لينشا فراغ سياسي تستثمره الدول الامبريالية لأقصى مدى.
والدعم المالي من دول الخليج يؤدي الى الانتشار السريع لهذه التنظيمات بين الشباب بالإضافة الى سهولة الاجتماع بالمساجد، حيث لا تكلف نفسها هذه التنظيمات مشقة البحث عن مقرات للاجتماع بالشباب. وتستغل ضعف الإجراءات التنموية للدول بالحد من اعداد العاطلين عن العمل، فيجد هؤلاء الشباب بهذه التنظيمات فرص عمل ميسرة. فتنمو هذه التنظيمات بسرعة فائقة، وعند انتهاء مهامها يكفي ان يقطع عنها التمويل لتبدأ بالجفاف.
وبعد تفتيت المجتمعات وخلق حالة لا توازن ولا استقرار فيها؟ يأتي فتات المساعدات الإنسانية من السعودية وقطر لتظهر بمظهر المنقذ وان على يدها الخلاص.
وكان من نتائج الاعمال المنسقة لقطر والسعودية
• تفتيت الدولة الصومالية واعادتها عشرات السنين للوراء مع نشر الفوضى أدى الى حصول أمريكا على أكبر قاعدة عسكرية في شرق افريقيا في جيبوتي. والتنظيمات التي ساهمت بالخراب حركة الشباب المجاهدين بدعم سعودي خفي والحزب الإسلامي بدعم قطري، والتي خسرت (قطر) رئيس استخباراتها في الصومال.
• الحرب الامبريالية على العراق ولا زال العراق الى الان مجروح من هذه الحرب. حيث دفعت دول الخليج ما يقارب ترليون دولار تكاليف هذه الحرب وانطلقت طائرات الدول الامبريالية من السعودية وقيادة العمليات في قاعدة السيلية بقطر، وبعد ذلك دخلت القاعدة (السعودية) وحاولت قطر الدخول الا ان السلطات العراقية كشفتهم وصادرت ملايين الدولارات من العصابة القطرية.
• تقسيم السودان بإشراف قطري مباشر مع دعم سعودي خفي وبتوجيه مباشر من الموساد الاسرائيلي.
• تقسيم الساحة الفلسطينية حيث قامت قطر بالإبلاغ للموساد الإسرائيلي عن سفينة الأسلحة كارين a التي أدت لحصار عرفات والسلطة الفلسطينية وبنفس الوقت تقديم الدعم للإخوان المسلمين لإنشاء حركة حماس التي أدى انشاؤها لشق الساحة الفلسطينية الى سلطتين حماس (قطر) وسلطة رام الله (السعودية).
• تفتيت السلطة في ليبيا ونشر الجماعات الإسلامية بدعم من الدولتين الخليجيتين مثل أنصار الشريعة (قطر) والقاعدة (السعودية) والتي لم يستقر بها الوضع الى الان.
• ضرب السلم الأهلي في سوريا بنشر الجماعات الإسلامية المتشددة مثل القاعدة وجيش الإسلام (السعودية) وجبهة النصرة والاخوان المسلمين (قطر)
• محاولة تخريب اليمن والتي لا تزال بها الحرب قائمة اذ قد يتأخر التخريب الداخلي، مما أدى لتدخل عسكري مباشر من السعودية.
والان تحاول السعودية ان تكشف أوراق قطر بمحاولة تقربها من إيران ومن الحوثيين، وهي ليست الا فقاعات إعلامية الهدف منها ذر الرماد في العيون، وإظهار ان هناك تضارب بين السياستين السعودية والقطرية للتمهيد لدور قطري مستقبلي للعمل على زعزعة استقرار إيران من الداخل بتقرب قطر اليها ومن ثم البدء بدعم تنظيمات دينية سنية وغالبيتهم في إقليم عربستان (خوزستان) ليس وفق رؤية عربية معينة او استراتيجية عربية معينة لضرب إيران لأنها تهدد مصالح العرب بل ضمن رؤية إسرائيلية أمريكية للصراع مع إيران.
مع ملاحظة ان الإيرانيين يحاولون ان يلعبوا بنفس الطريقة على الورقة الدينية باستثمار الشيعة لتحقيق الأهداف السياسية الإيرانية. غير ان الفارق الرئيسي ان إيران تمتلك مشروعها الخاص ومصالحها الخاصة. بينما السعودية او قطر لا تمتلك أي مشروع بل تستثمر السنة بطريقة إرهابية تخريبية لصالح إسرائيل والامبريالية العالمية. مع تبادل الأدوار بين السعودية وقطر.
الخلاصة:
هناك دور وظيفي متكامل يلعبه حكام قطر والسعودية لا يحمل أي فكر استراتيجي لتطوير المنطقة او انمائها بل بالعكس هذا الدور مرتبط بتحقيق اهداف الامبريالية العالمية وكيانها الصهيوني. والترويج لموضوع الخلاف السعودي القطري هدفه تهيئة قطر وتلميعها وتلوينها لتكون مقبولة للعب الدور القادم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مفاوضات الهدنة: -حماس تريد التزاما مكتوبا من إسرائيل بوقف لإ


.. أردوغان: كان ممكنا تحسين العلاقة مع إسرائيل لكن نتنياهو اختا




.. سرايا الأشتر.. ذراع إيراني جديد يظهر على الساحة


.. -لتفادي القيود الإماراتية-... أميركا تنقل طائراتها الحربية إ




.. قراءة عسكرية.. القسام تقصف تجمعات للاحتلال الإسرائيلي بالقرب