الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


....هل عرفنا نظام الدولة حقاًخارج الاطر المككيافيلية

جاسم الصغير

2006 / 1 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


منذ انبثاق الحياة على وجه الارض واستيطان البشر عليها واتخاذهم صيغة الحياة الجماعية مجتمعين في مكان معين اتخذوا صوراً شتى لأدارة حياتهم بعد ان كانت تتخذ وضعاً مشاعياً للجميع حيث كان الكل يكدح ويأكل مما يعمل ومع تعقد وضع الحياة والانسان وظهور تقسيم العمل والاستغلال الذي رافقه لللانسان واختلال التوازن بين الافراد برزت الحاجة والضرورة الى اتخاذ تكتلات يحتمي بها الفرد والناس من صعوبات واحياناً مشاكل الحياة والاستبداد الاجتماعي فظهرت هنا تشكيلات قبلية وعشائرية يتناسب مع المرحلة الرعوية والزراعية التي يمر بها المجتمع العربي في تلك المرحلة. بتقادم الزمن مورست على هذه التشكيلات الاجتماعية القبلية نوعاً من التقديس من خلال زعماء هذه القبائل بعد ان اتخذت كل كتلة طوطماً معيناً يمثل هذه الجهة أوتلك وفي هذه المرحلة الرعوية كان يغلب على الوضع التأريخي والاجتماعي التشتت وانعدام الامن والعدالة وتزايد سلطة الافراد ذوي النفوذ وظهور ملامح استبدادية وغياب كل تمثيل للدولة او حضورا ومن هنا برزت الحاجة الى الدولة يحتمي بها الجميع ان ظهور الدولة رافقه انواع من الاراء احدهما يرحب به باعتبار ان الفرد يتنازل عن قسم من حريته للدولة مقابل ان تحميه من تسلط الفرد المستبد وهذا هو رأي الفيلسوف هوبز الذي ناصرالحكم الاستبدادي باعتباره ضرورة للبشر اما الرأي الاخر فهو للفيلسوف جون لوك الذي ناصر مبدأ المواطنة للفرد وحق اعتراضه على التشريعات غير المنصفة بحق الفرد ان بدرت من الدولةً)
ويرى المفكر الفرنسي جان جاك روسو أن الإنسان كان يعيش قبل نشأة الدولة في حرية
كاملة ، ولكن نظراً لتعارض المصالح والميول والنزعات الشريرة ، فقد اضطر الأفراد إلى البحث عن
نظام يكفل لهم الأمن ، ويحقق العدالة ، فتعاقدوا على إنشاء مجتمع سياسي يخضع لسلطة
عليا ، ويعتبر هذا العقد هو أساس نشأة الدولة ، وسند السلطة معاً .
ومؤدى العقد عند روسو أن الأفراد تنازلوا عن حرياتهم الطبيعية للجماعة مقابل الحصول على
حريات مدنية جديدة يكفلها المجتمع لهم على أساس المساواة . وأن العقد قد تولد عنه إرادة عامة
هي إرادة الجماعة ، وهي مستقلة عن إرادة كل فرد على حدة ، وهي مظهر لسيادة المجتمع ،
وتعبير عن هذه السيادة ، ولا يجوز التنازل عنها .
أما الحاكم طبقاً لنظرية روسو فهو ليس طرفاً في العقد ، ولكنه وكيل عن الجماعة ( الأمة ) وفقاً
لأرادتها ، ولها حق عزله متى أرادت ذلك . لها ومع ظهور الاسلام في تلك المرحلة التأريخية والذي اتخذ في البدء دعوة عقائدية وانشأ دولة في المدينة فيها بعض ملامح العدالةومع التشكل البسيط للدولة بدأت تظهر بوادر تسلط والغاء للأخر يمارسها رجال هذه الدولة بنفس وتوجه سلطوي يتخذ صيغة القسر بعيداً عن روح التسامح التي دشنها الرسول (ص)
فنلاحظ حالات التمرد وعدم الانصياع لتوجهات الدولة الرسمي في زمن الدولة الاموية والعباسية من ناحية المعارضين لهذه الدولة الرسمية اذاً يبدو واضحاً حالة الاختلال في تركيب الدولة والوضع الاجتماعي السائد فالدولة الاموية التي كانت تمارس الحكم باعتبار انها وريثة وممثل الرسول نراها قد تبنت العصبية القبلية والتي تتنافى مع توجهات الاسلام والقران الذان يؤكدان على مبدأ التقوى نراها قد مارست تسلطاً وقمعاً كبيراً جداً كانت نظاماً في الحقيقة نظاماً سلطانياً والامر يتكرر ايضاً مع الدولة العباسية والتي نراها تنطق هذه المرة بأنها ظل الله في الارض نراها قد تعدت سابقتها وافاقتها في الطغيان والتسلط واعتبرت نفسها هي الدولة نراها هي الاخرى دولة سلطانية وهكذا الامر في الحقيقة ان الدولة التي عرفتها وشهدتها المنطقة العربية الاسلامية هي دولةأمنية بالدرجة الاولى وتسلطية قمعية وتتعامل مع الاحداث بصيغة توجس وخوف من الاخر لا بصيغة تعامل حضاري مع الاخر والحقيقة ان الاختلال القيمي له ظروف تأريخية خضعت لها الصيرورة التاريخية المنتمية لها فالمعروف يقول الاستاذ محمد جابر الانصاري ان اي دولة حتى تتمكن من اعلان نفسها انها دولة قانون وتمثل كل المجتمع يجب ان يتوفر شرطان خضعت له جميع الامم وانظمتها وهما( الثبات) (الاستمراري) ولكننا نلاحظ ان الدولة العربية الاسلامية لم تشهد ثباتاً فنلاحظ ان عاصمتها قد انتقلت من مكان الى اخر مما يعكس نوعاً من الارتباك والاختلال في استقرار الدولة وايضاً نلاحظ عدم استمرارية الدولة العربية الاسلامية ممثلاً في نظامها الرسمي فنلاحظ مثلاً انه في لحظة تأريخية قيام ثلاث خلفاء في وقت واحد كل يدعي منهم انه الممثل الرسمي لهذه الدولة مما يعكس حالة الفوضى والتشرذم الذي شهده النظام العربي الرسمي وهكذا استمرت السيرة التراجعية للدولة والنتيجة الطبيعية لنهاية هذه الدولة على يد الغزو المغولي الى بغداد عاصمة الدولة العربية الاسلامية ونهاية نظامها الرسمي وزاد في الامر بلة ومع تقادم الزمن ظهور الدولة العثمانية بكل امراضها العنصرية والطائفية وانعكاس ذلك على المجتمع العربي وانظمته. ان الدولة التي عرفها الشرق هي دولة ميكافيلية تلغي الاخر وبالتالي لم نعرف دولة الطمأنينة والرفاهية كما عرفتها الشعوب الاوربية والتي يفاخر المواطن الاوربي بالانتماء اليها والتي هي دول الحق كما يدعون لا بالمعنى الذي قصده الفيلسوف هيجل قاصراً بها الدولة الباسماركية ذي النزعة العسكارتية بل دولة الحق( وهنا ليس المقصد بالحق المعنى الديني بل الفكري) التي يشعر بها المواطن انها بسطت القانون والعدالة وانها دولة المؤسسات المدنية والتي فيها السلطات الثلاث القضائية والتشريعية والتنفيذية مستقلة عن بعضها البعض وكل هذا يتفق مع مانادى به الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو صاحب نظرية العقد الاجتماعي والذي تساءل يوماً هل الحكومة هي مجرد مندوب عن الناس ام ممثلة لهم وايضاً هل الحكومة هي الدولة أم انها مجرد جهاز حكومي يسير حياة الناس فنلاحظ اذاً ان الغرب تحكمه الشرائع بينما الشرق يحكمه الملوك الاستبداديين.
يتضح من كل هذا ان العرب لم يعرفوا الدولة بشكلها الناضج المعاصر بل عرفوا نوعاً من انظمة الدولة الكلاسيكية هو قمعي وتسلطي ينتمي الى ماضي سحيق لايتلائم مع الحاضر المعاصر ونتيجة لهذا يمكننا ان نشخص عوامل التردي البنيوي في مفاصل وبنية النظام السياسي العربي ومنها العراق والذي ورث كل امراض الانظمة السلطانية الاستبدادية السحيقة والتي مررنا بذكرها وان لنا ان ننهض ببناء دولة عصرية مدنية يسود فيها القانون والعدالة لكل الناس فالامم التي لا تستفاد من اخفاقاتها لا تستحق العيش وكما قال الفيلسوف الانكليزي ارنولد توينبي صاحب نظرية ة التحدي والاستجابة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أنباء متضاربة عن العثور على حطام مروحية الرئيس الايراني


.. العراق يعرض على إيران المساعدة في البحث عن طائرة رئيسي| #عاج




.. التلفزيون الإيراني: لا يمكن تأكيد إصابة أو مقتل ركاب مروحية


.. البيت الأبيض: تم إطلاع الرئيس بايدن على تقارير بشأن حادثة مر




.. نشرة إيجاز - حادث جوي لمروحية الرئيس الإيراني