الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مهرجان السينما العالمي في روتردام، وأحلام محمد الدراجي

موفق الطاهر

2006 / 1 / 31
الادب والفن


في يوم الجمعة 27 يناير كانون الثاني كنا قد أستمتعنا كثيراً بمشاهدة الفلم (أحلام) لمخرجه الشاب محمد الدراجي الذي أشترك بإنتاجه كل من العراق وبريطانيا وهولندا. تدور أحداث الفلم في بغداد بعد سقوط صدام، حول هروب معظم المرضى المصابين بصدمة عصبية كبيرة، بعد قصف المستشفى (السجن!) الكئيب الذي كانوا يرقدون فيه أثر قنبلة أميركية ليضيعوا بشوارع بغداد التي عمتها الفوضى والسرقات... (أحلام) وقد أختطفت عصابات صدام زوجها وحبيبها من حفل زفافهما، ليخربوا عرسها الذي طالما حلمت به مع حبيبها.. و(علي) الذي يحاول إنقاذ أعز أصدقائه من إصابة بعد قصف أمريكي عنيف في (ثعلب الصحراء) وهم في وحدتهم العسكرية على الحدود السورية، وهو المصاب أصلاً، فتأتي سيارة مخابرات في اليوم الثاني وبعد أن أعياه التعب والإصابة لتقلهم إلى السجن بعد أتهامهم بالهروب، لتحكم عليه (محكمة الثورة الكارتونية!) بقطع صيوان الأذن والسجن...
كان الفلم رائع بحق، رائع بتصويره والأماكن التي أختيرت لتصوير مشاهد الفلم وأبقى المخرج على كل شيء كما هو، كالبيوت والشوارع التي تم التصوير بها، وذلك ما لم نعهده كثيراً في الأفلام العراقية السابقة على قلتها.. وهذا هو سحر نجاح الفلم على ما أعتقد. وقد أثرت بنا الكثير من المشاهد، وأظن بأن المخرج قد أبدع في ذلك المشهد الذي يصور على شاطئ دجلة عائلة تشرب الشاي، ويأتي بعض عصابات صدام من المخابرات أو الأمن ويختطفوا أحداً أمام عيون الناس، وفي وضح النهار..!
لم أكن يوماً ناقداً سينمائياً ولكني رأيت الكاميرا تتحرك بتناسق كبير ورائع بين المشاهد، وبين الممثلين. لم ألحظ أي خطأ سوى في بعض المشاهد عندما تنتقل الكاميرا من مشهد إلى مشهد آخر في زمن آخر، فأن الشاشة تسودّ لثانية أظنها طويلة على المشاهد، لاسيما إن كانت بلا موسيقى... أما الموسيقى فقد أبدع بها الموسيقار نصير شمه، وقد أمتعنا بها فعلاً في كل مشاهد الفلم... وقد كان المخرج موفقاً في أختياره لأحد الجنود صاحب الصوت الجميل الرخيم، يغني أغانينا القديمة تلك التي لا تنسى أبداً، وتلك التي نرجع إليها كلما ضاقت بنا الدنيا، أو جمعنا حفل أو مناسبة!
أما مشهد الباص الذي ينقل الجنود وبعض الضباط إلى وحداتهم فقد كان رائعاً بحق! لم يكن فيه أي نقص، ظهر على حقيقته تماماً بعجرفة وعنجهية الانضباط العسكري الفارغة. وأبدع الممثلون في هذا المشهد، وقد أنتبه المخرج على كل اللقطات الصغيرة التي لا تجد مثيلاً لهكذا أنتباهات سوى في روائع الأفلام الهوليودية، والتي غالباً ما تفوت المخرج العربي!
يبقى فقط مشهد واحد، فقط هو الذي أحسست أن فيه نقصاً وربما كان على المخرج دراسته أكثر. ذلك هو مشهد الأغتصاب الذي كان في تصور المخرج كما حدثّنا بعد أنتهاء العرض بأنه مهم في الفلم ولا يريد أن يستغني عنه... لم يكن فعلاً للفلم أستغناء عن ذلك المشهد، فقد حاول المخرج أن يصور فداحة تلك الجريمة القذرة، لولا أن كاميرته كانت قد ركزت على قطرتين من الدماء بعد إكمال عملية الأغتصاب، وقد بدت لنا وكأن الجريمة الكبرى هنا هي بفض بكارة تلك الضحية، وليست هي بأرتكاب أولئك المجرمين تلك العملية القذرة، عملية الأغتصاب الجماعي لفتاة بريئة، كانت هي أولاً ضحية ظلم الطغاة الحاكمين، ثم ضحية القصف الأمريكي، لتصبح ضحية الفوضى التي أجتاحت عموم العراق بعد سقوط الصنم... قال أحد الأصدقاء العراقيين بأن هذا الفلم موجه أصلاً للجمهور العراقي قبل أن يكون موجهاً للجمهور الأوربي! وأتساءل لماذا على الجمهور العراقي أن يكون دائماً ضحية الأعلام؟ لم لا يكون عليه أن يعي بأن المرأة أو الفتاة المعتدى عليها هي الضحية، وعلينا أن نطالب بالقصاص من أولئك المجرمين؟ لم لا ندعو بأعلى أصواتنا أن تلك الفتاة وغيرها هي ضحية وعلينا أن ندافع عن حقوقها كإنسانة أولاً، ونساعدها في تجاوز تلك الصدمة لترجع إلى حياتها الطبيعية ثانية؟ ولا أن نحاسبها على جرم لم ترتكبه، أو نحكم عليها بغسل العار الذي لم تجلبه هي بنفسها، بل أولئك المجرمون؟ كم من ضحية وقعت فريسة لأولئك الأشرار خلال هذه السنوات العجاف التي يمر بها الشعب، لترجع لبيتها لتواجه تهمة أخرى غالباً ما يكون عقابها هو الموت!؟ وكم من ضحية أفترسها أولئك الوحوش وتركوها لتهرب من واقعها ومن أهلها ومن قساوة المجتمع!؟
ولكن لنرجع إلى الفلم الذي انتهى بأمل كبير، وبقاء (أحلامنا) على قيد الحياة وعثور أهلها عليها بعد ضياعها. أي ببارقة أمل لحياة أفضل للعراق والعراقيين... كان الفلم رائعاً، وقد تم تصويره بظروف كانت هي الأسوأ لكل سينمائي. وقد تعرض كادر الفلم لأكثر من مرة للأختطاف من قبل جنسيات (متعددة!) ولكنه أبى إلا أن يباشر تصوير الفلم ويعمل على إنهاء تصوير مشاهده رغم كل القساوة التي رأوها هناك!
نشد على أيدي البطل محمد الدراجي ونصافحه بحرارة، ونهنئه كثيراً على نجاح الفلم، فقد سمعت من الفتيات اللاتي كن يقفن بباب صالة العرض ليجمعن بطاقات التصويت على الفلم من قبل الجمهور الذي كان رائعاً، بأن كل البطاقات كانت تعطي درجة 5 أو 4 للفلم، أي ممتاز أو جيد جداً... تحية إلى كل الكادر الذي ساهم بإنجاح الفلم ليظهر بتألقه الذي رأيناه، وتحية إلى أولئك الممثلين الذين كانوا هواة، يمثلون لأول مرة، وأولهم أحلام وعلي. وتحية إلى كبار الممثلين بهجت الجبوري وطالب الفراتي الذي وافاه الأجل بعد الانتهاء من تصوير الفلم.
وأدعو كل العراقيين المقيمين في هولندا الذين فاتهم مشاهدة الفلم إلى اغتنام فرصة عرضه مرة أخرى على قاعة 5 (سيناراما Cinerama) في ويستبلاك 18 في روتردام الساعة 19:45 في يوم الجمعة 3 شباط فبراير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انتظروا لقاء مع أبطال مسلسل دواعي السفر وحوار مع الفنان محمد


.. فاكرين القصيدة دى من فيلم عسكر في المعسكر؟ سليمان عيد حكال




.. حديث السوشال | 1.6 مليون شخص.. مادونا تحيي أضخم حفل في مسيرت


.. لم أعتزل والفوازير حياتي.. -صباح العربية- يلتقي الفنانة المص




.. صباح العربية | في مصر: إيرادات خيالية في السينما خلال يوم..