سعد سلمان
النظام العراقي ليس نظاما ديكتاتوريا, ولكنه بربرية بدائية
الفيجارو : الآن , ينظم دعاة السلام تظاهرات ضد الحرب في العراق, وأجدك لست معهم؟

سعد سلمان:هؤلاء الناس الممتلئين بأحاسيس طيبة, والذين يرون الحرب كأبشع الأوجاع, عندهم حق, ولكنهم ينسون بأن الشعب العراقي في حالة حرب متواصلة منذ ثلاثين عاما.
صدقني, إنه من الأفضل بأن تكون هناك نهاية مرعبة من استمرار رعب بدون نهاية.
بالنسبة لي, كيساري قديم, وأحمل منذ زمن القضية الفلسطينية معي, وأحب فرنسا التي لا أنسي فضلها علي,أنا مستاء جدا , لأنني لم أسمع في خطابات المسئولين الفرنسيين كلمة تعاطف واحدة مع الشعب العراقي في محنته .

الفيجارو : بالضبط, أليس من المرجح بأن يتحمل الشعب العراقي العبء الأكبر من هذه الحرب ؟
 
 سعد:  عند كل صباح, تتجه عيون العراقيين نحو السماْء, بالمعني المجازي والواقعي للكلمة, بانتظار الخلاص, إنهم يعون جيدا, بأنه لن تكون هناك حربا حقيقية, حتى أقرب المقربين من صدام حسين لن يدافعوا عنه.
قبل أيام, اتصل بي عراقي بعثي كان مارا من الأردن, وقال لي مندهشا )ما حاجتهم إلي حلف الأطلسي,؟ يكفي قنبلة واحدة للقضاء على صدام حسين( هذا صحيح, بالفعل, يكفي في الحقيقة شرارة صغيرة.
في عام 1991 عند نهاية حرب الخليج الثانية, انتفض الشعب العراقي بأكمله, وخلال ساعات, حررت أربعة عشرة محافظة عراقية, ولكنه, في غضون أسبوع, وبسبب التواطؤ الخارجي,  تمكن صدام حسين من إعادة ترتيب جيوشه, وسحق الانتفاضة بقسوة دموية أمام لامبالاة العالم أجمع, والعراقيون اليوم ليسوا على استعداد لأن يعيشوا هذه التجربة مرة أخرى.

- لقد رجعت إلى شمال العراق بعد ثلاثين عاما من المنفى, كيف وجدت حال بلدك؟

سعد: كل العراق تحت التعذيب, الأرض, السماء, البيوت,....  والحجارة.
منذ ثلاثون عاما, يدمر صدام حسين, وبشكل منهجي كل مقومات المجتمع, لم يعد هناك مجتمعا عراقيا اليوم, ولكن, هناك أفرادا يعيشون حالات عصابية, ودوائر حلزونية من المنتفعين من أقرباء صدام حسين وأعوانه, الذين يديرون عمليات النهب والتهريب,... النظام العراقي ليس نظاما ديكتاتوريا, بل بربريا بدائيا.
الخوف يجثم في كل زاوية, اليوم, كل عراقي لا يفكر إلا بنفسه, وبخلاصه الشخصي, وعند أي نزاع, وأقل مشاجرة, يخاف الواحد من الأخر, من أبيه, من زوجته, من ابنه, ......

- فيلمك Baghdad on/off يجسد نفسية العراقي اليوم,  لماذا لم تعرضه التلفزيونات الفرنسية حتى الآن ؟

سعد: بصراحة, لا تريده التلفزيونات الفرنسية, لأنه فيلم لا يقدم الصورة التي يبحثون عنها, ويريدون ترويجها للرأي العام, لقد قال لي أحد المسئولين في قناة Arte بعد مشاهدته للفيلم, بأنه يفتقد لتوازن الآراء, وليس هناك فيه شخص واحد متعاطفا مع صدام,....
في الحقيقة, هذا رأي يدعو للغضب والاستغراب, ففي فرنسا يسجن من يروج لهتلر وللأفكار النازية, ولكنهم يريدون مشاهدة وسماع من يروج لصدام حسين, ونظامه ؟
أجرى الحوار : Vianney Aubert