الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل فعلا يتغير الأعداء مع تغير الصباح والمساء !؟ الحلقة 2

محمد علي الحلاق

2017 / 6 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


استطاعت تلك الدول والقوى والأحزاب والحركات كافة من الانتصار على قوى الثورة ، التي لم يتبقى منها في الساحة السياسية وقت حدوث الانقلاب غير (الحزب الشيوعي العراقي) بعد انسحاب حزب الطبقة البورجوازية الوطنية والطبقة الوسطى (الحزب الوطني الديمقراطي) .
ونجحت من اغتيال الثورة ووليدها (الجمهورية العراقية الفتية) ومعها اغتيل حلم الغالبية العظمى من العراقيين في وطن حر ومستقل استقلالا اقتصاديا وسياسيا كاملين وذو سيادة تامة على ارضه وسماءه ومياهه يعيش فيه ابناؤوه بحرية وكرامة ومساواة .
ومنذ ذلك اليوم (الحالك السواد ) يوم 8 شباط 1963 (14 رمضان ) لم يعرف العراقيون يوم فرح حقيقي ،حيث ابتدأت ايام ( العقب الحديدية) ولحد هذه اللحظة التي نعيشها اليوم والتي انعكست حتى بأغانينا العاطفية "يكَولون غني بفرح .. وآني الهموم غناي "!!.
ولمتطلبات مرحلية خطط لها الاستعماريون (بريطانيا واميركا )، فقد تعاقبت ادوار قوى الثورة المضادة التي إئتلفت بـ (الجبهة القومية – الاسلامية ) وحيث ان كل تلك القوى كانت تعتبر (الحزب الشيوعي العراقي ) هو عدوها الاول ا والرئيس ،فكان ان انيطت بـ (البعث الفاشي) مرحلة تصفية وإبادة ذلك الحزب لكونه كان (فصيل رأس الحربة) للقوى الوطنية – الثورية في العراق .
ولتأكيد ذلك ، يورد الدكتور الراحل (علي كريم سعيد) في كتابه الهام (من حوار المفاهيم – الى حوار الدم – مذكرات طالب شبيب) يورد رسالة ارسلها له احد قادة الضباط القوميين (الناصريين) الذين شاركوا بفعالية بانقلاب 8شباط وهو (اللواء الطيار الركن عارف عبد الرزاق ) الذي صار نائبا لرئيس الجمهورية ورئيسا للوزراء ووزيرا للدفاع في عام 1965 في فترة حكم الخائن (عبد السلام عارف) .
قال فيها :" ان الهدف الأول لـ(ثورة) 8 شباط لم يكن قتل عبد الكريم قاسم لكن الهدف كان تصفية الحزب
الشيوعي) ..!!.
ثم جاءت كما ذكرنا مرحلة القوميين التي تناحرت فيما بينها (بين اجنحتها المختلفة) ليتغلب بعد ذلك الجناح الرجعي الذي اعاد الأعتبار للكثير من القوى والشخصيات الرجعية المحسوبة على النظام الملكي المباد ، كما شهدت تلك الفترة نشاطا كبيرا (شبه علني) للحركات والاحزاب الاسلامية التي عاشت فترة ازدهار في عهد (الاخوين عارف)
وبسبب تنامي قوة الحركة الثورية من جديد وعودتها للساحة السياسية العراقية بقوة وفعالية كبيرتين وبمنهج وفكر ثوريين .
بلغت ذروة تلك العودة السريعة والقوية للـ ( الحزب الشيوعي العراقي) الى حلبة الصراع والنضال الوطنيين في العراق عامة وفي بغداد العاصمة بشكل خاص في نهاية عام 1967 ، حينما اكتسحت قوائم الحركة الثورية انتخابات كل من الطلبة والعمال التي جرت في ذلك العام ، حيث حصلت قائمة (كفاح الطلبة) على نسبة 97% من اصوات الطلبة حتى في (كلية الشريعة) ، معقل الحركات الاسلامية وكذلك كان الحال مع قائمة (كفاح العمال) .
وعلى اثر ذلك دقت نواقيس الخطر في كل من لندن وواشنطن والرياض وبيروت ،فجرى عقد اجتماع تشاوري لأجهزة مخابرات كل من (بريطانيا والولايات المتحدة واسرائيل والسعودية ) في بيروت ، حضره عن القوى الرجعية العراقية (ناصر الحاني) الذي كان يشغل وظيفة سفير العراق في (الرياض) ، صار عراب انقلاب (17 تموز 1968 الذي جاء بالبعثيين الى السلطة مرة ثانية ،ثم سرعان ما جرى تصفيته جسديا لدفن اسرار الإنقلاب معه.!؟
فأعيد البعث الفاشي الى السلطة من أجل استكمال انجاز المهمة التي اوكلت اليه بالأنقلاب الأول 8شباط 1963 وهي الإبادة التامة للحركة الوطنية – الثورية العراقية ،ممثلة بـ (الحزب الشيوعي العراقي) . وإنهاء تأثيرها في الساحة السياسية العراقية وانهاء دورها بنشر المعرفة والثقافة العلميتين – التقدميتين في عموم العراق من الموصل وحتى آخر نقطة حدودية في البصرة ومن السليمانية حتى (عنه وهيت وآلوس وكبيسة) في الأنبار ومن اربيل حتى السماوة والناصرية .
لم تكن هذه الأهداف الوحيدة المتوخاة من ذبح الحركة الثورية العراقية، لكن كانت هناك اهداف اهم واخطر ومنها قتل الروح الوطنية التي ربت تلك الحركة( مدرسة وكلية يوسف سلمان "فهد" الجامعة ) اجيالا عديدة من انبل واشرف وافضل الشابات والشبيبة العراقية عليها وطيلة اكثر من اربعين عاما متواصلة .
نعم كان الهدف الأكبر هو قتل (الروح الوطنية ) وكل ما كانت ترتبط بها وتعتبر مكملا وجوديا وطبيعيا وعناصر اساسية لها ، وهو التمسك بالقيم النبيلة والمبادئ السامية والمثل العليا والتي تشكل بمحموعها (منظومة القيم العراقية) ،التي عمل الشيوعيون العراقيون وعلى امتداد اكثر من اربعة عقود على بثها وتعليمها ونشرها ليس فقط للشبيبة العراقية . بل ولكل العراقيين صغارا وكبارا ، رجالا ونساءا وفق المبدأ الذي اعتمده (باني الحزب وقائده الكبير) (الشهيد الخالد يوسف سلمان فهد) وهو مبدأ (قوة المثل) .
ومنها على سبيل المثال لا الحصر : 1- حب الوطن بل عشقه حد الاستعداد للموت في سبيله ، والبكاء حين يذكر اسم العراق .
2- الغيرة عليه ، لقد علمنا معلمونا ورفاقنا الاقدم منا (انه اللي ماعنده غيرة على وطنه وارضه .. ماعنده غيرة على بيته وعرضه) ،3- بث (روح الجماعة) ونبذ الفردية و (روح الأنا ) 4- بث (روح المصلحة العامة)والعمل من اجل الناس الاخرين طوعا ونبذ (روح المنفعة الشخصية) 5- الأنخراط بالشأن العام ومتابعة كل حدث له تأثير في حاضر الوطن ومستقبله. 6- بث قيم (الايثار ) (يؤثرون على انفسهم ولو كان فيهم خصاصة )،( الحرص) (الاخلاص) (الصدق) (الامانة) (النزاهة) (الوفاء) .
لقد استطاع البعث الفاشي ولأسباب متعددة منها موضوعية وفي مقدمتها دعم واسناد (الغرب والشرق) سوية لنظامه الفاشي وذاتية واولها واخطرها ما اقدمت عليه قيادة التيار اليميني – الانتهازي للحركة من عمل وتحت ضغط (قيادة الاتحاد السوفياتي السابق ) بالموافقة على الدخول مع (قتلة رفاقهم ، خونة الوطن وعملاء الاستعماريين ) (البعث الفاشي) بجبهة سياسية عام 1973 .
نعم لقد استطاع البعث الفاشي من ان ينجز مهمته هذه المرة ، حيث اتمها على احسن وجه .
فلم يعد هناك بعد ذلك وللأسف الشديد ولحد هذا اليوم اي دور فاعل للحزب الشيوعي العراقي وبكل تنظيماته في الساحة السياسية العراقية ، كما انعدمت القيم والمبادئ الوطنية والاخلاقية . ومثلما حصل للحزب الشيوعي الاندنوسي ، بعد انقلاب (الجنرال سوهارتو) عام 1964.
وحيث لم يكتفي (البعث الفاشي) بقتل الروح الوطنية واعدام المعرفة والثقافة واسقاط (منظومة القيم العراقية) التي اشرنا اليها بالاسطر الماضية . لكنه عمل على بث ثقافته التخريبية في صفوف الشبيبة والمجتمع بأجمعه واهمها مفاهيم (الشعلية) وتكريس (الروح النفعية المبتذلة) وتعميم (التجهيل) ومحو ( الذاكرة الوطنية) وعمل وبتخطيط من اسياده الاميركان على التمهيد للمرحلة الحالية ، ليس فقط كما قلنا بانهاء دور الشيوعيين العراقيين واثرهم في العمل السياسي وفي المجتمع . بأعتبارهم من علَم الغالبية العظمى من العراقيين على كره الاستعمار والرجعية ومحاربتهما ، لكن ايضا بالتمهيد للأحزاب الأسلامية وذلك بما سمي بـ (الحملة الايمانية) وكذلك اضعاف سلطة الدولة واسقاط هيبتها ،باعادة انتاج (شيوخ العشائر والعشائرية) التي عادت هذه المرة على شكل مسخرة .
لقد اكمل البعثيون العملاء مهمتهم على اتم وجه ، واحسن مايكون فنظفوا الشارع العراقي من كل الوطنيين المعادين للاستعمار و الرجعية ، وافرغوا حتى الفضاء من كل نفس وحس وطني .ثم قامو بتعبيد الشارع بجماجم المناضلين والمجاهدين الشهداء واناروه بحرق قلوب واجساد النساء والرجال ، الصغار والكبار ، بحروبهم التي شنوها بالنيابة عن اسيادهم ، وبالحصار الاجرامي الذي فرض على العراقيين بالاتفاق والتوافق معهم.
كل ذلك حصل حتى تمر دبابات (ابرامس) والهمر والهمفي العائدة لجيوش المحتلين البرابرة ، بأمان وسلام لتنفيذ المرحلة الجديدة – مشروع تدمير وتقسيم العراق وذبح وتشريد شعبه ونهب خيراته وسرقة امواله وثرواته . ونشر الموت والجهل والظلام والفقر وروح الاستسلام في ربوعه.
مرحلة (عملية بريمر – ساويرز* السياسية)
* ساويرز : سفير بريطانيا ونائب بريمر . وهو ما يؤكد اشتراك كلتا الدولتان في مشروع احتلال العراق .
يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الولايات المتحدة و17 دولة تطالب حماس بإطلاق سراح الرهائن الإ


.. انتشال نحو 400 جثة من ثلاث مقابر جماعية في خان يونس بغزة




.. الجيش الإسرائيلي يعلن قصف 30 هدفا لحماس في رفح • فرانس 24


.. كلاسيكو العين والوحدة نهائي غير ومباراة غير




.. وفد مصري يزور إسرائيل في مسعى لإنجاح مفاوضات التهدئة وصفقة ا