الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كلما حبل المكان بي ،أنجبتني الهوامش

عبدالله مهتدي

2017 / 6 / 4
الادب والفن


كلما حبل المكان بي ،أنجبتني الهوامش
كيف لي أن أبتكر فرحا
يليق بكل البهاء الذي يسكن رقة الماء
ينتمي للتفاصيل الصغيرة للظلال
للقبلة الأولى
وللعائدين فجرا من حروب ما
يلمعون خشب النصر بالدموع
ويخونون المناديل التي جففت أسرارهم
أنا الجاثم فوق حواشي الليل
أرثي شجر الماء
وأوبخ البلاد الواقفة على حافة الخسران
لي يد أخيط بها كفن الفضيحة
بها أنحث ثقبا في جدار اليأس
لي عين أرى بها الماضي في غبش العتمات
لي حديقة أتمرن فيها على الصراخ
بعد أن هرَّبت الأشجار إلى قلبي
ورحَّلت الطيور إلى مدن الماء
لي دهشة المريد
ورعشة المشتاق
لي حانة أشحذ فيها الغياب
أقيم خياما للذاهبين إليَّ
وأحرسها من القيامة
أبني قلاعا في الريح وأنسفها
أحرق مراكبي وأصنع سفنا
تليق بالسفر إلى الجحيم
أحمي النسيان من أصابعي
التي تكتب وتمزق جسد الحروف
لن أصدق
أن العربات التي عبرت بها إلى الحلم
تلاشت في الفراغ
وأن الحكايا التي اخترعتها
لأطفال المدن المدفونة داخلي
كانت خديعة
كي لا تحس البراءة بقدوم الزلزال
وأن الماء الذي تفجر على كف قصائدي
كان طفولة غيم نابت في سقوف سماء شمطاء
ها أرمي بكل رسائلي في الريح
وأنتظر أن تمطر سحب الفراغ
أهش على الذكريات
فيرأف بي النسيان
أمشي لتعبرني الطرقات
كأن المتاريس التي نبتت على خدوش الضباب
قد سدت كل المنافذ لحدائق الروح
لا أزهار مسائية أقايض أريجها بالهواء
أزفها لأصابعي
قبل أن تسوقها الريح بعيدا في خلاء الغياب
لا سرير أفيق عليه صحواً كالخرافات
لا قلب أجثو على بابه
لتختلج أنفاس الدعابة داخلي
لا بيت أحميه من بَرَد الشتاء
مثل الطريدة أنا وقد حاصرها بين حاجزين
رصاص الغزاة
كيف لي أن أعيد زرقة الماء لثغر الشفاه
أن أنصت لزفرة الجرح في أنفاس الحلم
أن أمطر وجعا رقَّ قلبي
لطيش الريح في غماماته
وأشفق على الطرائد التي
أوقعتها الصدف البليدة في المكائد
كأني وُلدت تحت شجر المرارات
عُجنت من طينة منزوعة من حجر الفضيحة
ودُعكت بريق الخسارات
انسللت خيطا فخيطا من كُبَّة النسيان
وذُبت في صداع الروح
جسدي رمية نرد
وعيناي كوكبان صغيران
لي أصابع رقيقة كخيط الريح
وأظافر من نحاس
أجرح بهما حائط الصمت
كي تنمو الفراشات في عشب النعاس
أنا المنتمي لجرح الغيم
أبدو كشيخ أضاع طفولة الكلمات
كشامة سوداء على جدار بنيته
حجرا حجرا
من تراب الحلم
كناي يوزع نحيب موتى دفنتهم داخلي
ورميت مفاتيح المقابر في غيهب الذكريات
لي يدان أجمع بهما مياه المطر اليابس
ليكبر في قصيدي شجر التيه
لي حروف بها أبتكر المرايا
لنساء يُجدن الخديعة
مثلما يُجدن ابتكار المفاتن
في أعراس حمقاء
لعشاق يسكنون مدن الغياب
ربما كان علي
أن لا أكتفي باقتفاء أثر الدموع على الجدار
لألقي رثاء يليق ببهاء الفجيعة
أو ربما كان على لاعب النرد الذي كنته
أن لا يثق في رشاقة الأصابع وحدها
فقد لا يسعفها حظ رمية عمياء
أو ربما كان على الجندي الذي كانه أبي
أن يدري
أن الخدعة في الطلقة الأولى
فقد يبتسم الرصاص في سره
هازئا بالأيادي التي ضغطت على الزناد
أو ربما كان علي أن أتعلم قراءة الكف
لأخون العرافة على سرير النعاس
فلي طيور
يممت جهة الخرائب المحاصرة بثلج الخديعة
لي أصابع
غاصت بعيدا في دم الكلمات
تغسلني في ماء الكتابة
من صداع الطرقات
كأنما أصحو مكتمل النسيان
فكيف لي أن أغسل حجر الكلام
أزيل الرتابة من شفاه الحروف
كأنما أحفر روح الهواء
بأظافري المصنوعة من خشب النعاس
أدغدغ حواس العشب لأنتمي للريح
للقبائل التي انقرضت تحت حوافر القرصان
للتلال العزلاء
للصمت الذي اعشوشب في صهيل الوادي البعيد
لخدش في الخريطة
لجرح في الجدار
أميل على الضباب
فتملأني دهشة الضوء
أترجل طرقا قصية داخلي
وأصعد سلالم معلقة
بسطوح الطفولات التي شاخت
قبل أن يهب الخريف
يسطو على كراريس أحلامها
كأنما أرخي السمع لآه نحيبها
كأنما صورتي لا زالت هناك
منسية في خربشات الأصابع
على حائط النسيان
وقد نسجتها المرايا من ألق الغياب
فالذكريات التي عبأتها في قارورة ورميتها داخلي
صارت يباسا
والبلاد التي رممت ثيابها
كلما أحببتها تُهتُ
وكلما كرهتها احترقت بي سفن الكتابة
فلست العربة التي تمضي بركابها إلى حقول الماضي
لست ساعة الحائط التي تزحف على أرجل من تراب
ولا قفل الحوانيت التي باعت مفاتيحها للريح
أنا الواقف على ركح الفاجعة
هل يكفي أن أرمي النرد على خطايا القلب
لأكشف أسراره للريح
كلما حبل المكان بي أنجبتني الهوامش
على مفترق الحلم
وقفت ألمع هامة الفقدان
بمناديل طرزتها زغاريد الرثاء
لي غربة الأشياء
واشتعال الخديعة في خصر الليل
لي الجسد المسكون بالصمت
الممتد في عزلة الكلمات
لي الشرفات التي طوقها الضجيج
فانفتحت على مكان القلب
كيف لي أن اكتب وأنسى
كي لا ترى المرآة أصابعي
مغسولة في حبر الكلمات
معلقة على البياض
وحيد أغازل وحشة الطين
ورهافة الماء
أمشي محاذيا عزلة الغيم
أرمم ثقوب الخسارات لأحلام النوارس
وأزين الفجيعة للضباب
أنا العائد في الذهاب
كيف لي أن أقايض
جرح الحضور
بجرح الغياب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. #كريم_عبدالعزيز فظيع في التمثيل.. #دينا_الشربيني: نفسي أمثل


.. بعد فوز فيلمها بمهرجان مالمو المخرجة شيرين مجدي دياب صعوبة ع




.. كلمة أخيرة - لقاء خاص مع الفنانة دينا الشربيني وحوار عن مشو


.. كلمة أخيرة - كواليس مشهد رقص دينا الشربيني في مسلسل كامل الع




.. دينا الشربيني: السينما دلوقتي مش بتكتب للنساء.. بيكون عندنا