الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لبنان ترويكا السياسة ..ترويكا الموت

مفيد عيسى أحمد

2006 / 1 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


لنستخدم لفظة الموت لتوصيف تلك الحالة الفيزيولوجية التي قال عنها لابلاس ( أنها مجرد فوضى ) و لا أظنه كان يتوقع الفوضى الأمريكية الراهنة و التي لا تخرج عن مواصفات الموت المعنوي و الفيزيزلو جي أحياناً..؟ أم أن منظري المحافظين الأمريكيين استفادوا من هذا التوصيف المختزل والغريب لحالة كانت مع بدء الإدراك البشري الباعث الأساسي للدين والفلسفة و أصبحت بالإضافة لذلك دافعاً فعالاً للي عنق الواقع السياسي..؟ سنستخدم هذا المصطلح الذي لا يحتاج شرحأ، لتناول أولئك اللبنانيون الذين تظهر صورهم على الحيطان وراء الزعماء السياسيين اللبنانيين في إطار كوادر كاميرات التصوير و أولئك الذين يترفع المعنيون بهم عن حشدهم في طريق أهدافهم و غاياتهم و لتشمل أيضاً أولئك الذين لا يذكرهم أحد .
كما أسلفنا سنستخدم مصطلح( موت ) لأن هذا المصطلح يشمل كل المصطلحات الأخرى الذي ابتدعت لتلطف تلك الحالة المريعة للغياب والعجز، فكل المصطلحات الأخرى تبدو ضمن عباءته منها (الشهادة ، القتل ، الإعدام..... ) ندرك أن الشهادة هي التضحية بالحياة لغايات نبيلة، و أن القتل هو الموت المجاني بفعل فاعل، و أن الإعدام هو الاستناد إلى عرف أو نص قانوني في إنهاء حياة ما جزاءً على جرم اقترفه صاحبها، كل تلك الحالات ستتوحد في مصير واحد.
يظهر بعض السياسيون اللبنانيون و خلفهم موتاهم، الذين انتهت حياتهم غيلةً في خضم تناحرات سياسية بدأت في السابق و مازالت ممتدة إلى الآن مع تغير المواقف وفق معطيات مستجدة. فهم وفق ذلك يدخلون المعركة من وضعهم الستاتيكي الأبدي كصور معلقة على الحيطان و كمواقف اتخذوها سابقاً و أفكار و مبادئ توقف تطورها و تبدلها حين وفاتهم.
لكن هذا لا يبدو صحيحاً خاصة بعد أن أعيد حشدهم في السجال السياسي الجاري الآن في لبنان، بصورهم المعلقة كما أسلفنا و بمواقفهم و مبادئهم التي يدعي ورثتهم السياسيون و الفيزيولوجيون، الإخلاص لها و تبنيها و النضال في سبيلها في المعركة السياسية الحالية. و بطرق موتهم التي يصر ورثتهم على توصيفها بالشهادة،
إذاً هم ماتوا فيزيولوجياً فقط هذا ما يود أن يخبرنا به ورثتهم و هذا ما نحن مضطرون للتعامل معه، مع الأخذ بالحسبان أمر في منتهى الأهمية هو أن بالإمكان تقويل الميت ما لا يقول و ربما ما لا يريد قوله وتبنيه لو كان حياً و هو أمر لا يحتاج إلى كلام، يكفي تعليق الصورة خلف من يتكلم ليبدو و كأنه يؤازر ما يقال.
هكذا تظهر نائلة معوض في تلقي بياناً صحفياً فيه من الفائض الكلامي ما يغني عن سماعه و من تكرار مواقف الآخرين ما يغني عن الاهتمام به و المرحوم الرئيس رينيه معوض خلفها بنظرته الوادعة و المستغربة.
و يظهر الزعيم كمال جنبلاط خلف الزعيم الظاهرة وليد جنبلاط و هو يبدل مواقفه و تصريحاته و يسوق كلامه في أقانيم تبدو للسامعين عبثية وهي ليست كذلك مطلقاً فالرجل يعمل على التهيئة لمشروع عمل عليه من قبل والده إنما بشكل أذكى و أدهى ، لذا تبدو تلك النظرة الهادئة من العتب في عيني الأب في الصورة .
أما بشير الجميل فيبدو بنظرة مفجوعة... خلف ورثته و خلف اتفاق 17 أيار الذي أبرمه الشيخ الرئيس أمين و ما يزال يشيد باستشهاد بشير و يقول كان اتفاقاً جيداً و يفهمنا أنه لم يكن بالامكان أكثر مما كان، له العذر أمين الجميل فهذه هي سياسة المنطقة ليس بالامكان أكثر مما كان، قالها الأمراء سابقاً و أنتجت ثورة و كان الظرف يختلف لكن حتى تلك الثورة التي تستجدي المباركة، كانت بمبادرة من قوى خارجية،
أهم و أشهر من اغتيلوا المرحوم الرئيس الحريري فدمه لم يجف إلى الآن و هو يظهر خلف لبنان بأغلبه إنما بشكل مختلف من طرف لآخر، فهناك الكثيرون ممن يظهر خلفهم لا يعتبرونه سوى أداة سياسية و حليف من الطراز الأول حتى في موته، و هم يحاولون إظهاره مثل ذلك الفارس من بني ربيعة الذي حمى أهله حياً وميتاً رغم إصابته بجراح مميتة صمد على حصانه متكئاً على رمحه و فارق الحياة و حصانه ساكن ، فظل يبدو و كأنه حي يمتطيه و هو ما منع الغزاة من التقدم. الرئيس الحريري كان حكيما و سياسياً مرموقاً و كان ممن حموا لبنان، وليس بحاجة لشهادة من أحد، لكن استغلال موته بتلك الطريقة المحمومة أحدثت الكثير من التشنج أصر عليه أطراف سياسية لغايات تتجاوز حقيقة اكتشاف من قتله و محاسبته و تتجاوز مصلحة لبنان.
لا مناص من ذكر الذين اغتيلوا أخيراً و ذلك تم بهدف التأثير بالواقع السياسي الحالي المتقلقل و سوقه إلى أهداف للطرف أو الأطراف التي تقف ورائها ، لقد ساهم من اغتيل في الترويكا السياسية .. و دخلوا ترويكا الموت ربما يستمر بعض تأثيرهم و ذلك بصورهم و مبادئهم.
ما يلفت الموقف المغاير للأستاذ غسان تويني الذي ترفع عن استغلال اغتيال الأستاذ جبران في مآرب سياسية و كان خطابه رزيناً و متعقلاً رغم الألم و مع استمرار حضور مبادئه في دعم قوى / 14 / آذار خاصة قسمه .
ليس هناك عائلة سياسية لبنانية، من زعماء الإقطاع السياسي أو غيرهم لم يقتل منها أحد( جميل، جنبلاط ، فرنجية، كرامي، حبيقة .. معوض.. سعد.. شمعون.. و الحريري إلخ )
هناك أطراف تترفع عن الزج بموتاهم في هذه المماحكة السياسية و هم يتعاملون معهم كملهمين و مع أفكارهم بإطارها التاريخي و لا يزجون بصورهم وسمعتهم فيما يحدث.
لكن ما الذي يدعو تلك الأطراف على استنفار و استدعاء موتاهم هل هو ضعف برنامجهم السياسي أو تكريس مشروعية ما يقومون به، أم تحيين أوقات مضت و حشد أكبر عدد ممكن شعبياً، ربما يكون كل ذلك إضافةً إلى التأكيد على اتهام جهة معينة يقتلهم و بالإرهاب وزيادة الضغط عليها بتحميلها مسؤولية كل من مات قتلاً أو حتف أنفه، و ربما السعي إلى المشاركة بتلك الخصلة السامية و هي الشهادة، و إفهام الآخرين أنها ليست حكراً على أحد.
ثمة موتى كثيرون لا صور لهم و إن وجدت لا يعرفهم أحد، الكثير ممن قتل في الحرب الأهلية أو بعدها وقبلها، لبنانيون و سوريون و فلسطينيون و من تبعات أخرى.
إنها ترويكا الموت، كما أن هناك ترويكا طائفية لتقاسم السياسة هناك ترويكا لتقاسم الموت، قدر اللبنانيون هكذا تقاسم كل شيء ، الزعامة، السياسة ، الاقتصاد ، الموت. قسمة ليست عادلة.
شيء واحد لا يجب تقاسمه ، الوطن ، يجب فقط المشاركة فيه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس.. كتيبات حول -التربية الجنسية- تثير موجة من الغضب • فرا


.. الشرطة الأمريكية تقتحم حرم جامعة كولومبيا وتفض اعتصام المؤيد




.. بصفقة مع حركة حماس أو بدونها.. نتنياهو مصمم على اجتياح رفح و


.. شاهد ما قاله رياض منصور عن -إخراج الفلسطينيين- من رفح والضفة




.. نتنياهو يؤكد أن عملية رفح ستتم -باتفاق أو بدونه-