الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا لو غرقت قطر؟

ناجح العبيدي
اقتصادي وإعلامي مقيم في برلين

(Nagih Al-obaid)

2017 / 6 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


ماذا لو غرقت قطر؟

كيف ستكون نشرة أخبار قناة الجزيرة فيما لو اندلعت موجة تسونامي عارمة في الخليج وابتلعت شبه جزيرة قطر؟ هذا السؤال الافتراضي والخيالي كنت أطرحه على نفسي بعد عام 2003 عندما كانت الجزيرة تغطي كل شاردة وواردة في العراق بعد الإطاحة بصدام حسين شريطة أن تكون سلبية. حينها كنت أجيب على هذا السؤال بالقول بأن الجزيرة ستبدأ نشرة أخبارها بنبأ عن تفجير في العراق وتُفصّل في دلالاته وتربطه بالمقاومة العراقية الشريفة ضد الغزو الأمريكي وتتجاهل ضحايا التفجير من المدنيين وبعدها وفي الموقع الثاني من النشرة يأتي خبر غرق قطر.
هذا ما حدث اليوم بالضبط عندما صحا العالم على إعلان السعودية والإمارات والبحرين ومصر قطع علاقاتها بإمارة قطر في خطوة غير مسبوقة تنذر بتفاقم صراع خطير في المنطقة . لكن هذا الخبر لم يستحق بنظر الجزيرة أن يأتي في مقدمة نشرة أخبارها وإنما فضلت البدء بتغطية مفصلة عن تسريبات لرسائل سفير الإمارات في واشنطن نشرها موقع هاف بوست شريك موقع هافينغتون بوست الأمريكي الذي قررت السعودية ومصر حجبه مؤخرا في إطار الحرب الإعلامية المستعرة مع الدوحة. وطال قرار الحجب أيضا قناة الجزيرة ووسائل إعلام أخرى ممولة من قطر بتهمة دعم الإرهاب.
لم تجد الجزيرة في قرار الدول الأربعة سببا كافيا لقطع برامجها فورا والبدء ببث مباشر يستمر لساعات طويلة رغم أنها تفعل ذلك في مناسبات أقل أهمية طالما أن ذلك يساهم في زعزعة استقرار بعض الدول التي لا تحظى برضا الإسلاميين الذين يتحكمون بسياسة الجزيرة الإعلامية. بل وبدأت القناة برنامجها اليومي "الجزيرة هذا الصباح" الذي تضمن فقرات عن خصوصيات رمضان في تركيا وعن إحدى الوجبات المفضلة في شهر "الصيام" وغيرها من الأخبار "الخفيفة". وحتى عندما تتناول الجزيرة خبر قطع العلاقات فإنها تحافظ بطريقة ملفتة للنظر على "حياديتها" النادرة وتكتفي بنقل الموقف الرسمي دون اللجوء للتحليلات الشهيرة التي تجعل من الحبة قبة عندما يتعلق الأمر بقضية تافهة أو مفتعلة في العراق وسوريا ومصر، وتجنبت الحديث بالتفصيل عن تداعيات القرار وتأثيراته السلبية على حياة المواطن القطري واقتصاد البلاد، وماذا يعني ترحيل القطرين من تلك البلدان ومنع الطائرات القطرية من التحليق في أجوائها وإغلاق المنافذ البرية؟
في المقابل طبلت وزمرت قنوات العربية والحدث وسكاي نيوز وهو تواصل تغطيتها الخاصة المباشرة بهدف الدعاية لقرار ممويلها. وبدت هذه القنوات وكأنها مستعدة منذ فترة طويلة لهذه اللحظة لكي ترد الصاع صاعين للغريمة والمنافسة الشرسة الجزيرة ومن يقف وراءها.
مذيعو الجزيرة المعروفون بـ"جرأتهم" في تغطية الأحداث في بلدان أخرى بدوا وكأنهم بلعوا لسانهم السليط وظهروا مرتبكين وفي موقف ضعيف وهم يبذلون قصاري جهدهم لتصوير الأمر وكأنه مؤامرة ضد قطر ويحاولون التهوين من التطورات الأخيرة التي كان لها بالتأكيد وقع الصاقعة على الدوحة وذراعها الإعلامي. وبدلا من استضافة مسؤولين وخبراء قطريين باعتبارهم معنيين مباشرة بالقرار وقادرين على تحليل دلالاته، فضل مقدمو النشرة الحديث مع ضيوف من دول أخرى ومنها الكويت الذين أكدوا من جديد على متانة "الأخوة" الخليجية.
الصراع السعودي-القطري وكذلك الخلافات الإمارتية-القطرية وبين الدوحة والقاهرة ليست جديدة وبدأت تتفاقم منذ الضجة التي أثارتها تصريحات نُسبت لأمير قطر وشككت في الموقف ضد إيران وحلفائها. لكن الخطوات الأخيرة تمثل منعطفا خطيرا يضع قطر في فوهة المدفع وسيجبرها لا محالة على مراجعة مواقفها. ولا يستبعد أن تحصل تطورات غير متوقعة في سياق الصراع القديم بين آل سعود وآل تميم. ومن الملفت للنظر أن التصعيد مع قطر بدأ بعد أيام قليلة من زيارة الرئيس الأمريكي ترامب للسعودية والتي تم فيها كما يبدو تبادل شيكين على بياض. الأول استلمه ترامب على شكل عقود بقيمة 480 مليار دولار والثاني حصلت عليها الرياض على شكل موافقة ضمنية لكي تتصرف باعتبارها شرطي المنطقة لا يتحمل أي اعتراض ويطالب الجميع بالسمع والطاعة. وفيما كانت الأنظار في البداية متجهة إلى إيران باعتبارها العدو المشترك، اصبحت فجأة قطر تنافسها لتبوأ هذا المركز.
سيشمت كثيرون بقطر، ولكن الدوحة تتحمل بالفعل قسطا كبيرا من المسؤولية فيما يحدث. وربما ينطبق عليها المثل العربي "على نفسها جنت براقش" لأنها كانت تنبح على الأصدقاء والأعداء على حد سواء وتحاول إضرام النيران في المنطقة متصورة أنه ستبقى بمنجى من ألسنة اللهب، ولكن النيران توشك الآن أن تحاصرها في عقر دارها. لقد تصورت قطر الصغيرة خلال العقدين الماضين أنها قادرة أن تصبح قوة إقليمية بفضل موارد النفط والغاز وامبراطورية الجزيرة الإعلامية، لكنها انتهت كضفدع ينفخ أوداجه للظهور ضخما ومخيفا أمام الآخرين. ويبدو أن الوقت قد حان لكي تعود إلى حجمها الطبيعي.
من المرجح أن يترك الصراع الخليجي الحاد بصماته على أداء الجزيرة، ولكن من المؤكد أن القناة الأوسع نفوذا في المنطقة قدمت في 5 / 6/ 2017 درسا جديدا بليغا في بؤس الصحافة.

د. ناجح العبيدي
5 / 6 / 2017








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - عودة المرأة النشاز
جلال البحراني ( 2017 / 6 / 6 - 10:01 )
آل سعود وآل ثاني
الموضوع وكأنه تأديب على الطريقة القرآنية! للمرأة الناشز
يريدون، الشقيقات الخليجيات من المتمردة أن تعود للبعل السعودي!
هناك خلاف كبير حدودي بين قطر والسعودية، الأخيرة ضربت القوات القطرية على الحدود أيام حمد بن خليفة ال ثاني، ربما 20 سنة، كان على أثرها بما أعلن حمد عن عقد اتفاقيات حماية مع الأمريكان وحل الجيش القطري!
لهذا ارتدع السعوديين عن مهاجمة قطر، وحل الخلاف القطري البحريني على جزر حوار بإحدى المحاكم الدولية.
البيان السعودي مضحك، يدعي أن قطر تساند ثورة الشيعة بالبحرين و القطيف، اتهامات لا أساس لها، قطر قامت بسجن بحارنة مشتبه بهم و تسليمهم للأمن عدة مرات!
هناك أنباء أن قطر امتنعت أو تماطل عن تسديد (الفدية) التي طلبها ترامب لهذا يعاقبونها وصرح الأمريكان أنهم لن يتدخلوا لو أراد الخليجيين عقاب قطر، بل يفكرون سحب قاعدة العديد
بعد أن استغلوا أموال قطر الفائضة جدا لتدمير ليبيا سوريا العراق إلخ، ها هم يرمونها رمي الكلاب، الدور على البعل الغبي
سوف تتسرب روائح عفنة فالننتظر،،، فعلوها وكأن ليس للشعوب وجود و قيمة نحن لا نهم، نحن لسنا موجودين تخيل دكتور!

اخر الافلام

.. قتلة مخدّرون أم حراس للعدالة؟.. الحشاشين وأسرار أول تنظيم لل


.. وكالة رويترز: قطر تدرس مستقبل المكتب السياسي لحركة حماس في أ




.. أوكرانيا تستهدف القرم.. كيف غيّرت الصواريخ معادلة الحرب؟| #ا


.. وصول وفدين من حماس وقطر إلى القاهرة سعيا لاستكمال المفاوضات




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - وفد من حماس يصل إلى القاهرة لاستكم