الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نكسة وانتصار في ذكرى واحدة

جمال ابو لاشين
(Jamal Ahmed Abo Lasheen)

2017 / 6 / 5
الارهاب, الحرب والسلام


نكسة وانتصار في ذكرى واحدة
بقلم/جمال ابو لاشين
قد يكون من مفارقات القدر ان يأتي يوم نكسة حزيران 1967 في ذكرى يوم انتصار أكتوبر1973والموافق للعاشر من رمضان فهل يمكننا القول ان هناك ذكرى (وهم هزيمة ووهم انتصار) أو انتصار بطعم الهزيمة. فللتاريخ كانت الصدمة أكبر من تحملها عام 67 فخُفِفَت الهزيمة لنكسة، والانتصار في أكتوبر لم يطول لأن السياسة ارادت ان تحصد باكراً ما وصل اليه الجيش لذا عده الكثيرين وهم انتصار فالنتائج لم تتساوى مع حجم المعركة وبطولاتها.
كتبت صحيفة دافار الإسرائيلية قائلة " منذ حرب الأيام الستة يخيل لنا أن اليهود والعرب قد تبادلوا أدوارهم التقليدية ففي الماضي كان من الممكن الاعتماد كلياً على العرب لإفشال أية مبادرة من أجل السلام دون أن نلطخ أيدينا، واليوم تغيرت الصورة فالعرب يظهرون في كل مرة مبادرات جديدة ومتلائمة مع الموقف الدولي أملاً منهم أن نقوم نحن بنسف الموقف.
وفي سبيل ذلك فإنهم بادروا إلى قبول جميع المشاريع التي تقدمت بها أطراف ثالثة رغم أن هذه المشاريع تجاهلت حقوق شعب فلسطين القومية، والإنسانية، وحتمت على العرب قبول إسرائيل كدولة قائمة ذات سيادة متنازلة بذلك عن الموقف العربي الرافض تقليدياً للوجود الإسرائيلي.
وأصبح الخط السياسي الإسرائيلي العام هو إرغام العرب بقبول الأمر الواقع والتسليم بشروطها، وبقدر ما مثلت نكسة العام 1967 صعوداً للتيارات الدينية المتطرفة تحت وهم فكرة ظهور المسيح بقدر ما ظهرت بدايات مبكرة للتغيرات الاجتماعية داخل إسرائيل مثل ظهور طبقة من صانعي حلم إسرائيل الكبرى من رجال الجيش وقادتهم المشاركين في الحرب، وصعودهم على مسرح الحياة السياسية بقوة كبيرة أمثال موشي دايان، واسحق رابين، واسحق شامير وارئيل شارون، وشمعون بيرس، وإعطاء هالة مقدسة للبزة العسكرية و التحول إلى مظاهر التدين و نشوء الصراع بين المدارس الدينية حول أهمية التجنيد العسكري و زيادة حدة الصراع الاجتماعي الطبقي بين اليهود (الاشكناز)و( السفارديم) فالأخيرين لم يعتبروا من الطليعة العسكرية الاشكنازية المسيطرة وأمام انتصار إسرائيل بقوا على هامش المجتمع الإسرائيلي".
كتب الحاخام ليفنغر بعد الحرب يقول: " لقد اشتدت خطورة الوضع في أعقاب حرب يوم الغفران، وحل الشعور بالإحباط، والعجز، والتدهور محل الفرحة والبعث الوطني، وبدلاً من المعنويات العالية التي سيطرت على الشعب في حزيران 1967 فقد توقف الشعور بالخلاص.

وحل الشعور بالإحباط، والعجز، والتدهور محل الفرحة والبعث الوطني، وبدلاً من المعنويات العالية التي سيطرت على الشعب في حزيران 1967 فقد توقف الشعور بالخلاص.
وعلى ضوء الشعور بالانتصار في مصر فقد برز الشعور بالهزيمة في إسرائيل، وتصرف المصريون والعرب كمنتصرين بينما تصرف الإسرائيليون كشعب مهزوم، ومقابل ألبومات النصر الصادرة في العام 1967 في إسرائيل صدرت بعد الحرب العام 1973 كتب كلها مذكرات سياسية لقادة يتهمون بعضهم بالتقصير، وشكلت لجنة (اغرانات) التي عزلت رئيس الأركان، وأسقطت الحكومة وقامت تظاهرات تطالب بعزل جيل كامل من الزعماء.
وفي فبراير. 1974 حضر وزير الدفاع آنذاك موشيه ديان اجتماع كبير للجنود والقادة قرب قناة السويس، وصاح أحد الجنود في وجهه قائلاً: "نحن نعيش في بلبلة أخبرني بوضوح على السؤال من انتصر في الحرب؟ "ضحك على سؤاله الجميع بينما لم يرد موشيه ديان وأصبح ملاحقاً لسنوات برسائل كلها شتائم وتهديدات لمسئوليته عن هزيمة أكتوبر.
لقد أدت حالة اللاسلم، واللاحرب بعد أكتوبر ووقوف مصر عند حدود ما وصلت إليه قواتها على الضفة الشرقية للقناة، وبدء كيسنجر بالزيارات المكوكية لحل الصراع الأخير سلمياً إلى الإبقاء على الوضع في حالة توتر دائم بانتظار إرجاع الأراضي المصرية.
كان الأمريكان يرون في تبعات حرب أكتوبر جزءاً من صراعهم الدولي وأحسوا أن حركتهم في تلك الأزمة لن تكون ممكنةً بدون جلب مصر لحظيرتهم فإخراج الاتحاد السوفيتي من قلب الشرق الأوسط لم يكن ممكناً إلا بواسطة المنطقة الملتهبة نفسها، وقد قام الرئيس السادات بهذا الدور عندما طرد الخبراء الروس من مصر، وبرؤيته أن يتولى الأمريكان دور الشريك الكامل في الاتصالات مع إسرائيل بحيث يمكن التوصل لحل مصري إسرائيلي ستحذو حذوه بالتأكيد سوريا والأردن وبذلك لن يسع الاتحاد السوفيتي القيام بأي دور.
حدد السادات في خطابه أن مصر تريد انسحاباً كاملاً من كل الأراضي العربية المحتلة من إسرائيل في العام 1967 وان المشكلة الفلسطينية هي جوهر الصراع، رغم ذلك الحدث الكبير إلا ان بيغن كرر مواقفه المتشددة" أن أحداً لا يستطيع ان يأخذ شيئاً مقابل لا شيء ورغم ضيق السادات إلا أنه أرجأ الإعلان عن الفشل معلقاً آمالا على مفاوضات كامب ديفيد.
وقد أدت تلك الزيارة لانقسام عربي بين مؤيد ومعارض، وكان جلياً أن خطوة السادات ستؤدي حتماً إلى تفكك الوضع العربي، وبفعل تهاوي الوضع في المنطقة العربية وتفاقم الموقف مع النظام الإيراني الذي بدأ يتهاوى بعد ظهور الخميني سرع الأمريكان بالسلام لحفظ موازين القوى في المنطقة التي تبعد أي تدخل سوفيتي بها.
وبفعل الاتفاق العربي الإسرائيلي (اتفاقية كامب ديفيد) في 17/2/1978 وعدم ربطها بأي اتفاقيات على الجبهات الأخرى، وترك مصير الفلسطينيين مجهول أُتهم السادات بخيانة تضحيات ونضالات الشعب العربي في مصر وقواته المسلحة ومبادئ الأمة العربية.
أما الرئيس كارتر فقد انحاز للمطالب الإسرائيلية آملاً في ولاية رئاسية ثانية لحاجته لإسرائيل في الانتخابات القادمة فخرج الاتفاق هزيلاً لا يساوي تضحيات الجنود الذين استشهدوا في نصر أكتوبر العظيم وبذلك تحول النصر إلى هزيمة سياسية قادت لمقتل الرئيس السادات، وصعود ريغان لسدة الحكم في أمريكا خلفاً لجيمي كارتر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرات الطلاب الأمريكيين ضد الحرب في غزة تلهم الطلاب في فرن


.. -البطل الخارق- غريندايزر في باريس! • فرانس 24 / FRANCE 24




.. بلينكن في الصين.. مهمة صعبة وشائكة • فرانس 24 / FRANCE 24


.. بلينكن يصل إسرائيل الثلاثاء المقبل في زيارة هي السابعة له من




.. مسؤولون مصريون: وفد مصري رفيع المستوى توجه لإسرائيل مع رؤية