الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن الحياة غائبون

يوسف حمك

2017 / 6 / 6
الادب والفن


عن الحياة غائبون .

الإنسانية مفهومٌ متعلقٌ بالإنسان وحده دون غيره من الكائنات . و هي مجموعةٌ من الجوانب الإيجابية و الأخلاقية للإنسان ( ومن منظور العقل و الوعي بالدرجة الأولى ) .
كما أن عصارة هذا المفهوم هي محبة الإنسان للإنسان خارج إطار الفوارق الدينية و الإثنية و العرقية و الطبقية و الجنسية ، و مد يد العون لمن يستحق دون أي تمييزٍ أو تفرقةٍ ، و ليس على أي اعتبارٍ آخر أو أي معيارٍ سوى الإنسانية وحدها التي تنبع من أعماقنا جميعاً .
لذا فإن أفضل الناس هو أكثرهم انغماساً في عمق المبادئ الإنسانية و أشدهم تمسكاً بمعانيها السامية . و لا أقول: ( بالتقوى ) .
لأن مفهوم التقوى ضيقٌ ، و مقتصرٌ على الرضوخ لإرادة شخصٍ دون غيره ، و حكرٌ على أداء طقوسٍ و واجباتٍ حددها ذاك الشخص بما ينسجم مع مصالحه الشخصية و دوام نفوذه .
نعم أقول أفضلهم و أكرمهم حسب الكفاءة التي يستخدمها لصالح العامة ، و بما يتوافق مع اللين في التعامل ، و حب السلام و نشر الوئام ، و بذل الجهود لإعمار الأرض - لا تدميرها – و البناء و الازدهار بصدقٍ و أمانةٍ . لإرساء جذورالعدل و الإنصاف دمجاً للعقل بالروح ، كما انتهاج أساليب تربويةٍ سليمةٍ مع الأطفال لنجاتهم من كافة معوقات تنميتهم على كافة الصعد لترسيخ قيم الإنسانية في ذواتهم منذ الصغر ، و عدم سلب كرامتهم .

و على ذكر الكرامة فإنها واحدةٌ بين البشر كافةً ، ولا تزيد كرامة الحاكم عن المحكوم ، ولا تنقص كرامة الفقير عن الثري ...... فهي متعادلةٌ بين كافة فئات المجتمع ، و لا يجوز انتهاكها البتة .
و من أولى واجبات أي فردٍ يعتلي عرش السلطة ألا يمسها و هو معنيٌ بها أكثر من أي فردٍ آخر لصيانتها بحرصٍ شديدٍ .
كما رفض الأفكار الخارقة و الغيبية كأساسٍ للأخلاق التي ترتكز عليها الإنسانية ، و التي لا يمكن زرع الحضارة و الرقي إلا ببذورها ، و ليس باللحى و النقاب .
فها هو إرنست رينان يقول في مؤلفه عام / 1848 / : ( إني على يقينٍ راسخٍ بأن الإنسانية النقية ستكون دين المستقبل ...) .

و على النقيض هناك نفوسٌ من القيم الإنسانية خاليةٌ ، و ضمائرٌ عن النبل و الطهر غائبةٌ ، و قلوبٌ فاسدةٌ إلى درجة التوحش الكامل ، و لا تمت للإنسانية بأي صلةٍ ... تتاجر بالدين ، و تضرب الشعوب ببعضها فتمزق الأوطان بشراسةٍ قائمةٍ على البطش و الخداع ، و تسبب الحروب الأهلية ، و تستفحل المشاكل الاقتصادية متقصدةً ، كما تفشي البطالة و تدهور الوضع البيئي و الصحي ، فينسد الأفق من فظاعات الأنظمة الحاكمة التي تصنع الموت .

ذئابٌ بشريةٌ لم تتربى على منهج الوفاء و النبل ، و لن تسير على الدرب القويم ، و لامكان للنوايا الحسنة في عقولهم .
طموحاتها جامحةٌ للاستعلاء و الأنانية ، رغباتها باحتلال المراكز الراقية – دون وجه حقٍ – مجنونةٌ ، لتكون الحياة في أيديها دميةً .
و إنها الأقدر من غيرها على صنع الموت و التبعية و الجهل ، و إطفاء نور شمعة الأمل و الحياة و قتل الحقيقة ، و انهيار البلدان فتدمير الأمم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العربية ويكند | ترمب يغادر المسرح وحيدا بعد مناظرة بايدن..


.. العربية ويكند | ترمب يغادر المسرح وحيدا بعد مناظرة بايدن..




.. العربية ويكند | جيل بايدن تقود الرئيس بايدن إلى خارج المسرح


.. نصير شمة في بيت العود العربي




.. مفاجاة صارخة عرفنا بيها إن نصير شمة فنان تشكيلي ??? مش موسيق