الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شعراء المديح

صاحب الربيعي

2006 / 2 / 1
الادب والفن


ينقسم الشعراء في كل العصور إلى فئتين، فئة شعراء المجتمع وفئة شعراء السلاطين. فالفئة الثانية معتاشة أبداً على قصائدها الممجدة بالسلطان وأفعاله وذم معارضيه، والشعر عندهم هو سعي للكسب المادي ولايعنيهم الموقف الإنساني أو الاجتماعي. وتجيد هذه الفئة لغة السباب أيضاً للنيل من التوجهات المعارضة لهم، وتتعاطى نفس اللغة فيما بينها.
يصفهم ((أبو العلاء المعري)) قائلاً:"وما شعراؤكم إلا ذئاب............تلصص في المدائح والسباب".
إن شعراء السلاطين، عديمي الموقف الإنساني والسياسي تحركهم نوازعهم الذاتية في كتابة الشعر للحصول على المال ويتغير موقفهم من السلطان مع تغيير نسبة عطاؤه المالي وقد يلجئون لذمه أن فقدوا العطاء. وقد يتعرض البعض منهم إلى السجن نتيجة مواقفهم المتذبذبة ولم تشفع لهم عشرات قصائد المديح لأن السلطان يدرك زيفهم وانعدام ضميرهم ويستغل نقطة ضعفهم في حب المال ويتخذ منهم أبواقاً للدفاع عن توجهاته.
يعبر ((جلال الدين الرومي)) عن تلك الحالة قائلاً:
"أما لئن كثرت في مدحكم بدعي..........لنكثرن غداً في شتمكم بدعي".
اتخذ كل سلطان أو وزير شاعراً له، يكيل له المديح ويذم أعداؤه وينال من سمعتهم وقدرهم فكلما كان الشاعر فصيح اللسان وغزير الثقافة كلما كانت قصائده أكثر نفوذاً في وجدان المجتمع ومنهم من يرفض شعر المديح، ومتوافق مع ذاته في الدفاع عن المجتمع. كتب ((ابن زيدون)) في هذا الإطار قائلاً:
"لم تخط في أمري الصواب موقفاً...........هذا جزاءً الشاعر الكذاب".
لايعني بأي حال من الأحوال وقوف الشاعر لجانب مطالب المجتمع عدم نقده للمورث من الأعراف والسلوكيات الشاذة التي تنخر ذاته وتعطل سُبل تقدمه وتطوره وإلا فإن اصطفافه الأعمى مع المجتمع لايختلف بشيء عن وقوفه لجانب السلطان أو الوزير ومدحه لقاء حصوله على المال دون أن يعنيه النظام ذاته.
كذلك الشاعر الذي يمتدح مجتمعه دون أن يسلط الضوء على مثالبه ويبين أسباب ضعفه وما يعيق تقدمه وتطوره، وكلا التوجهين ينهلان مفرداته في المديح ويسعى لأهداف محددة دون أن تحقق أهدافاً إنسانية يستفيد منها الحاكم والمحكوم.
يعتقد ((علي الوردي))"أن شعراءنا حين تركوا مدح السلاطين واتجهوا إلى مدح الشعب كأنهم عادوا إلى حياة البداوة الأولى حيث كان الشاعر يمدح قبيلته ويذم خصومها في الحق والباطل. فهم لايختلفون عن شعراء الجاهلية إلا من حيث أنهم وسعوا من نطاق القبيلة فجعلوه (الشعب) أو (الوطن) أو (الأمة) إنهم بعبارة أخرى غيروا شكل العصبية. أما مضمونها فلم يغيروا حيث بقوا ينظرون إلى شعبهم أو وطنهم أو أمتهم كما كان الشاعر البدوي ينظر إلى قبيلته".
يجب على الشاعر الحر أن يمتلك ملكة نقدية وأهداف إنسانية يسعى إليها، وما شعر المديح إلا رذيلة تضاف إلى رذائل وخسة الشاعر الساعي أبداً وراء المال لتحقيق نوازعه الشريرة التي تنال من مشاعر وأحاسيس عامة أفراد المجتمع الباحثين عن الإخلاص.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تغطية خاصة | روح أكتوبر حاضرة في أغاني النصر وسينما الحرب |


.. فيلم الممر مميز ليه وعمل طفرة في صناعة السينما؟.. المؤرخ ال




.. بكاء الشاعر جمال بخيت وهو يروي حكاية ملهمة تجمع بين العسكرية


.. شوف الناقدة الفنية ماجدة موريس قالت إيه عن فيلم حكايات الغري




.. الشاعر محمد العسيري: -عدى النهار- كانت أكتر أغنية منتشرة بعد