الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الديمقراطية- الدولةإنعدام التبلور الموضوعي الداخلي وضعف التأثير الاجتماعي

جاسم الصغير

2006 / 2 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


إنعدام التبلور الموضوعي الداخلي وضعف التأثير الاجتماعيجاسم الصغير في فضاءات حياتنا المعاصرة الكثير من الظواهر والمفاهيم التي تشكل او تأخذ حيزاً هاماً ومن هذه الظواهر او المفاهيم الديمقراطية والدولة كنتاج ثقافي وسياسي تتمثله الشعوب والمجتمعات ومنها عالمنا العربي فالافكار والمعتقدات هي نسق رمزي لايكاد يخلو اي فرد من تمثله في ذهن اي انسان، ومن هنا مسألة تبني او اعتناق مبدأ الديمقراطية وكيفية تبلور هذا المفهوم في حياتنا الفكرية والسياسية وهل جاء استجابة للواقع ام انه نتيجة قفزة فكرية أحرقت المراحل من خلالها ولم تكن نتيجة صيرورة زمكانية، بدءا ينبغي ان العالم العربي والثقافة العربية لم يعرفا مفهوم الديمقراطية لانه اصلا مفهوم يوناني ونتاج لثقافتها استثمره العرب ونتيجة للترجمة التي تمت فيما بعد، المهم ان هذا المفهوم تغلغل في الثقافة العربية وان امتزج بمفهوم الشوري في نظر البعض من المفكرين، ان اللافت للنظر في حياتنا العربية سواء علي المستوي السياسي والاجتماعي هو انعدام الممارسة الحية لهذا المفهوم ، وفي الحقيقة ان ثمة اسبابا كثيرة لهذا الامر منها مايقوله الاستاذ الدكتور عبد الحسين شعبان ان في حياتنا العربية ثلاث سلطات تحد من ذلك الاولي الحاكمة التي تحاول ان تقنع المثقف والفرد بالاقناع او بالاقتلاع اي بالقمع الفكري والايديولوجي او بالمجتمع البوليسي، وقد استعارت بعض الحركات المعارضة وربما بالعدوي اخلاق الجلاد لانعدام الحس الحضاري الثانية السلطة التقليدية او مانطلق عليها الثيوقراطية الدينية هي وان لعبت دوراً ايجابيا في تخرج النخب الا انها في بعض الاحيان تقف ضد عمليات التطور والتحديث تحت عناوين مختلفة والثالثة فهي قوة التقاليد والعادات وسلوكية المجتمع الديني يستجيب للصوت الاعمي لان تأمل الفكر ودقته وعمقه واجواءه الرحبة يبعده عن العقل السائد الذي يشكل علي حد تعبير الاستاذ مطاع صفدي مايمكن ان نطلق عليه بالبروليتارية الغيبية والتي تعمل من تحت اقنعة كثيرة تعمق الهوة بين المطلوب، والمقصود ان عالمنا العربي وقواه وتشكيلاته الاجتماعية لم يبلغا المستوي النظري المطلوب من تبلور الديمقراطية كونها لم تعش او تتمثل الشروط التاريخية لصيرورة هذا المفهوم، فمن المعروف ان أوربا الحديثة لم تبلغ هذا الحد من التطور الا بعد ان تمثلت الديمقراطية كأحد شروط الحداثة في القرن الثامن عشر وكاتجاه سياسي واجتماعي في الحياة ونشر آراء في الخير والعدالة مع الاخذ بالحسبان عامل التغيير بالتدريج وعدم ممارسة حرق المراحل فكانت الاستجابة والبناء للدولة والمجتمع عالية جداً، اما في عالمنا العربي فالوضع مختلف كون الدولة اصلاً لم تأت نتيجة صيرورة مستمرة اي تغيير متلاحق وتحولها وبنائها من مرحلة الي مرحلة اخري، علي عكس الدولة في اوربا التي كانت استجابة موضوعية لارهاصات الاحداث والمتغيرات في بنية المجتمع الاوربي وايضا ان الدولة العربية قد شهدت انقطاعات ابستولوجية وتاريخية علي حد تعبير المفكر الفرنسي ميشيل فوكو وايضا علي عكس الدولة في اوربا التي لم تشهد تلك الانقطاعات وثمة سبب اخر يذكره الجابري فيقول ان الدولة في اوربا جاءت وكما اسلفنا استجابة لمتغيرات الواقع الموضوعية ورسمت نسقها بالتحديد الذي ترغبه ويحدده ذلك الواقع الموضوعي ولم تكن ثمة قوة دولية مسيطرة اكثر تحكما منها اي من اوربا تفرض عليها شكلا من اشكال الدولة تحدده مصالح القوة الاعظم علي عكس الحال في عالمنا العربي الذي عاني طويلا من تحكم الدول الكبري الي درجة انها رسمت كل سيمائيات حياته ومؤسساته السياسية في ظل تبعية شديدة من الدولة والنظام السياسي اشبه ماتكون بفكرة مستوردة لم تتمثل الشروط البنيوية لولادتها ونموها نزولا الي باقي مؤسسات البلاد والحقيقة ان كل ذلك اثر كثيرا علي مجمل البناء السياسي والفكري ومنها مسألة الديمقراطية في عالمنا العربي والمؤسسات او التشكيلات والتي ننطق باسمها او يفترض ذلك ، يقول الاستاذ عزيز العظمة ليس في هذا مايدعو الي الاستغراب فخلافا لما هو شائع ليس هناك من وضع استثنائي متوالد يتحكم بالفكر السياسي العربي ومساره ومآله ذلك ان من الواضح ان الدعوة الي الديمقراطية هي اساسا حقيقة من حقائق السياسة ومن حقائق العلاقات الصراعية للقوي السياسية والعقائدية وانها ليست في حقيقتها سعيا او مسيرة حتمية نحو خلاص العرب النهائي ونحو حل لمشاكلهم السياسية والاجتماعية كلها في حين ان هناك في اوربا الغربية وفاقا اجتماعيا وسياسيا طويل الامد هو وفاق يحكم الانظمة الديمقراطية علي اسس دستورية في حين ان هناك في العالم العربي حالة من الميوعة والافتقار الي التبلور البنيوي الاجتماعي وهي حالة لا وجود فيها لوفاق وطني مدني وسياسي وعقائدي وهي تفسر التنابذ السائد الذي يهدد المباداة بالديمقراطية والطابع الظرفي غير التاريخي البعيد عنها، ومن هنا ان الخطاب الدستوري في الوطن العربي يتجه نحو الشكلية ولاتقوم علي اساس ممارسة حقيقة حية للديمقراطية علي مستوي الدولة والمجتمع والمستوي الداخلي للحركات السياسية والفكرية التي يفترض بها ان تتمتع هي بل غيرها بأجواء داخلية ديمقراطية ذات الصيرورة المستمرة ومن هنا اهمية تسليط الاضواء علي الظروف او العوامل التي تعرقل الديمقراطية وتأثيرها وانتشارها في عالمنا العربي الذي تأخر كثيرا عن تمثل او ممارسة هذا المفهوم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شبكات| فيديو يظهر شجاعة مقاومين فلسطينيين في مواجهة جيش الاح


.. شبكات| مغاربة يدعون لمقاطعة مهرجان موازين بسبب غزة




.. عمليات البحث عن الرئيس الإيراني والوفد المرافق له


.. خبيرة بالشأن الإيراني: الدستور الإيراني وضع حلولا لاحتواء أي




.. كتائب القسام: استهداف قوات الاحتلال المتموضعة في محور -نتسار