الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإرهاب الإسلامي كسلاح بيد الغرب

ميشال يمين

2017 / 6 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


بقلم نيقولاي ستاريكوف
ترجمة ميشال يمّين

حصل في 3 يونيو/حزيران في لندن هجوم أسفر عن مقتل سبعة أشخاص، وبضع عشرات الجرحى والمصابين. وقد أعلن مسؤوليته عن الهجوم تنظيم "الدولة الإسلامية" الإرهابي الممنوع في روسيا.
وتخفي الهجمات الإرهابية في لندن والردود عليها مصالح جغراسياسية وسياسية للغرب. وقد جاءت الكلمات الرئيسية معبرة في خطاب رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، فقالت صراحة إن "قيم العالم الغربي الحر لا تتوافق مع الإسلام". وهذا يعني، عمليا، أن الغرب أعلن على لسان زعيمة المملكة المتحدة الحرب على الإسلام. وكل هذا يحدث على خلفية محاولات مستمرة من الغرب ترمي إلى إشعال الصراعات في شتى مناطق العالم في استغلالٍ قميء لأي مناسبة سانحة– وهذا في تطابق كامل مع "حرب الحضارات" التي أعلنها صموئيل هنتنغتون. هذا السيناريو نفسه حاولوا لعبه في أراضي روسيا، ولكن بعد عملية مكافحة الإرهاب التي تمت في القوقاز، تم إغلاق هذه القضية حتى إشعار آخر.
هذه الأعمال الإرهابية يدرجها الغرب تحت نفس السيناريو، ويستخدامها كدليل على تناقض مزعوم فيما بين الناس الذين يعتنقون الإسلام، والناس الذين لا يعتنقونه. والغرب هنا يسير على خطى الحكمة الرومانية القديمة ولكن غير القويمة: "فرق تسد!!!". فاليوم، يتعايش سلميا في معظم البلدان الناس الذين يعتنقون الإسلام، وأولئك الذين ينتمون إلى المسيحية والديانات الأخرى. ولكن الغرب في مسعاه للحفاظ على الهيمنة العالمية هو في حاجة لإثارة النزاعات بين الشعوب والبلدان.
فمن الذي كان المؤسس الفعلي للأصولية الإسلامية في الشكل الذي نعرفه اليوم؟ وكالة الاستخبارات الاميركية. ومن الذي كان المنظر الإيديولوجي لهذه العملية؟ إنه زبيغنيف بجيزينسكي Zbignev Bzhezinsky الذي اقترح رسم ولعب ورقة "الأصولية الإسلامية" ضد الاتحاد السوفياتي. هذا الإرهاب الذي ولّده الغرب يغذيه اليوم الغرب إياه بقدر لا يقل عما كان عليه في زمن الاتحاد السوفيتي. أي أن الغرب والأنظمة العميلة له في الشرق الأوسط، يغذي بيدٍ الإرهاب، وبيد أخرى يخوض حرباً مزعومة ضد الإرهاب، مستخدماً إياه ذريعة لغزو البلدان المستقلة.
وكنتيجة لذلك يضحي الإرهاب كوسيلة من وسائل السياسة الدولية استخدمت خلال العقود الماضية لا مقضياً عليه، بل - على العكس من ذلك – قوياً وعصياً أكثر فأكثر. ولكم قيل لنا إن القضاء على "تنظيم القاعدة" هو المهمة الرئيسية لسياسة الولايات المتحدة. وقد انقضى منذ ذلك الحين ما يقرب من سبعة عشر عاما. وها هو "تنظيم القاعدة" لم يهزم. بل انه الآن يختبئ تحت راية ما يكاد يسمى "المعارضة المعتدلة". وهل هزم الإرهاب؟ لا. وهذا يعني أن الولايات المتحدة إما هي غير فعالة كدولة حددت لنفسها أهدافاً سياسية ما، وإما أنها فقط تقلّد تقليداً دور من يخوض معركة ضد الإرهاب ما دامت "مكافحة" الإرهاب جارية والإرهاب إياه يزدهر، ولا نهاية تُرى لكل هذا في الأفق. لذلك، فإن الغرب كما هو الحال دائما يمارس النفاق: يتحدث عن مكافحة الإرهاب، ولكنه في الواقع يواصل دعمه له ماليا واقتصاديا ودبلوماسيا ووو...
قالت ماي وهي في إطار التحضير لانتخابات 8 يونيو/حزيران إن المملكة المتحدة تبدي الكثير من التسامح مع التطرف، ودعت إلى موقف أكثر تشددا من هذه القضية. ظاهريا، هذا لا يعدو كونه انجرافاً نحو مواقف ترامب. من ناحية أخرى، دخل ترامب في جدل مع رئيس بلدية لندن المسلم خان، وتهكم من كيفية تصرفه وحكمه على الأمور. ما الذي نراه، يا ترى، في كل هذه القصة؟ أهو انقسام داخل الغرب، أو بالعكس تقارب؟ أم أننا أمام استمرار المشهد السياسي الإعلامي يُعرض على السذّج؟
أعتقد أن على المرء ألا يخلط بين التكتيك والاستراتيجية. فكل زعيم غربي لديه مهمة تكتيكية للحفاظ على ماء الوجه أمام الجمهور، ولكسب عطف الناخبين – وفي الوقت نفسه الاستمرار في الخط الاستراتيجي الذي ينتقل باستمرار في الغرب وراثياً من حكومة إلى حكومة، ومن رئيس إلى رئيس. ولذلك، فإن الخط الاستراتيجي المتمثل في زرع الحروب والفوضى، هو تفسير كل ذلك ببعض الكلام الجميل المنمق للتغطية على شهوة حيوانية للسيطرة على هذا الكوكب. ويمكن للقادة أن يجادل بعضهم بعضاً تكتيكيأ، وان يبتسم أو يعبس أحدهم للآخر، وأن يدلي بأي تصريحات من شأنها أن تساعده على كسب أصوات "الناخبين". لذلك أعتقد أن علينا التخفيف من متابعتنا للجدل القائم بين القادة الغربيين على مستوى التكتيك والانخراط أكثر في تحليل الاستراتيجية الغربية. الزعماء الغربيون لا يخترعون أي أساليب سياسية جديدة. فكل شيء قديم قدم العالم. وعندما كان هتلر يزمع مهاجمة بولندا، نظمت أجهزته الأمنية استفزازاً في كلايفتز، وهو ما بعث على نشوب الحرب العالمية الثانية. وعندما تدعو الحاجة الغرب إلى غزو البلدان المستقلة مع وضع القانون الدولي جانبا، فإن الغرب يساعد الإرهابيين، ويمولهم، ويرتكب بأيديهم الأعمال الإرهابية - حتى في عقر دار مدنه وعواصمه. وبعد ذلك يغزو تحت ذريعة مكافحة الإرهاب، كما لو انه كان هو الضحية، أفغانستان والعراق وسوريا وهلم جرا. وهذا لعمري أداة مريحة جدا لن يعزف الغرب عن استخدامها ابدا. وغدا ستعلن المملكة المتحدة أن الإرهابيين الضالعين في هجمات لندن، موجودون في الدولة الفلانية. لذلك بات أمراً مشروعاً الذهاب إلى هناك على جناح السرعة وقصفها بالقنابل وغزوها ونهبها وهلم جرا ...

جريدة "زافترا" - 8 يونيو/حزيران 2017








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نيويورك تايمز: صور غزة أبلغ من الكلمات في إقناع الآخرين بضرو


.. فريق العربية في غزة.. مراسلون أمام الكاميرا.. آباء وأمهات خل




.. تركيا تقرر وقف التجارة بشكل نهائي مع إسرائيل


.. عمدة لندن صادق خان يفوز بولاية ثالثة




.. لماذا أثارت نتائج الانتخابات البريطانية قلق بايدن؟