الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القدرات الحضارية للعقل والشخصية

كمال غبريال
كاتب سياسي وروائي

(Kamal Ghobrial)

2017 / 6 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


تميز الإنسان عن سائر الكائنات الحية، بنمو مخه بصورة جعلته أقدر من جميعها على تخزين المعلومات المستقاة من ‏تجاربه الحياتية. كما صار مخه قادراً على استخلاص العلاقات والقوانين التي تحكم ما يختزنه من خبرات. ليلعب هذا ‏العضو البيولوجي في جمجمة الإنسان دوراً محورياً، يضع الجنس البشري على قمة الكائنات. هذه واحدة من الوظائف ‏الفسيولوجية للمخ في جسم الإنسان، والمختلفة عن وظائف فسيولوجية أخرى له. وقد أطقلنا على وظيفته هذه مسمى ‏‏"العقل".‏
أدت قدرات العقل هذه إلى ما نسميه "نمو الوعي" لديه بصورة آلية ومستمرة. وكلما نما وعيه، الذي هو نتيجة لخبراته ‏المكتسبة، انعكس تطوره هذا على ممارسته الحياتية، تطويراً وتعقيداً لها. لتكون هناك حالة إثراء متبادل مستمر للحياة ‏والخبرات والوعي.‏
يعني هذا أن "التطور خاصية هيكلية" أو أساسية في تكوين البشر. ‏
لكننا "نزعم" في مقاربتنا هذه أن القدرة على التطور تختلف بين الأفراد والأجناس، نتيجة اختلاف القدرة على استيعاب ‏الخبرات وتمثلها، والزحف بها باتجاه تحسين الإنسان لحياته. ما نشهد مؤشرات له في الفارق الحضاري الهائل، بين ‏شعوب أفريقيا جنوب الصحراء وشعوب مثل اليمن وأفغانستان وبنجلاديش، وبين الشعوب الاسكندنافية مثلاً.‏
الفارق الذي "نزعمه" في "القدرة على التطور" بين الأفراد والأجناس يتشكل من ثلاثة عناصر أو محاور:‏
الأول عبارة عن فارق في سرعة ومعدل تخزين الخبرات واستيعابها وتمثلها، وهو أمر يندرج ضمن ما نطلق عليه "ذكاء ‏فطري".‏
الثاني قدرة العقل على استنباط العلاقات والقوانين التي تحكم الظواهر والخبرات الحياتية. وهو ما نسميه القدرة على ‏‏"التجريد النظري".‏
الثالث هو مقدرة الشخصية السيكولوجية، التي تمكن الإنسان من البعد تسامياً، عن الطبيعة الفطرية له، والتي تغلب ‏عليها الوحشية الغرائزية. فهذه الطبيعة تسحبه دوماً إلى أسفل، باتجاه مضاد لرغبة أقل فطرية في الإنسان تنزع به ‏للتسامي. الأمر هنا يبدو كما لو أن هناك سقفاً سيكولوجياً شخصياً، يصعب على الفرد تجاوزه علواً على الطبيعة الفطرية ‏للإنسان. كما نزعم هنا أن ارتفاع هذا السقف يختلف من فرد إلى آخر، ومن جنس إلى آخر.‏
قد يبدو زعمنا هذا يفتقد لدليل منطقي أو بيولوجي متفق عليه علمياً. لكنه فيما نظن لا يفتقد تماماً كما سبق وقلنا لشواهد ‏عملية ترتبت عليه. مثل تباين مستوى مختلف الشعوب وإنجازاتها الحضارية. ومن تفوق حضاري لشعوب حديثة ‏التكوين، على شعوب هي الأقدم في التاريخ الإنساني. علاوة على ما نشهده حالياً، من ارتدادات حضارية، لشعوب ‏تعرضت لظروف دفعتها دفعاً لليسير من التقدم الحضاري. مثل الشعب المصري بعد نهضة أسرة محمد علي التحديثية، ‏والشعب التركي بعد فترة علمانية كمال أتاتورك، والشعب اللبناني الذي سقط الآن بعد ارتقائه الليبرالي الحضاري في ذات ‏الهاوية التي يرزح فيها جيرانه.‏
هل يبدو هذا الزعم فاشياً؟. . أظنه أقرب لأن يكون كذلك. لكن توصيفه هذا لا يبرر لنا الهرب منه فزعاً. وإنما يدفعنا ‏لوضعه محل النظر والتمحيص، تبيناً لمدى صحته أو خطأه.‏








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ctمقتل فلسطينيين في قصف جوي إسرائيلي استهدف منزلا وسط رفح


.. المستشفى الميداني الإماراتي في رفح ينظم حملة جديدة للتبرع با




.. تصاعد وتيرة المواجهات بين إسرائيل وحزب الله وسلسلة غارات على


.. أكسيوس: الرئيس الأميركي يحمل -يحيى السنوار- مسؤولية فشل المف




.. الجزيرة ترصد وصول أول قافلة شاحنات إلى الرصيف البحري بشمال ق