الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قمرجي بغداد في دولة الحرام والحلال والفتاوى

نادية فارس

2006 / 2 / 1
مواضيع وابحاث سياسية



لم تعُد ْ أخبار ُ الفساد ِ الأداري والمالي في العراق لتفاجئ أحدا ً .. فالعالمون بها يخفون َ أخبارَها .. أما غير ُ العالمين .. فلهم همومهم .. التي تدور منهكة ً ووجلة ً حول الموت المحدق بهم تفجيرا ً أو اغتيالا ً أو جوعا .

أخبار ُ الفساد ِ والرشاوى والأتجار ِ بالعراق أرضا ً وشعبا ً .. قضية ٌ لاتحتل ّ ُ مانشيتات الأعلام .. لأن ّ الأعلام َ هو الآخر مصلوب ٌ على عتبة مايسمى بالتحوّل الديموقراطي!



الفرد ُ العراقي ّ ُ غارق ٌ حتى أذنيه .. بشعارات الديموقراطية .. حتى أن ّ بعضهم يتباهى بها الى حد ّ تطبير نفسه .. وإغراق جسده بالدم من رأسه حتى أخمص قدميه!



كم هي مرعبة ٌ تلك الصورة التي نشرتها كتابات بعنوان .. العراق الجديد!

رجال ٌ ضربوا روؤسهم بالسيف حتى سالت دماؤهم .. ودم ٌ أحمر قان ٍ يغطي وجوههم .. ودم ٌ أسود تيبّس َ على ملابسهم .. وذباب ٌ يشارك بعضه ُ وليمة َ القاذورات المتجمعة من عرق ٍ ودم ٍ ورائحة عفونة!

أمجانين َ أم مصابون بلوثة ٍ هؤلاء ُ السيافون الذين يمارسون حملة َ إعدام ٍ جماعية لأجسادهم ولكل ّ القيم الأنسانية ؟



بل .. هم مصابون بهستيريا الدين والأيمان .. والطائفية!



هم المقادون الى هاوية الجنون الطائفي ..وحدهم .. فقادتهم لايذبحون أنفسهم .. ولا يوسخون ملابسهم بدمائهم .. أنيقون مهندمون .. يرتدون أحسن ماركات الملابس وأغلاها .. وأرقى المجوهرات وأثمنها .. وموائدهم عامرة ٌ ونساؤهم تتمتع ُ بظل ّ ديموقراطيات الغرب وحرياته ! وإن كان فيهم من يطلب ُ دليلا ً .. فالدليل ُ موجود ٌ وبالصور لنساء ٍ يشجعن َ التطبير في داخل العراق .. لكنهن ّ لايضعن على رؤوسهن ّ حتى خرقة ً من الدانتيل!



موضوعنا ليس هذا .. فلهذا الحيث بقية!

ومجنون ٌ من ينسى بداية حديثه ! رغم أني كتبت كثيرا ً عن عملية تحويل العراق برمته الى مستشفى للمجانين .



الموضوع هو خبر ُ خسارة أحد الجنود الاميركان لمبلغ 20-60 الف دولار.. مالاً عراقيا ً حلالاً زلالا ً.. في احدى صالات القمار في الفلبين !



http://www.aljeeran.net/viewarticle.php?id=reports-20060126-39846



تم تكليف ُ هذا الجندي بمرافقة الفريق العراقي المشارك في الالعاب الاولمبية في الفلبين .. وتم تسليمه مبلغا ً لايعرفه إلا ثلاثة : أولهم الله .. العارف ُ الساكت أبدا ً ..والمسؤول العراقي .. العارف الساكت طبعا ً .. والجندي الاميركي .. العارف المطنش قطعا ً !

فتأملوا .. أو تألموا !

الفرق بين الرقمين ,, هو 40 الف دولار !

ونحن كعراقيين .. نعرف تماما ً ماتعنيه ورقة المائة دولار للعائلة العراقية ! فكم من العوائل كانت ستفرح لو أن هذا المبلغ تحول الى رز أو خبز أو كيلوغرامين من البرتقال !



كم من أطفال العراق سيحملون حقائب مدرسية بدلا ً من علاكَات كَواني الطحين التي يعاد تصنيعها بسبب الفقر لتتحول الى حقائب وجودليات وأغطية للشبابيك وستائر؟



كم من النساء العراقيات سيلدن أطفالهن على أسرّة ٍ .. بدلا ً من الولادة على الارض الباردة في المستشفيات العراقية التي تفتقد ُ للكثير من التجهيزات ؟

يؤسفني أني استخدمت ُ عبارة قمرجي بغداد .. فالعبارة ُ أصلا ً كانت حرامي بغداد !



حرامي بغداد كان مثلا ً لمن يسرق .. ليعدل



أما قمرجي بغداد .. فيسرق ويقتل ويقامر ليركز َ الظلم ويديمه .



هذا هو الفرق ! وهو فارق ٌ يحصي فراسخا ً تفصل ُ بين كل الأقطاب السالبة والأقطاب الموجبة لكل القيم والأخلاقيات المتعارف عليها بين البشر النبلاء.



نحن نعرف أن ّ المقبور عدي صدام كان مقامرا ً بأموال العراقيين .. ونعرف أن ّ الفساد َ قديم ٌ تاريخه في العراق .. ولكن أن يتعاظم هذا الفساد والقمار .. ويستشريان تحت ظل ّ دولة الحرام والحلال . . وبحماية السيافين الغاطسين بدماءهم .. فهذا الذي يضعنا أمام الصورة المشوهة لما يسمى بالتحول الديموقراطي .



المفجع في الخبر المنشور على موقع الجيران والمنقول عن نيويورك تايمز حسب تقرير المسؤول الأميركي الذي يبحث في قضايا الفساد ..هو أن مسؤولا ً عراقيا ً احتفظ بمبلغ مليوني دولار عدا ً ونقدا ً في مخزن ٍ في تواليت مكتبه !



مؤلم ٌ حدّ الغثيان .. أن نتفرج َ على استغلال الحكومة العراقية ورجال الدين الشيعة لهذا الشعب المسكين .



فتشجيع ُ هستيريا الدين والطائفية هي الميكانيكية التي يعتمدها الساسة ُ في العراق لأدامة صروح مجدهم ..ولأخفاء سرقاتهم .. وحماية مقامريهم وسماسرتهم ..وحماية الخزائن المقفلة في تواليتات مكاتبهم .. وعلى اسم حّب ّ آل البيت!

يابيت؟ ليش هو بقى بيت ؟ بقه صخام ؟



سألني أحد الاميركان المتعاطفين مع الشعب العراقي : ألا يحب ُ الشعب ُ العراقي ّ هذا اللطم والدم ؟

واحترت ُ كيف أجيب .. فالصور ُ تنطق ُ بعكس ادعائنا بأننا شعب ٌ متحضر ! ولابد ّ أن ّ هذا الشعب يمارس ُ الابتهاج بالديموقراطية بطريقته انطلاقا ً من أسس حضارته .

لكنني .. وأنا محاصرة ٌ بضعف ادعائي أمام الدليل الموثق .. تذكرت ُ أن ّ على ّأن لاأضعف أمام اتهامه لنا بأننا شعب ٌ من الهمج .. تذكرت ُ سعدي يوسف و الجواهري ومظفر النواب ونزيهة الدليمي وسعاد خيري والفنانة الراحلة زينب وناهدة الرماح



تذكرت ُ أن ّ قائمة ً من عظماء العراق وعظيماته .. بنوا مجد العراق فكرا ً وثقافة ونوراً

وانفجرتُ .. باكية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الضفة الغربية: قتلى فلسطينيين في عميلة للجيش الإسرائيلي بقرب


.. غزة: استئناف المحادثات في مصر للتوصل إلى الهدنة بين إسرائيل




.. -فوضى صحية-.. ناشط كويتي يوثق سوء الأحوال داخل مستشفى شهداء


.. صعوبات تواجه قطاع البناء والتشييد في تل أبيب بعد وقف تركيا ا




.. قوات الاحتلال تنسحب من بلدة بطولكرم بعد اغتيال مقاومين