الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جسر يحترف الجنون/ قصة قصيرة

امنة الذهبي

2006 / 2 / 1
الادب والفن


أخيراً انتفض الجسر الحديدي .وسار نحو باقي الجسور تاركاً والعالم خلفه يتخبط بين ضفتين ، دهور تدوسه الاقدام دون ان يحاول احد الانتباه الى نشيج روحه المتقطع ، ان يسمع شكواه . حشود تتقاطع اقدامها يومياً في عبور الضفتين ، لم تكلف نفسها الاستئذان منه ، ربما انا وحدي كلما هممت بالانتقال من ضفة الى اخرى اجتاحني ذلك الاحساس ! ما فرق قدمي عن اقدام باقي العابرين ..فوقي حتى دون ان اقصد كانت اقدامي تطأ الاسفلت بهدوء كمن يدوس على زجاج ، ألأني اشترك مع الجسور بصفات عدة ،منها اننا وسائل مفضلة لعبور الاخرين فوقنا و ايضاً بصفة اخرى لايشابهنا فيها احد ..هي فن الصمت الذي اجدناه معاً ومعاً لا تفكر بنا الاقدام ،أ نعشقها ام لا ؟وكلانا يربط ضفتين غرقت فيها مراكب ومراكب هذه الليلة ومن دون اتفاق كلانا قرر ان ينتفض .
القمر استدار واقمار اخر في الطريق استدارت .. لكن القمر دخل في خسوف كامل ..اه . ذلك المكتمل ربما فعلها تضامناً معنا ..انا والجسر ومن يدري ربما شمس الغد لن تشرق هي الاخرى / وحده .. النهر واضب على سيره وكأن الامر لا يعنيه على الاطلاق .
هجرة الجسر الحديدي ،اسعدت النوارس فقد وجدت في الدعائم عرشاً لها دون ان تعير سيري اهتماماً ..
اصبحت المسافة بين الجسر الحديدي والجسر المقيم في الجنوب منه قريبة ،مالذي سيحدث ياترى عندما يجد العابرون جسرين قريبين من بعضهما ،هل يظنون ان العشق هو الذي قرب المسافات ؟؟
ماذا يريد هذا الجسر الحديدي بهجرته .. جسر لو لم يعشق السائرين فوقه لماذا قبل ان يكون جسرا ،ماذا اريد انا ..لو لم اعشق اولئك العابرين عى اضلاعي لما قبلت ان اكون جسراً لهم ايضا .
عند اخر نقطة التقاء بدا الجسر متعباً ،ارهقه المسير الذي لم يعتد عليه ،فيما بدوت انا خفيفة ونفسي اكثر راحة عند نقطة اللاشيء ..قد يغرق من يحاول العبور على الجسر الان ،كل الوجوه التي تحيط بي لم ارها من قبل تماماً مثل الاقدام التي تعبر الجسر ..انها النهاية والبداية معاً . منتهى قلقي ان تعيد الوجوه الجديدة سيرة الاقدام القديمة بالعبور فوقي !! هل استطيع ان اعيد تكوين روحي ؟ان اعبر فوق الجميع !!؟والجسر ذلك المرهق، العجوز، القديم ..مالذي سيفعله ؟اطرافه تبدو اكثر قوة ، لان هنالك ارض تسندها ،لكن لو غيرت موقعها مع اواسط الجسر هل ستبقى قوية ؟وكم ستحتمل ممن سيعبرون هل تقدر على مغادرة البر الذي ادمنته ،هل تحسد فضاءات الجسر اطرافه وتظنها اكثر سعادة ،هل دعائم الجسر اكثر فرحاً لانها مازالت تعانق الماء لايهمها ان كان ماتحمله نوارس ام حديد مغطى بالاسفلت .
الان القمر عاد الى كبد السماء بضياء انتصاره يحتفل على الخسوف.. تاركاً للنهر ان يعكس صورته على امواج هادئة ،اما جسري المجنون …فقد تأكلاه الحيرة هل يعود ..ام لا؟! كنت حينها قررت اللاعودة مهما كان قرار الجسر فقد كنت بلا دعائم معي منذ البداية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أسيل مسعود تبهر العالم بصوتها وتحمل الموسيقى من سوريا إلى إس


.. فنانو الشارع يُحوِّلون العاصمة الإسبانية مدريد إلى رواق للفن




.. كريم السبكى: اشتغلنا على فيلم شقو 3 سنوات


.. رواية باسم خندقجي طلعت قدام عين إسرائيل ولم يعرفوها.. شقيقته




.. كلمة أخيرة - قصة نجاح سيدة مصرية.. شيرين قدرت تخطي صعوبات ال