الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شعراء الهجاء والذم

صاحب الربيعي

2006 / 2 / 2
الادب والفن


اتخذ شعراء الهجاء فعل الذم والحط من الذات بغرض التقليل من شأنها وقدرها الاجتماعي، وتختلف درجات الذم تبعاً لدرجة العداء بين الشاعر ومعارضيه فإن كانت في أدنى درجاتها تمحور شعر الهجاء على الذات المسيئة لوحدها دون أن تمس عائلته أو عشيرته.
وبخلافه فإنه ينسحب عليهما حتى إن لم يكن لهما علاقة بالصراع بين الشاعر ومخالفه!. وغالباً ما يرصد الشاعر التشوه الخلقي في شكل الذات المتعارضة ويوظفه في شعر الهجاء ليسقطه في براثن الحط ويضعه في متناول الألسن والحديث عن مثالب تشوهه الخلقي. سعياً في التسبب بأزمة نفسية له وإجباره على الانسحاب من المنافسة وقسره على العزلة، لتخلو الساحة من المعارضين. يوظف ((جلال الدين الرومي)) فعل المقارنة قائلاً:
"إن كـان أنـفك هـكذا...........فالفيل عنـدك أفطس
وإذا جلست على الطريق...........ولا أرى لك تجلـس
قيـل: السـلام عليـكما...........فتجيب أنت ويخرس".
ولم يقتصر شعر الهجاء عند العرب على فعل المقارنة مع شكل الحيوان وأنما مع سلوكه لإمعان الأذى بالذات المعارضة والتقليل من شأنها وقدرها الاجتماعي وتخفيض مرتبتها لمرتبة الحيوان، لكن هناك الكثير من الصفات والسلوكيات الحيوانية الجيدة كـ (وفاء الكلب، صبر الجمال....) تقارن بسلوك الإنسان وتوظف في فعل المقارنة للمديح أو الذم. يلخص ((جلال الدين الرومي)) تلك المطابقة في شكل الحيوان وسلوكه مع الذات المعارضة قائلاً:
"فـالكلب وافٍ، وفيك غدر.........ففيك عن قدره سُفول
وقـد يُحامي عـن المواشي........وما تُحامي ولا تصول
وجهك، يا عمرو فيه طول........وفي وجوه الكلاب طول
مقابـح الكلب فيـك طراً..........يـزول عنها ولاتزول".
يعود السبب لتوظيف العرب لشكل وسلوك الكلب في شعر المديح والذم إلى أن معظم القبائل البدوية دجنة الكلب لاستخدامه في الحراسة والدفاع عن قطعانها من الأغنام والإبل والمواشي.....وراقبت على مدى عقود سلوكه وتصرفاته السيئة والجيدة.
ولايقتصر هذا التوظيف عند العرب حسب، بل أن هناك العديد من شعوب العالم وظفت شكل وسلوك الحيوان الأكثر قرباً منها في البيئة في مورثها الأدبي (الشعر، القصة، الرسم..) فالشعوب الأفريقية وظفت شكل وسلوك الأسود والنمور والقرود في مورثها الثقافي، وشعوب المناطق الباردة وظفت شكل وسلوك الدببة والآيل في مورثها الثقافي.
ومازالت الحيوانات الأليفة الأكثر قرباً للإنسان في العالم هما الكلاب والقطط، لما يتحلى بهما من صفات الوفاء والمؤانسة للإنسان، ولم يقتصر تربيتها على القبائل البدوية والريفية كما في السابق وأنما اهتم بتربيتها العديد من أبناء المدن مع الاختلاف بدرجة التوظيف لفعلها أو سلوكها في سياق مشروعها اليومي أو الثقافي.
يوظف ((دعبل الخزاعي)) سلوكاً غريزياً للكلب في فعل الحط من قدر وشان مخالفه في الرأي قائلاً:
"رفع الكلب فأتصنع..........ليس في الكلب مصطنع
بـلغ الغايـة التـي.........دونـها كـل مـرتـفع
إنما قصر كل شيء.........إذا طـار أن يـقـع".
تراجع شعر الهجاء الشخصي في الشعر الحديث لصالح شعر الهجاء السياسي الذي ينال من الحكومات والأحزاب والشخصيات السياسية ومازال (إلى حد ما) أسلوب توظيف المطابقة والمقارنة مع شكل وسلوك وتصرفات الحيوان معتمداً في الشعر الحديث للحط من قدر وشان الشخصية السياسية ونهجها المتعارض مع الشعوب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - استفسار
الطيب جمعة ( 2011 / 11 / 18 - 11:10 )
اريد ابيات من الشغر لاحد يعلق عن شخص احسن منو يعني الابيات الي بدي اياها ابيات شعر بهدلة للي بعلق

اخر الافلام

.. شخصية أسماء جلال بين الحقيقة والتمثيل


.. أون سيت - اعرف فيلم الأسبوع من إنجي يحيى على منصة واتش آت




.. أسماء جلال تبهرنا بـ أهم قانون لـ المخرج شريف عرفة داخل اللو


.. شاهدوا الإطلالة الأولى للمطرب پيو على المسرح ??




.. أون سيت - فيلم -إكس مراتي- تم الانتهاء من تصوير آخر مشاهده