الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تيران وصنافير .. ضياع الأمل الأخير

حنان محمد السعيد
كاتبة ومترجمة وأخصائية مختبرات وراثية

(Hanan Hikal)

2017 / 6 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


عندما يكون المصاب جلل، يصبح من العسير عليك أن تجد كلمات مناسبة تعبر عنه، هذا تحديدًا الشعور الذي ينقله لنا التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير، رغم مصريتهما التي لا خلاف عليها، والمثبتة بمئات الأدلة والخرائط والوقائع التاريخية، بل وبحكم أعلى سلطة قضائية في مصر!!

الحقيقة أن المصاب أكبر من أن تجد له توصيف، فهنا أهدرت قيم العدل والنخوة والوطنية والرجولة، هنا سقط القنّاع عن من إدعوا أنهم حماة الوطن والأرض والعرض، وتبين أنهم لم يكونوا أكثر من سماسرة وقوادين لا يعنيهم إلا مصالحهم المادية وما تحصلوا عليه من مزايا في غفلة من شعب تم إشغاله عمدًا بلقمة عيشه، وضيق عليه بكل الوسائل والسبل، وتم تجهيله وإمراضه وتغييبه مع سبق الإصرار والترصد.

إصرار عجيب وغير مسبوق على كسرنا وإهانتنا وتجريدنا من كل شئ له قيمة، وكأن من يمسكون بزمام الأمور في هذا البلد هم أعدى أعدائها، بددوا ثرواتها، وأغرقوها في الديون، فرضوا الضرائب الجائرة، لم يحاسب في هذا العصر مجرم ولا قاتل ولا سارق، فقط كان الحساب عسير لكل من كانت لديه النخوة والحمية للإحتجاج على ما يحاك بليل لهذا الوطن المنكوب وهذا الشعب الذي أصبح يتحرك كما الموتى الأحياء.

والأفدح أن يتم قلب الموازين وينتحر المنطق وتغيب الحقيقة، فباعة الأوطان يدعون أنهم حماتها، ومن يدافع عنها ويرفض بيعها يتهم بالعمالة والخيانة، البائع يشير إليك بإصبع الإتهام بينما تلمع ساعته الذهبية التي تشهد على خيانته في يده، ويتهمك أنت بالخيانة والعمالة، أقصى درجات الفجور والوقاحة.

نحن نمر بوقت كارثي، لم أقرأ أو أسمع عن مثيل له في التاريخ، أعلى معدلات منح خارجية، أعلى معدلات قروض على الإطلاق، أعلى معدلات ضرائب، أعلى معدلات بيع للشركات والأراضي والمصانع، إرتفاع مستمر في أسعار الخدمات ومواد الطاقة، أعلى معدل لإنهيار العملة في التاريخ، وفوق ذلك أعلى معدل عجز في الموازنة!!

ماذا تفعلون بكل هذه الأموال؟ هل تضرمون فيها النيران؟ إنهيار في التعليم، إنهيار في الرعاية الصحية، لا أمن ولا عدل، ومع ذلك تصدح القنوات الإعلامية ليل نهار بالحديث عن الإنجازات!!! نعم بالتأكيد فكل ما سبق هو إنجاز لم يحدث في التاريخ، دولة يتم تجريفها بإصرار من كل مقومات الحياة فيها، وحتى ثروتها البشرية يتم إفقادها إنسانيتها فلا تغضب ولا ترفض الذل، بل ويتجه الأكثرية نحو النصب والبلطجة والبحث عن موارد مالية من أي طريق، حتى لو كان هذا الطريق تأجير زوجتك للخليجي، أو بيع قطع من حجارة الأهرام، تجارة آثار مخدرات أعضاء سلع فاسدة أي شئ وكل شئ يمكن أن يحقق المكسب العاجل، فكل شئ مسموح وكل شئ مباح، إلا الرفض إلا الإعتراض إلا قول الحقيقة.

بلدي التي لم أعد أعرفها، كل شئ تغير فيها، كل شئ أصبح له ثمن فيها، كل القيم والمثل التي تربينا عليها إنهارت وتبددت، كل القامات والمؤسسات التي كانت تحظى بالإحترام وتحاط بها هالة من القدسية تحولت إلى كيانات مبتذلة بلا مبدأ ولا قيمة.
إن الكارثة أكبر من أي حديث وحتى الحديث والصراخ وخبط الرؤوس في الحائط لن يغير شيء، هنيئًا لكم .. قتلتم الأمل في أي تغيير .. قتلتم الأمل في المستقبل .. جعلتم أقصى أمنياتنا هي الخروج من هذا الجحيم المقيم.

اللهم هجرة بلا عودة ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اختتام مناورات الأسد الإفريقي بسيناريو افتراضي استخدمت فيه م


.. بعد ضربات أمريكية على اليمن.. يمني يعبر عن دعمه لفلسطين




.. فرق الإنقاذ تنتشل جثمانين لمقاومين استشهدوا في جباليا


.. واشنطن: بلينكن دعا نظراءه في السعودية وتركيا والأردن للضغط ع




.. فرق الإسعاف تنتشل جثامين مقاتلين فوق سطح منزل بمخيم جباليا