الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تركيا اكبر المتضررين من عزل قطر

حسين القطبي

2017 / 6 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


بامكان قطر ان تغير سياستها فجأة، حسب توصيات السفير الامريكي في الدوحة، وتتفادى كل اجراءات العزل، ان توقف الهبّة الاعلامية العربية ضدها، والحصار الجوي، بل وحتى تغريدات الرئيس ترامب على فيسبوك.

وفعلا فقد بدات الدوحة اولى خطات اعادة التاهيل، وقعت عقد لشراء طائرات امريكية بقيمة 12 مليار دولار، اعلن عنها امس بعد اجتماع وزير الدفاع الامريكي جيم ماتيس مع خالد العطية، وزير الدولة لشؤون الدفاع في قطر..
والصفقة تشمل 35 مقاتله اف – 15، ربما هي فقط للتذكير باتفاق امريكي سابق مع قطر، وقع في نوفمبر من العام الماضي، ويقضي بشراء قطر لـ 72 مقاتلة اف 15 من نوع كيو ايه، ووافق الكونغرس عليها انذاك.

هذه الصفقات بامكانها ان تذلل الموقف الامريكي، والعربي تبعا لذلك، اذا ما اقترنت بتغيير خارطة التحالفات القطرية، او على وجه الدقة، تنازل قطري عن قيادة الحركات الراديكالية المتطرفة في الشرق الاوسط.

ولن تكون قطر خاسرا، بل ربما ستفتح الولايات المتحدة لها مجالا اخر للعب دور اكثر اهمية في المنطقة، يتناسب مع قدراتها المالية، خصوصا بعد ان ابدت هذه المرونة العالية، والذوق، في صفقات "التسوق" العسكري الاخيرة.

لكن الخاسر الوحيد سيكون حلفاء قطر، الذين كانوا يعتمدون على يدها المبسوطة في تمويل الحركات الدينية المتطرفة، حيث استغلت من قبل بعض الاطراف في مشاريع سياسية اوسع بكثير من اهدافها الدينية المعلنة.

تركيا، التي بكت، بمرارة، سلطة الاخوان في مصر، عام 2013، وقوات المعارضة السورية المسلحة على حدودها الجنوبية، بعد ذلك، ثم شهدت انهزام تنظيم الدولة الاسلامية في حربه مع الكورد في سوريا، تحاول ان تلملم بقايا هذه التيارات، كونها الفرصة الوحيدة التي جعلت من تركيا قوة مؤثرة في الشرق الاوسط، منذ انهيار الاتحاد السوفياتي الى اليوم.

الى ما قبل عزل الرئيس المصري الاسبق محمد مرسي في عام 2013، لم يكن الاتراك يخفون زعامتهم، قصير الامد، للعالم الاسلامي، وكانت طموحاتهم، التي تبزغ من بين تصريحات كبار قادتها السياسيين والعسكريين، هي ان يوافق الغرب على دعمهم للاتراك كبديل اسلامي معتدل، ونموذج ديمقراطي، يعتبر مرجعية سياسية للمنطقة، من جهة.
ومن جهة اخرى تقوم باستقطاب الحركات الراديكالية ودعمها لتحقيق احلام الدولة العثمانية الجديدة، فلم تكتفي بالحركات المسلحة في سوريا، بل ساهمت بدعم لوجستي واضح وصريح في بناء قوة داعش المتصاعدة انذاك من اجل توجيهها ضد اعداء المشروع العثماني، الكرد اولا، والشيعة وحلفاء ايران ثانيا...

ومحاولة الجمع بين النقيضين، الوجه الديمقراطي المعتدل، من ناحية، واستيعاب وتوظيف الحركات المتطرفة، من ناحية ثانية، في وقت واحد، كان الخطا التاريخي الذي القى باردوغان من القارب.

اول مسمار في نعش المشروع العثماني الجديد كان حدث انتخاب عبد الفتاح السيسي في مايو 2014، وهزيمة الاخوان التاريخية في مصر، ايقنت تركيا بفشل الشق "الحضاري" الذي كان من المفترض ان تكون فيه البديل المعتدل للاسلام السياسي. وهذا ما دفع اردوغان على وضع بيضاته كلها في سلة الارهاب، واستغلال "داعش" كبديل، او الخطة ب، وهي العبارة التي يحب اردوغان ترديدها في خطاباته.

كان الموقف القطري انذاك، من جانبه، يرى في تركيا افضل حربة يمكن ان يغرسها في خاصرتي القوتين المجاورتين، ايران والسعودية.
الاولى تضايقه ماديا، بمحاولات الهيمنة على حقل غاز الشمال (ايران تسميه فارس الجنوبي) المشترك، وهو اكبر حقل غاز في العالم على الاطلاق باحتياطي يقدر بـ 51 ترليون متر مكعب.
والثانية تطاردها معنويا، بمحاولة السيطرة على الاثير العربي، ونفوذ الخطاب الاعلامي الموجه، الذي يلعب دورا حيويا في رسم خارطة النفوذ في المشرق العربي.

فشل الموقف القطري في حسبة الثقل الحقيقي للملكة، واعتقد ان ورطتها في اليمن، وفشل مشروع الجيوش الاسلامية الحليفة، خصوصا بعد ان بدات تترنح مع ضربات مشروع جاستا الذي تبناه الكونغرس الامريكي لمعاقبة السعودية.
بالمقابل، اعتماد تركيا على المال القطري لم يترك لها مجال المناورة بعيدا عن قطر، ولهذا السبب فان دفاع انقرة عن قطر فاق محاولات قطر نفسها في الدفاع عن نفسها، في موقفها المحرج الاخير.

اردوغان يستخدم الشعارات الدينية (اقوى الاسلحة المتاحة له) في انتقاد موقف ترامب الاخير من قطر..
العسكر التركي يرسل وحدات الى الدوحة من اجل اقناعها بالبقاء على مواقفها من تمويل الارهاب.
وزير الخارجية يزور الكويت للتنسيق من اجل انقاذ الموقف والمحافظة على السيولة القطرة القادمة للتنظيمات الارهابية..
وبعد ازدياد النفوذ الكردي في سوريا، ونجاح حزب الاتحاد الديمقراطي في استيعاب الامريكان والروس خارجيا، وعرب سوريا داخليا، ثم طرد تركيا من المساهمة التي كانت تعتقد انها مضمونة في عملية تحرير الرقة، اتضح المشهد..
وتركيا بدأت تعي، بأن لقطر خيارات كثيرة متاحة، حتى في حالة العودة الى الصف الخليجي.. بينما هي، تركيا، هي الخاسر الاول، والوحيد من عزل قطر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في شمال كوسوفو.. السلطات تحاول بأي ثمن إدماج السكان الصرب


.. تضرر مبنى -قلعة هاري بوتر- بهجوم روسي في أوكرانيا




.. المال مقابل الرحيل.. بريطانيا ترحل أول طالب لجوء إلى رواندا


.. ألمانيا تزود أوكرانيا بـ -درع السماء- الذي يطلق 1000 طلقة با




.. ما القنابل الإسرائيلية غير المتفجّرة؟ وما مدى خطورتها على سك