الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الديمقراطية والاجماع

موريس عايق

2006 / 2 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


عادة ما يتم الحديث عن الديمقراطية على انها حرية الرأي وتبادل السلطة عبر الانتخابات, لكن نادرا ما تطرح مسألة الاجماع السابق على الديمقراطية, اي القبول المسبق بمنظومة محددة من القيم والمعايير وايضا بمجال محدد من امكانيات التغيير
عربيا ظهرت المسألة بشكل واضح مع الانتخابات الجزائرية, والتي أدت الى اندلاع الحرب الأهلية, وحاليا مع الانتخابات ـالجزئيةـ التي تحصل في عدد من البلدان, حيث اننا نرى وصول قوى تطرح معايير وقيم مختلفة ومضادة للقيم الديمقراطية
هذا يدفع للسؤال عن بناء الديمقراطية بدون اجماع سابق
هذا الاجماع يحدد المعايير والقيم السياسية المقبولة من الجميع, وتتم العملية الديمقراطية عبرها ولا يتم الخروج عليها, مانلاحظه عندنا هو انعدام هذا الاجماع. فالديمقراطية لدينا مطلوب منها حسم الخيارات الاجتماعية المصيرية, اي تحديد التنظيم الاجتماعي برمته, وهذا مالاتستطيعه الديمقراطية ,انما الحرب الأهلية, فحسم هذه الخيارات لا يعطي لأصحاب الخيار المهزوم امكانية العودة ثانية. الديمقراطية لدينا عليها ان تحسم انتماءنا القومي ـعربي, اسلامي, كردي.... ـاو شكل المجتمع ـعلماني, اسلامي ,اشتراكي...ـ وطبعا ضمنها خيارات ضد الديمقراطية ذاتها
لنلقي نظرة سريعة على التشكل التاريخي للديمقراطية, سنرى وجود من لايمكن عدهم هذه الايام ديمقراطيين مثل كرومويل وروبسبير كمؤسسين للديمقراطية, كما سنرى ان ممارسة الديمقراطية ارتبطت بشروط محددة ـ ذكور بيض, حد أدنى للضريبة, واحيانا عقائديـ . في اوربا القارية لن تتشكل ديمقراطية يعتد بها الا بعد الحرب العالمية الثانية وقبلها يمكن اعتباره تاريخ ولادة الديمقراطية, او تاريخ تعثرها, ففرنسا على سبيل المثال كان تاريخها سلسة من الثورات والجمهوريات والملكيات والتي
لاتدوم الا عشرات من السنين
الديمقراطية الغربية أنجزت على قاعدة الاجماع, اجماع حقق خارج الديمقراطية اي عبر القوة والهيمنة والعنف, هذا الاجماع تتطلب الحاق هزيمة تاريخية بمشروعين, الملكيات الاقطاعية والمشروع الاشتراكي الثوري, وكل منهما ارتبط بطبقة, يعني الامر تطلب هزيمة هاتين الطبقتين. كانت الهزيمة نهائية للاقطاع والملكية, ولكن هزيمة المشروع الاشتراكي تطلب اضافة للعنف بناء عقد مع الطبقة العاملة يتضمن مشاركتها السياسية مع امكانية الضغط باتجاه المزيد من الميزات الاجتماعية والاقتصادية مقابل قبولها بالمجتمع البرجوازي كشكل وحيد للمجتمع
وعلى الرغم من هيمنة منظومة من القيم عاشت الديقراطيات أزماتها, ثورة 68, حركة الحقوق المدنية والمعادية لحرب فيتنام, وعندها كانت الفئات المهيمنة تتحدث عن أزمة ديمقراطية, وبشكل أدق عن أزمة هيمنة
الهام ان الديمقراطية تمارس ضمن مجتمع يقبل بشكل لا لبس فيه بمنظومة محددة من المعايير والقيم المحددة لسلوكه وهذه المنظومة تحقق هيمنتها, او الاجماع حولها, بشكل سابق على بناء النظام الديمقراطي, او بالترافق مع تكوينه, لكن من خارج المجال الديمقراطي, فهو اجماع سابق على الديمقراطية وليس لاحق لها
مجتمعاتنا لاتملك هذا الاجماع وهي اليوم ابعد ما تكون عن تحقيقه, لكن هل يعني هذا انها غير مستعدة للديمقراطية؟
ابدا, ان السؤال مطروح بشكل خاطئ, السؤال الحقيقي هو كيف نحقق هيمنة المشروع الديمقراطي اليوم وفي شروط مختلفة تماما عن اوربا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جيل الشباب في ألمانيا -محبط وينزلق سياسيا نحو اليمين-| الأخب


.. الجيش الإسرائيلي يدعو سكان رفح إلى إخلائها وسط تهديد بهجوم ب




.. هل يمكن نشرُ قوات عربية أو دولية في الضفة الغربية وقطاع غزة


.. -ماكرون السبب-.. روسيا تعلق على التدريبات النووية قرب أوكران




.. خلافات الصين وأوروبا.. ابتسامات ماكرون و جين بينغ لن تحجبها