الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


- الشريعة الإسلامية - سلاح ذو حدين ( الحلقة الرابعة )

محمد علي العامري

2017 / 6 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


" الشريعة ألإسلامية " سلاح ذو حدين
الحلقة الرابعة
محمد علي العامري
وضع الإسلاميون " الشريعة الإسلامية " في أولويات أجندتهم ومشاريعهم ، وجعلوها خطاً أحمراً مقدساً يحرق كل من إقترب منها . فنراهم قد تخندقوا خلفها ليحاربوا بها كل من خالفهم أو حاول إبعادها عن أحزابهم ومليشياتهم . فأصبحت الشريعة الإسلامية سلاحهم الأقوى لتهميش وتحطيم وسحق الآخر وإلغائه بالكامل ، وجعلوا منها سدوداً لحماية مشروعهم السياسي ، وحواجزاً لمنع قاعدتهم الإتصال بالآخر والتأثر به ، وأصبحت شباكاً لصيد الآخر وتصفيته .
فالشريعة الإسلامية هي شبه طلاسم لا أحد يفهمها ، ضبابية الشكل ولا ألوان محددة لها ، ولا أصحابها قادرون على إقناع المسلمين ماهي هذه الشريعة ، وما هي ماهيتها ؟ وما هي الأسس والنقاط والمفاهيم والمشارب الثابتة التي ترتكز عليها ؟ ويمكن القول بأنها خدعة ومكر ودهاء ، ومن السهولة أن تتلاعب بها الأنظمة الحاكمة والأحزاب والتنظيمات الإسلامية لما لها من خطورة وحساسية ، ووسيلة لتمرير مشاريعهم ومخططاتهم السياسية .
إختلف الفقهاء المسلمون في ما تعنيه " الشريعة الإسلامية "، وأختلفوا أيضاً فيما يخص مصادر التشريع . ولكن الإختلاف الكبير والواضح في تطبيقاتها ، والتطبيق يعتمد على الإجتهاد في التفسير والتأويل ، يعني هنا لا بد من الإختلاف وعدم التوافق ، بل إستحالة وجود شريعة إسلامية واحدة موحدة يلتف حولها المسلمون .
مصادر التشريع :
أولا : عند الإسلام الشيعي ( الإمامية الأثني عشرية ) :
1 – القرآن
2 – السنة النبوية ( أحاديث محمد وما قاله آل بيته من الأئمة الأثني عشر المعصومين )
3 – الإجماع
4 – العقل
وكما يوضح ذلك الشيخ صالح الكرباسي أحد فقهاء الشيعة ألإمامية : { إن من أهم المصادر التي يستمد منها الفقه الشيعي الامامي مادته هو الكتاب والدستور الإلهي الخالد القرآن الكريم ، و أمّا مصدره الثاني فهو الحديث النبوي الشريف و كذلك أحاديث عترته الطاهرة ( عليهم السلام )
ثمّ إنّ الفقه الإمامي الشيعي الإسلامي كما يستمد مادته من ذينك المصدرين ، كذلك يستمد من العقل في إطار خاص مثل باب الملازمات العقلية ، كالملازمة بين وجوب الشيء و وجوب مقدمته ، و حرمة الشيء و حرمة ضدّه ، و حرمة الشيء و فساده ، و توقف تنجز التكليف على البيان و قبح العقاب بدونه ، و استلزام الاشتغال اليقيني البراءة القطعية إلى غير ذلك ممّا يبحث عنه في الملازمات العقلية .
كما أن الفقه الشيعي الإمامي يستمد مادته أيضاً من إجماع الفقهاء الكاشف عن وجود نص وارد في المسألة من قِبَل المعصوم ( عليه السلام ) و إن لم يصل ذلك النص إلى يد المجتهد ، و لم يقف على مستند ذلك الاجماع . هذه هي أهمّ الأُسس التي يقوم عليها صرح الفقه الإمامي الشيعي الإسلامي } .
اما العلّامة محمد حسين فضل الله ، المرجع الشيعي الأعلى في لبنان ، يؤكد على أن القرآن والسنة النبوية كمصدر للتشريع فقط ولا حاجة لـ " الإجماع والعقل " .


ثانياً : عند الإسلام السني ( السنة والجماعة )
1 – القرآن
2 – السنة النبوية :وهي أحاديث النبي محمد فقط ، وتعتمد على المنقول عن ما سُمع عن محمد ( صحيح مسلم والبخاري )
3 – الإجماع : ويعني إجماع الفقهاء على حكم من الأحكام في زمن بعد وفاة محمد
4 – القياس : ويعني ، إلحاق أمر لم ينص على حكمه بآخر منصوص عليه في الحكم الشرعي لإشتراكهما في علّة الحكم .
وهناك من يضيف الى المصادر الأربعة :
• الاستحسان
• العرف
• الاستصحاب
• المصلحة المرسلة
• سد الذرائع
• شرع من قبلنا
• قول الصحابي

ويختلف الإسلام الشيعي والإسلام السني حول مصادر التشريع :
أولاً – القرآن :
كلا الطرفين لهما تفسيراتهما وتأولاتهما المختلفة للآيات القرآنية ، لأن المشكلة تكمن كما أسلفنا في الحلقات السابقة ، أن معظم النصوص القرآنية تكون أحكامها ظنية الدلالة ، أي إنها تحتاج الى أكثر من تفسير وأكثر من تأويل ، مما أوقع الفقهاء والمرشدين في حيرة من أمرهم وورطة كبيرة . ولهذا لاحظنا الخليفة الرابع الإمام علي بن أبي طالب قد إكتشف التناقضات في القرآن عندما قال { القرآن حمال ذو وجوه ، إنه حمال أوجه } وهو صادق بذلك ، بل وأدرك ما سيترتب عليه من إشكاليات معقدة تؤدي الى شرذمة المسلمين الى ملل ونحل ومشارب مختلفة ومتناحرة ومتحاربة ، وها هم المسلمون يعانون من ويلاتها .
وكما وضحنا أن الإسلام إنشق الى إسلامين ، وكل إسلام له من المرشدين والفقهاء والمجتهدين الذين يحاولون جاهدين تطويع النص القرآني ليكون ملائماً تماماً مع تشريعاتهم ليأخذ الصفة الشرعية ثم القدسية ، ويطلق عليه مصطلح " الشريعة " التي تحتم على أتباع هذا الإسلام أو ذاك الإلتزام بها والدفاع عنها وحمايتها كفرض إلهي مقدس عليهم . فقد إنتهى الأمر بينهما الى أن كل طرف له كتبه في تفسير القرآن الخاص به ، وله شريعته ألإسلامية التي يريد أن يفرضها على الجميع .
ففي عام 2005 قام الشيخ أحمد زكي يماني وزير النفط السعودي السابق ، بزيارة لمكتبة الفاتيكان التاريخية ، وحينها سمحوا له بالإطلاع على نسخة قديمة جداً للقرآن ، وبعد تصفحه لهذه النسخة القديمة ، أصابه الذهول عندما إكتشف أن هناك نصوص قرآنية غير موجوده في نسخة القرآن الحالي الذي بين أيدينا ، وكذلك هناك آيات موجودة في نسخة القرآن الحالي ولم تك موجوده في نسخة الفاتيكان ، ووجد العكس أيضاً . وقد قام الرجل بنشر ما رآه بعينه في الصحافة السعودية مما أثار ضجة وإحراج كبيرين في الوسط الإسلامي . وعلى إثرها نزلت دراسات تبين أن هناك عشرات السور ومئات الآيات القرآنية تم تغييرها والتلاعب بها أو إتلافها وإخفائها . فأضطر الشيخ أحمد زكي يماني الى الهروب لبريطانيا طالباً اللجوء من بعد التهم التي وجهت اليه من قبل الحكومة السعودية ومعظم مجمعات الفقهاء والإفتاء الإسلامية ، مع العلم إن يماني هو رجل متدين ومؤمن ولا يمكن أن يكذب ، ولحد اليوم لم نسمع تكذيب ما نشره .
ثانباً – السنة النبوية :
الإسلام السني يعتمد على كتابي ( صحيح مسلم والبخاري ) كمصدر رئيسي للتشريع من رواة ومحدثين عن لسان نبيهم . ومن أشهر هؤلاء الرواة ( عائشة زوجه محمد وأبوا هريرية وأبن عباس )
أما الإسلام الشيعي ، يعتمد على آل بيت نبيهم من سلالة فاطمة بينت محمد وزوجة علي بين أبي طالب كمصدر رئيسي للتشريع . ولا يثقون بكتابي ( صحيح مسلم والبخاري ) ولا بعائشة زوجة محمد أو أبو هريرة .
ثالثاً – الشيعة يعتمدون على العقل كمصدر أساسي للتشريع ، بينما تلغيه السنة ولا تعترف به كمصدر أساسي للتشريع .
رابعاً – السنة يعتبرون القياس من المصادر الرئيسية للتشريع ، لكن الشيعة تلغيه ولا تعترف به كمصدر أساسي للتشريع .
خامساً – الإسلام الشيعي يلغي بالكامل ( الإستحسان – العرف – الإستصحاب – المصحلة المرسلة – سد الذرائع – شرع من قبلنا وقول الصحابة ) كمصادر للتشريع .

ولهذا ، نؤكد بأنه لا توجد على الإطلاق شريعة إسلامية واحدة موحدة ممكن الرجوع اليها والإتكال عليها والإسترشاد بها . وما نسمع به عن المطالبة بتطبيق " الشريعة الإسلامية " هو مجرد أكذوبه وخديعة ، يراد منها تجهيل المجتمع الإسلامي ودغدغت مشاعره وعواطفه ليتمكنوا من السيطرة عليه وتمرير أجندتهم ومشاريعهم السياسية أو الحزبية ، وغالباً ما تكون لخدمة الأنظمة الحاكمة بشكل غير مباشر .
محمد علي العامري
17 حزيران 2017








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - السلاح الذي ذو حدين هو خطر على صاحبه
فهد لعنزي ــ السعودية ( 2017 / 6 / 18 - 07:02 )
اشكرك جزيل الشكر على هذه الحلقات التي ابنت فيها ما هو الاسلام وهل من الممكن ان تقوم دولة متماسكة الكيان باسمه واثبت بالدليل والبرهان استحلة ذالك وما الطلب باقامة دولة اسلامية والاسلام هو الحل ما هي الا اكذوبة وخديعة والهدف هو تجهيل المجتمع والسيطرة عليه وقد اصبت كبد الحقيقة االتي لا مرآء فيها. اخي الكريم . اما ما بينته حول زيارة زكي اليماني للفتيكان وكشفه عن الخلاف بين نسخة الفرآن التي في حوزة الفاتيكان والنسخة المتداوة الآن اعتقد اننا لسنا بحاجة للتاكيد على ان النسخة المتداولة من القرآن وهي من جمع عثمان الذي قتله المسلمون انفسهم هي نسخة غير موثوقة وان دل هذا على شيء فانه يدل دلالة قاطعة على ان الاسلام هو صناعة بشرية بامتياز وحاشى الله ان يترك دينه للبخاري ومسلم والكليني والصدوق ومئات المفسرين والمجتهدين وكل يغني على ليلاه. على المسلمين ان يكفوا عن الشعارت الزآئفة ويدعوا الدين شان شخصي وكل انسان حر فيما يعتقد وتكون الدولة دولة علمانية والمواطنة وحقوق الانسان هما المعيار الذآن تبنى عليهما القوآنين المدنية التي تنظم العلاقات بين المواطنين من جهة ومن جهة اخرى بين الحاكم والمحكوم.

اخر الافلام

.. مظاهرات في لندن تطالب بوقف الحرب الإسرائيلية على غزة


.. كاميرا سكاي نيوز عربية تكشف حجم الدمار في بلدة كفرشوبا جنوب




.. نتنياهو أمام قرار مصيري.. اجتياح رفح أو التطبيع مع السعودية


.. الحوثيون يهددون أميركا: أصبحنا قوة إقليمية!! | #التاسعة




.. روسيا تستشرس وزيلينسكي يستغيث.. الباتريوت مفقودة في واشنطن!!