الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مع حقوق الإنسان ضد حقوق الشعوب؟!

سلامة كيلة

2003 / 2 / 21
اخر الاخبار, المقالات والبيانات



 
شعار "لا للحرب على العراق" يملأ شوارع العالم. وتُفهم الحرب على أنها من أجل النفط والهيمنة. وتُرفض لانها حرب إمبريالية بكل المقاييس، حيث تعمل الدولة الاميركية على توسيع سيطرتها العالمية، بتوسيع انتشار قواتها لتشمل مفاصل العالم ومواقعه الاستراتيجية وكل مناطق النفط.
وكل ذلك يؤثر على شعوب العالم ويساهم في إخضاعها لسيطرة اميركية تُعمم تحت "أوهام" العولمة، ويُجعل اقتصاد العالم في قبضة اميركية، مما يفتح أفق الابتزاز والمساومة من موقع القوة، وايضاً  الاحتكار. لهذا باتت الحرب التي بدأت في افغانستان. وتُطل الآن على العراق، وستطاول دولاً اخرى من "محور الشر" ومن غيره، باتت حرباً امبريالية من أجل النهب والسيطرة، وأصبحت محط رفض عالمي متسع، يُترجم بتظاهرات واحتجاجات واسعة حتى قبل أن تبدأ ضد العراق.
واذا كانت مظاهر رفض "الشارع" العربي واضحة، رغم ضحالة التحركات، الامر الذي يُشعر بالخجل. فإن الحرب على العراق - كذلك - تطرح مشكلات لا يبدو ان العالم يلمسها، او يعتبرها كذلك. ليس لانه يدافع عن النظام في العراق حيث أن هذا النظام يحظى بانتقادات عميقة من زاوية "حقوق الانسان" والديموقراطية، وقمع الاكراد... الخ. إن فظاعة الاستبداد الذي مورس طوال العقود السابقة، والشعور بأن ميزان القوى "الداخلي" لا يهيئ لتغيير ديموقراطي، أفضيا الى تأسيس "شقاق" بين الديموقراطية و"المسألة الوطنية"، لدى قطاع من المثقفين، وأسّسا لبدء تداول مفاهيم الاستعمار والاستبداد، والميل الى "المساواة" بينهما، او تأكيد اولوية مواجهة الاستبداد على الاستعمار (او العكس).
هذا الوضع يفرض التأمل، ولكنه يفرض مناقشة المشكلة، خصوصاً ان الحرب تقترب، وأن مفارقة الرفض العالمي تُشعر بالخجل، وتدفع الى تحرك عربي حقيقي، وهنا أوضح أنني لن أنطلق من "الموقف القومي" رغم أن المشاعر القومية هي التي تحرك "الشارع العربي" وهذا امر لا يستهان به، خصوصاً حينما يكون الصراع ضد الدولة الاميركية او الوجود الصهيوني. كما لن أنطلق من بديهيات الوعي العالمي المناهض للحرب، رغم صحة هذه البديهيات القائمة على أن الحرب هي من اجل النهب والهيمنة. وأنها لا تستهدف النظام العراقي الا لانها تستهدف العالم بالاساس.
أميل تالياً هنا الى "تحييد" مسائل منهجية تتعلق بتحديد طبيعة الصراع والتناقضات والاولويات، مما يفرض تحديد انطلاقنا من مسألة واحدة هي الديموقراطية. هذا الاساس الذي يكاد يحدد كل شيء. ولست ممن يتجاهلون أهميتها بل على العكس، سيتوضح أنني أشير الى نقص الديموقراطية لدى "الديموقراطيين" أنفسهم. فاذا كان تحديد الموقف من الحرب الراهنة ضد العراق (وهي حرب أشمل من العراق لانها تطاول المنطقة كلها والعالم) ينطلق من المفاضلة، او عدم المفاضلة، بين الاستعمار والاستبداد، فمن البديهي ملاحظة ان مبادئ حق تقرير المصير للأمم (او للشعوب) وحق الاستقلال ومبدأ السيادة وعدم جواز تغيير الانظمة بالقوة الخارجية، هي قيم ديموقراطية، وهي في صلب النظام القانوني الدولي (على الاقل مثل حقوق الانسان) ويفرض الموقف الديموقراطي المنسجم تالياً التمسك بها.
إذن ليس من الممكن ان نكون مع "حقوق الانسان" وضد حقوق الشعوب، ومع تأسيس العلاقة بين المواطن والسلطة على اساس ديموقراطي ورفض تأسيس العلاقة بين الدول والأمم على اساس ديموقراطي.
إن النظرة "الديموقراطية" محض انتقائية من جهة، وقاصرة عن أن تكون مدخلاً لتحديد موقف من الحرب الاميركية الراهنة، من جهة اخرى، مما يعيد المسألة الى تشابكها ويفرض طرحها من منطلق "قومي" او من منطلق "طبقي"، او من المنطلقين معاً. أي كونها حرباً تهدف الى النهب والهيمنة والاستعمار، دون أن يُفهم من ذلك تجاهل مسألة الاستبداد والطموح الديموقراطي.

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كير ستارمر -الرجل الممل- الذي سيقود بريطانيا


.. تحليق صيادي الأعاصير داخل عين إعصار بيريل الخطير




.. ما أهمية الانتخابات الرئاسية في إيران لخلافة رئيسي؟


.. قصف إسرائيلي يستهدف مواقع لحزب الله جنوبي لبنان | #رادار




.. سلاح -التبرعات- يهدد مسيرة بايدن في السباق الرئاسي! #منصات