الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثلاثة حروب ب 130 ليرة يا بلاش

سلطان الرفاعي

2006 / 2 / 3
حقوق الانسان


محدثي مُدرس في جامعة دمشق. والده مقاتل متقاعد في الجيش العربي السوري. خاض ثلاثة حروب- 48-67-73- تم استدعاءه إلى الاحتياط 11 مرة. أمضى 14 سنة من عمره في الجبهة، ضمن كتيبة مسعدة، راتبه ألتقاعدي 550 ليرة سورية، مقدار ما حصل عليه من الزيادة الأخيرة 130 ليرة سورية، وأصبح إجمالي راتبه 1300 ليرة سورية فقط لا غير.
وما دمنا نتحدث بالأرقام، فان رقم دفتر خدمته العسكرية هي -1- نعم واحد. قرعة عام 1929- شعبة التجنيد صلخد - اختصاص إشارة، في عام 1967 تم الاتصال به بعد بلاغ 60 ما غيره، في الجبهة الساعة الخامسة مساء، وقيل له لما لم تتحرك كتيبتكم ونحن عممنا البلاغ في الثانية ظهرا. وأجاب بأنه حتى ساعته لم ير ولا جندي عدو؟؟؟
يقول محدثي إن والده، من اجل إعالتهم، وإفساح المجال لهم للدراسة، فكر في مشروع صغير، ولم يجد سوى بقرة، اشتراها، وقدمت لهم هي أي البقرة وأبنائها أي أبناء البقرة، ما لم تقدمه لهم الدولة أي الحكومة وأبنائها أي وزارة المالية وتوابعها. فالبقرة كانت ارحم عليهم واحن من الحكومة التي أضافت للوالد المقاتل مبلغ 130 ليرة سورية، أي تقريبا دولارين، عدد 2 دولار بالا رمني.
ومن اجل المصداقية أكثر وأكثر، اسم المقاتل زيد سليم أبو ترابة، والذي أصبح معاشه الكلي كما ذكرت، 1300 ليرة سورية، مع العلم أن السيد وزير المالية يقول انه ليس هناك راتب اقل من أربعة ألاف ليرة. من نصدق؟
السيد زيد، وخلال خدمته في الجيش العربي السوري، استطاع إلقاء القبض على جاسوس إسرائيلي وحصل مقابل ذلك على بطاقة ثناء من حسني الزعيم.وهو مستعد ل إجراء مقابلة في كل الصحف الوطنية للتحدث عن المشاريع التي سيقوم بها بمبلغ ال130 ليرة سورية التي حصل عليها، إضافة إلى الرحلات التي ينوي القيام بها، ناهيك عن شراء الجنسيات الأجنبية بهذا المبلغ الذي حصل عليه، بعد خوضه ثلاثة حروب مع العدو النذل واقصد طبعا إسرائيل.

مقاتل آخر في الجيش العربي السوري، المعاش ألتقاعدي التي تقبضه زوجته هو 2275 ليرة سورية، حصلت نتيجة الزيادة المهولة الأخيرة على مبلغ 250 ليرة سورية يعني أكثر من 5 دولارات. هذا المقاتل في خلال خدمته العسكرية، استطاع أن يأسر دبابة إسرائيلية وقائدها، وكان يتحدث دائما عما شاهده داخل الدبابة، من علب طون إلى سكر وسردين إلى ملابس. تم تقليده وسام الشجاعة، باع ابنه الوسام بمبلغ 5 ليرات سورية بسبب الضائقة المادية، أي 5 سنتات.
وطبعا الزوجة التي قبضت تلك الزيادة، تعتزم أيضا افتتاح محل للشوكولا الفاخرة في قريتها النائية وما حدا أحسن من حدا.

في كل منا حاجة إلى أن يسمع رسالتين تترددان في أعماق نفسه وأن يسجلهم في وجدانه وتاريخه:

أولا انه إنسان مسئول لا نكرة مهمل وانه ثانيا يتمتع بتقدير الآخرين وثقتهم. فرسالة الثقة قد تكون كالآتي: انك شخص فريد، تتحلى بوطنية حقيقية، وشخصية مميزة. أما رسالة المسؤولية فقد تترجم شعورا بأنك شخص وطني تتحمل مسؤولية الدفاع عن وطنك وعرضك وبيتك. لقد قيل في هاتين الرسالتين انهما ((الجذور والأجنحة)). على الوطن أن يهب الشعب جذورا وأجنحة. فجذور المواطن تكمن في الشعور بالقيمة الشخصية، وفي الثقة بالنفس وفي الأيمان بأنه شخص محترم ومميز وفريد، هذا هي الوطنية الحقيقية، التي لا شروط لها. أما الأجنحة فهي فهي الاحساس في اعماق النفس بامتلاك القدرة على الطيران والتحليق في اجواء الوطن .والتغريد في كل مكان، وكيفما كان. بعيدا عن الأقفاص الحديدية، والدواليب الألمانية، والكرابيج العربية، والخوازيق التركية.
أن يحس المواطن بجذوره فذلك يعني أنه راسخ في كيانه ويعرف ما يريد من الوطن، وأن يشعر بأن له أجنحة فذلك يعني أنه على أهبة الاستعداد ليحقق ما يدعوه الوطن إلى القيام به.

المقاتل الذي قبض مبلغ الزيادة والبالغ 130 ليرة سورية، كم سيفتخر بوطنه!!وكم سيشعر بقيمته الشخصية!! وكم سيقارن نفسه بالصفصاف الذي تنمو جذوره على سطح الماء، وبالتالي كما تقول الأغنية عليه ألا يستحي، وكذلك المقاتل الذي خاض ثلاثة حروب، عليه ألا يستحي من هذا المبلغ الطائل، فهذه ليست قيمته؟؟؟؟ وعليه أن يبقي هذه العطية سرا عن أحفاده، حتى لا تزداد مأساته، ويُصبح مسخرة في نظرهم. فجدهم ؟البطل الذي تغنى كثيرا بخدمته العسكرية لوطنه.
والذي كان يجمع أحفاده في ليالي الشتاء حول المدفأة ، والبقرة الأم الحنون الحقيقية تصدح بألحان الوفاء وعرفان الجميل لمن يقتنيها. كان يقول: جعنا يا جدي على الجبهة، وبردنا، وعطشنا، ويوم قبضت على الجاسوس الإسرائيلي أحسست بأن الأرض تزغرد من الفرح، وأن السماء ازدادت نقاء وصفاء، كنا نقاتل يا جدي دفاعا عنكم وعن أباءكم وعن أرضنا التي لا املك فيها شبر، وعن البقرة التي أطعمتكم وأطعمت آباءكم. لقد قاتلنا يا جدي، في الحر والبرد، في الليل والنهار، بطعام وبدون طعام. وكل ليلة قصة جديدة، وكل ليلة اسم لرفيق جديد.
لقد قاتل في ثلاثة حروب، وحصل على 130 ليرة سورية بمعدل 40 ليرة سورية عن كل حرب.

، ان المحبة والدفاع عن وطن تطمر فيه الحكومة رأسها في الرمال كما تفعل النعامة، حتى لا ترى مآسي هذا الشعب هو مهزلة كبيرة، لا بد من أن تنعكس نتائجها على الممثلين والمخرج والجمهور،








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رشوا السياح بالمياه.. سكان برشلونة يتظاهرون ضد السياحة المفر


.. لحظة اعتقال الشرطة الإسرائيلية لمتظاهر في تل أبيب




.. رئيس وزراء بريطانيا الجديد ينهي خطة لترحيل اللاجئين لرواندا


.. شهيدان بينهما موظف أونروا جراء قصف إسرائيلي قرب مخزن مساعدات




.. رئيس الحكومة البريطانية كير ستارمر ينهي خطة ترحيل اللاجئين ?