الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا يقصد فورد بقوله سيندم الأكراد على ثقتهم بأمريكا ..؟؟

محمد حبش كنو

2017 / 6 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


تصريحات السفير فورد لصحيفة الشرق الأوسط أثارت الكثير من البلبلة في الشارع الكردي ولعل أهم ما جاء فيها قوله بأن أمريكا لا تتعامل بشكل أخلاقي مع الأكراد وأنها ستتخلى عنهم بعد تحرير الرقة وستتركهم لمصيرهم حين يتفق النظام مع تركيا وإيران للعودة إلى المناطق الكردية وأن الأكراد سيندمون على ثقتهم بأمريكا .

حقيقة فإن هذا الكلام الصريح جدا يستحق الوقوف عنده كثيرا وتفكيكه وتحليله بهدوء وعقلانية بعيدا عن التأويلات التي يصوغها كل طرف كردي أو عربي لصالحه وكأن الكلام قد فصل له خصيصا و يجب أن نعلم بداية أن هذا الكلام ليس كله صحيحا وليس كله خطأ أيضا فهناك تعقيدات كثيرة في هذه المسألة والسفير فورد لا يمثل السياسة الأمريكية بل هو أحد الأجنحة الكثيرة داخل أمريكا والتي تختلف وجهات نظرها حول الأزمة السورية ودعم طرف دون آخر ويدرك المتابع لمواقع مراكز القرار الأمريكية ونشراتها ونقاشاتها مدى هذا التضارب في التوجهات .

فورد معروف بتفضيله جماعات المعارضة الإسلامية على سواهم وكان من الذين ينادون دائما بتسليحها وكان يراهن عليها في إسقاط الأسد وسبق أن صرح بأن تسليح المعارضة كان أفضل من تسليح الأكراد لكنه هو نفسه يؤكد في تصريحاته للشرق الأوسط أن الإدارة الأمريكية لم تكن تستمع إليه سواء رأس الإدارة أوباما أو مدير المخابرات وهو نفسه يعترف بأن كل توقعاته حول الأزمة السورية قد خابت وبالتالي لا يمكن التعويل على ما يقول بشكل مطلق ولكن لا يمكن تجاهل كلامه أيضا ففيه الكثير من الحقائق بعيدا عن نياته الحقيقية وراء إطلاقها وربما هي رسالة للسعودية ومحورها في دول الخليج بأخذ الحذر بعد تقاربهم مع الأكراد خاصة وأنه صرح لصحيفة ممولة ومدعومة من السعودية .

من حيث المبدأ فإن أمريكا سبق وتخلت عن الأكراد في العراق وإيران كما بين فورد نفسه في مقاله ولكن المعادلة تغيرت فيما بعد ورجعت لتنشأ لهم منطقة آمنة محمية من قبلهم حتى الآن وهو ما لم يتطرق إليه السيد فورد أما العلاقة مع حزب الإتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب الكردية فقد يكون في كلام فورد بعض الدقة ولا يستبعد أن تحد أمريكا من نفوذهم مستقبلا وليس التخلي التام وتركهم فريسة لتركيا وإيران والنظام السوري كما يدعي فورد فأمريكا أتت من أجل النفط والغاز في الجزيرة والبادية وهناك صراع محموم الآن على البادية ما بين التحالف الدولي من جهة والنظام السوري وروسيا وحلفائهم من جهة أخرى وكانت آخر إرهاصات هذا الصراع إسقاط طائرة حربية تابعة للنظام السوري من قبل التحالف .

ما أتوقعه هو أن أمريكا ستحد من سلطة العمال الكردستاني مستقبلا وستقبل بنفوذ البرزاني في المناطق الكردية وستعد لشراكة مستقبلية أشبه بما فرضته في إقليم كردستان ولكن ليس هذا هو السيناريو الوحيد المحتمل فمن الممكن أن تنسحب أمريكا من سوريا كما انسحبت من لبنان والصومال والعراق وهو ما يؤكده السفير فورد وهي النقطة التي يجب الوقوف عندها طويلا فإيران والنظام السوري سبقو وأن اضطرو أمريكا للإنسحاب من العراق عبر دعم المجاهدين الذين أنهكو القوات الأمريكية رغم ما صرفته من أموال في العراق وهو ما أشار إليه ترامب في إحدى خطبه بأن أمريكا صرفت الترليونات في العراق ثم سلمتها لقمة سائغة إلى إيران .
هذا السيناريو يبدو مكررا اليوم أيضا فرغم أن أمريكا تغطي القوات العراقية والحشد الشعبي جويا في حرب الموصل نجد أن الحشد يصرح بين الفينة والأخرى بمعاداة أمريكا وفي كل الأحوال سيسيطر الحشد على الموصل و ما حولها بفضل الأمريكيين وسيمتد نفوذ إيران من جديد .

في سورية يحدث نفس الشيئ حيث لم يتعرض النظام لداعش في الرقة على مدار سنوات والآن يحصد بكل سهولة منجزات الأمريكيين وحلفائهم الكرد الذين خسرو الكثير من شبابهم من أجل دحر داعش وتحرير هذه المناطق ودفعو الثمن من أموالهم وبيوتهم وقراهم والسؤال الأهم هنا ولو كان مجازا ماذا لو انسحب الأمريكيون فعلا وتركو الكرد لمصيرهم ..؟؟؟

كأول رد فعل صرح ألدار خليل مسؤول في الإدارة الذاتية الكردية لإحدى المواقع الخليجية حيث قال لو حدث وانسحبت أمريكا فليس لدينا ما نخسره .
حقيقة يعتبر هذا التصريح كارثيا فلا أعلم ماذا يقصد بليس لدينا ما نخسره وماذا عن عشرات الآلاف من زهرة شبابنا الذين استشهدو وماذا عن المدنيين الذين ذبحو في مجزرة كوباني وماذا عن المعتقلين في سجون داعش وماذا عن مدن تدمرت بأكملها كحال مدينة كوباني وماذا عن مئات القرى التي نهبت وماذا عن مئات الآلاف الذين شردو في أصقاع الأرض ..!!!

هذا التصريح قد يلخص لب الموضوع فحزب الإتحاد الديمقراطي يعلم علم اليقين بدهائه في ظل هذه التعقيدات أنها لن تدوم له وبالتالي فهو يسعى إلى جمع أكبر قدر ممكن من المال في هذه المعمعة حيث البترول والغاز والزراعة والضرائب التي تجبى من المواطنين داخليا وخارجيا وهو ما يفسر عدم اهتمامه برضى الشعب وكسب وده بل يسعى إلى خنقه بكل الطرق و الكوادر التي قدمت من قنديل لا تملك غير حقائب محزمة جاهزة للرحيل .

علينا هنا أن ندرك وهو ما نكرره دائما أن القوة تكمن في العوامل الذاتية وليست الخارجية والبعض يراهن على هذه القوة في حال تخلي الأمريكان عنهم وأن الكرد قد بنو مؤسسات تستطيع مواجهة الصعاب لكن الحقيقة أن هذه القوة هشة ولم تستطع أن تصمد أمام داعش أربعا وعشرين ساعة حين هاجمت داعش كوباني فما بالك بمواجهة قوى أكبر مستقبلا فيما لو تركو فريسة للنظام وتركيا وإيران .

الحل الوحيد كان وما زال في توحيد الصف الكردي و محاربة الفساد الذي ينخر جسد الإدارة الذاتية فلا يمكن للصوص ان يبنو الأوطان ولا أن يحافظو عليها ولا يمكن أن تقنع دول العالم بنموذج حكم شمولي ستاليني يتمحور حول عبادة الفرد ولنا نعلم أن الغرب كان يدعم أحيانا الجماعات الإسلامية لإسقاط مثل هذه النماذج من الحكم والأمثلة لا تعد ولا تحصى .

في المحصلة إذا كانت أمريكا جادة فستضغط على هذه الإدارة لتغير من سلوكها وتدخل نهج الشراكة بديمقراطية حقيقية بعيدا عن الايديولوجيات المنقرضة وتنهي حالة الفساد والتضييق على المواطنين وتعيد بشكل جدي برنامج إعادة الإعمار ليعم الإستقرار المنطقة وفي ذلك مصلحة للجميع ففيما يبدو أن هذه الكمية من القواعد التي تبنيها أمريكا في المنطقة لا تنذر بانسحاب قريب وأن الأمور أعقد مما تفوه بها السفير فورد .
رابط تصريحات روبرت فورد لصحيفة الشرق الأوسط
https://m.aawsat.com/home/article/955076/%D9%81%D9%88%D8%B1%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%83%D8%B1%D8%A7%D8%AF-%D8%B3%D9%8A%D8%AF%D9%81%D8%B9%D9%88%D9%86-%D8%AB%D9%85%D9%86-%D8%AB%D9%82%D8%AA%D9%87%D9%85-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D9%8A%D8%B1%D9%83%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D9%88%D8%A3%D9%88%D8%A8%D8%A7%D9%85%D8%A7-%D9%84%D9%85-%D9%8A%D8%AA%D8%B1%D9%83-%D9%84%D8%AA%D8%B1%D9%85%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%AB%D9%8A%D8%B1-%D9%85%D9%86








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عقوبات أميركية جديدة على إيران تستهدف قطاع الطائرات المسيرة


.. ماكرون يدعو لبناء قدرات دفاعية أوروبية في المجالين العسكري و




.. البيت الأبيض: نرعب في رؤية تحقيق بشأن المقابر الجماعية في قط


.. متظاهرون يقتحمون معهد التكنلوجيا في نيويورك تضامنا مع جامعة




.. إصابة 11 جنديا إسرائيليا في معارك قطاع غزة خلال الـ24 ساعة ا