الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اللاجئُ أيام الدهر كلها عليه قليلٌ .

يوسف حمك

2017 / 6 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


اللاجئ هو بحد ذاته قضيةٌ شاملةٌ لا تخصه وحده ، بل قضية وطنٍ ممزقٍ ، و أمةٍ توشك على الانهيار .
قضية زمنٍ طعنه غدراً على خاصرته و هو في غفلةٍ عنه ، فكان حقل رميٍ لقذائف براميل الجبابرة داخل وطنه . أما خارجه فطبقٌ شهيٌّ لأسماك القرش و الحيتان المجنونة في المياه الغادرة ، أو رهين سطوة المأفونين الممسوخين داخل تجمعاتٍ سكنيةٍ كل شيءٍ فيها هشٌ إلا الحزم و العنف و فرض النفوذ ، وليس له يدٌ في اختيار أدنى مطلبٍ له رغبةٌ فيه .

هناك أمورٌ تحدث خارج السيطرة ، و على عكس المألوف – سواء أكانت شيقةً ، أم تبعث على المرارة – حينما يفاجئك أمرٌ ما ، و لم يكن اعتيادياً بالنسبة لك في السراء أو الضراء ، يهز كيانك ، و يقلب مزاجك رأساً على عقب ، ويحتلك الانفعال .
فإما الغرق في النعيم ، أو الغور في مستنقع الشقاء حتى يضيق عليك النفس .
مثلما يفرض عليك الخروج من مسكنك مكرهاً ، فتسكن في مكانٍ كل ما حولك موحشٌ ، فتصبح حينها قضيةً ،
قضيةُ مسح ما تبقى من آثار كرامةٍ مهدورةٍ بالأصل ، طالما خذلك الحظ ، فولدت في مجتمعٍ شرقيٍّ بائسٍ .
ضعفٌ و عجزٌ ، و لا بصيص نورٍ به تهتدي ، و عليك أبواب الجحيم مفتوحةٌ .


عاشقوا المال و السلطة بصماتهم واضحةٌ للعيان في كل بقعةٍ من مستوطنٍ فيه مسكنك الجديد .
استحوذوا على كل كبيرةٍ و صغيرةٍ بالتضليل و حَبْكِ الكذب و التبعية ، ليغتصبوا ما تبقى من همةٍ في نفوس من لا يواليهم ، أو لا يسكت عن أخطاءٍ ارتكبوها ، و فساد متورطون فيه .

ابتزازٌ كيديٌ متقصدٌ موجهٌ لمن لا يرفع الراية البيضاء ، أو لا يغازلهم فلا يبالي بوجودهم .
فئةٌ ضالةٌ ترتعد أوصالهم لمجرد أن تنتقد سلوكهم أو تورطهم ، و من الصعوبة محاسبتهم أو معاقبتهم مهما حاولت حشد طاقاتٍ رصينةٍ كخطوةٍ احترازيةٍ ، أو الوقوف صفاً واحداً ، لَتَعَذَّرَ عليك اقتلاعهم أو إفشال محاولاتهم .
الكثيرون ضحايا بطشهم – إعفاء هذا الكفء من مهامه الموكلة إليه ، و تعلية ذاك المأفون الذي لا يرجى الخير منه ، و حرمان المستحق من مستحقاته لمنح من لا يستحقها .... –
تيارٌ جارفٌ يطيح بكل من لا يتوافق معه .

و القوى العظمى هي التي تفرض الحروب ، فتنهال بطائراتها على الحكومات و الأنظمة بوابلٍ من قذائفها لقتل العباد و تدمير البلدان ، فتشعل فتيل الأزمات السياسية و الدينية و الإثنية و العرقية ، و تفرض حروباً أهليةً ، فيزداد حجم معاناتٍ يفوق الوصف .

المثال واضحٌ في سوريا وضوح الشمس ، كل الدول لها وجودٌ فيها مع ترساناتها الهائلة ، و فئات المسلحين في سباقٍ دائمٍ على أرضها – من غرباءٍ و أصليين - الكل في عراكٍ دائمٍ بلا مللٍ .

الوضع مذهلٌ ، و أعداد اللاجئين مروعٌ ، فناهيك عن نزحٍ من مدينةٍ إلى أخرى أكثر أمناً ضمن بلاده .
عائلاتٌ مفككةٌ ، و طفولةٌ مشردةٌ ، و حياةٌ يطاردها الموت بكل صنوفها أينما كانت الوجهة . و مثلها في العراق و اليمن و ليبيا ، فقبلها في إفغانستان و الصومال و غيرها .

و لئن خصصوا يوماً واحداً لاستعراض هموم اللاجئ الذي يتعرض حياته و وطنه للتهديد ، و تقديم سبل العون له برعاية المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة ، فالرسالة واضحةٌ للحكومات المستضيفة أيضاً بضرورة التضامن و تقاسم المساهمة لضرورة أن تعيش كل عائلةٍ لاجئةٍ في مكانٍ آمنٍ ، و ضرورة حصول كل لاجئٍ على العمل ، كما ضمان العودة إلى بلدانهم الأصلية .
غير أن الظروف المعيشية في تفاوتٍ ، و فرص العمل ضئيلةٌ جداً ، و تأمين الطلبات عويصٌ لا يتحقق إلا بشق النفس .
فالحكومات تتاجر بقضية اللاجئ ، و المفوضية بالتزامها الرقابي لا تفلح .
فكما تتقاسم الدول مسؤولية حماية اللاجئ و السعي لتوطينه ، فإنها تتقاسم في مسؤولية النزاعات و الحروب التي تهجره عنوةً ، و تسبب بفرار مئات الأسر كل يومٍ ، فتضع العراقيل أمامهم بدلاً من مد يد المساندة الفعلية لهم ، و تفرض شروطها على غيرها حسب المصالح السياسية ، بعيداً عن المسؤولية الأخلاقية الملقاة على عاتقها .

و على الصعيد ذاته فزراعة بذور السلام في أوطانهم الأصلية أولى من زراعتها في تربةٍ خارج الحدود .
فأما تخصيص يومٍ واحدٍ من أيام السنة للاجئ فعليه قليلٌ ، لأن أيام الدهركلها لا تسد رمق غصةٍ حبيسةٍ في الحلق ، أوتعادل دمعةً خرساءَ حائرةً على خده .











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لماذا يتظاهر المعارضون لخدمة التاكسي الطائر في باريس؟ • فران


.. إسرائيل - حزب الله: أخطار الحسابات الخاطئة • فرانس 24




.. أحدها انفجر فوق شاطىء مكتظ.. لحظة هجوم صاروخي أوكراني على جز


.. بوريل يحذر من أن الشرق الأوسط على أعتاب امتداد رقعة الصراع م




.. روسيا تستدعي سفير الولايات المتحدة للاحتجاج على استخدام القو