الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حبيبات إيفان فرانكو.. بين حياته وأشعاره الحميمة – 2 –

عماد الدين رائف

2017 / 6 / 21
الادب والفن


ولد الشاعر السلافي الكبير إيفان ياكوفليفيتش فرانكو في السابع والعشرين من آب/ أغسطس 1856، في عائلة تنتمي إلى طبقة الفلاحين، في بلدة ناهويفيتشي، التي كانت تابعة لمقاطعة دروهوبتشسكي في غاليسيا، في الإمبراطورية النمساوية المجرية. كانت حياته عبارة عن مشوار طويل مع الصراعات المختلفة، كمصير مسقط رأسه، مملكة غاليسيا لودوميريا التاريخية، التي كانت حين مولده كبرى مقاطعات الإمبراطورية مساحة وأكثفها سكّانًا، وكانت عاصمتها مدينة لفيف (لفوف).
خاض الكاتب، والشاعر، والعالم، والناشر والناشط الاجتماعي فرانكو غمار الحياة بنزعة سياسية حادّة لم يسلم من عواقبها، فكان مصيره السجن غير مرّة. فمن نشاطه الدؤوب في "الحركة الاشتراكيّة الثورية للتحرر" على أراضي المملكة التاريخية، إلى "الحزب الروسي الأوكراني الراديكالي" الذي كان ناشطًا على الأراضي النمساوية، كان الشاعر يسعى إلى تحرير شعبه الواقع على حدود الإمبراطوريات الكبرى من نير الاحتلال. وقد رُشّح فرانكو لنيل جائزة نوبل في العام 1915، إلا أن الموت باغته في الثامن والعشرين من أيار/ مايو 1916، قبل أن تنظر اللجان المختصة بترشيحه.

الحبّ الثاني.. الأميرة الفخورة

حياة فرانكو العاصفة نضاليًّا رافقتها حبيبات كتب فيهن وإليهنّ أشعاره باللغة الأوكرانية، وهو أحدُ آباء اللغة الأوكرانية الحديثة، التي أرسيت معالمها النحوية والصرفية في الربع الأخير من القرن التاسع عشر. وبعد حكاية حبّه الأوّل الكبير ومشاعره الجيّاشة التي خص بها أولغا روشكيفيتش، يعاجله حبٌّ آخر.. يأتي إليه سريعًا خفيًّا، وكذلك لا يمكنه الوصول إليه بسهولة، كما لو أنَّه شعلة قداسة تحمل معها فصل الصيف. في رسالته إلى الكاتب والمستشرق الكبير أغاتانغل كريمسكي (1871-1942)، يتذكر فرانكو، يقول: "لقد ترك تعرّفي إلى فتاة بولينيّة اسمها يوزيفا دزفونكوفسكايا في النفس انطباعات عميقة. لقد أردت أن أتقدم بطلب يدها لأتزوّجها.. لكنها، في البداية، لم تكن متصالحة مع نفسها، فأبعدتني عن قلبها ثم ما لبثت أن توفِّيت بعد بضع سنوات، كمدرِّسة شعبية...".
كانت يوزيفا دزفونكوفسكايا ابنة عائلة مهاجرة، من العائلات التي نزحت قسرًا بعد مشاركتها في الانتفاضة الفاشلة في الإمبراطورية النمساوية المجريّة، في العام 1863. وكان التيه لسنوات طويلة في أصقاع أوروبا مصير تلك العائلات، التي تنتمي إلى طبقة النبلاء المحليين في مملكة غاليسيا التاريخية. وفي نهاية المطاف، عفت الأمبراطورية عن تلك العائلات وسُمح لها بالعودة للاستقرار في مدينة ستانيسلاف. وفي الواقع لم يكن إيفان فرانكو وحده من وقع في حبّ يوزيفا، بل كل أعضاء مجموعته كذلك، لكن الفتاة لم تكن لتبادل أحدًا منهم مشاعر الحب. ومع ذلك أحبّ إيفان يوزيفا دزفونكوفسكايا حبًّا قويًا صادقًا وجارفًا، وراسلها وراسلته، وقرّر في نفسه أنّ هذه المرأة يمكنها أن تحتل مكان أولغا روشكيفيتش، أو أنّها الوحيدة التي يمكنها أن تكون حبيبته بحق.
ومرّة تجرّأ إيفان، ففام بتوجيه رسالة إلى أمّ يوزيفا، السيّدة أنتونينا دزفونكوفسكايا، يطلب فيها منها يد ابنتها رسميًّا، لكن يوزيفا رفضت عرض إيفان بشدّة. وكان يعتقد أن السبب الحقيقيّ الكامن وراء رفض طلبه هو انتماء الفتاة إلى الطبقة الاستقراطية، وهو ما كان يمنعها من الزواج بشاب من طبقة الفلّاحين. وقد عانى إيفان جرَّاء ذلك معاناة شديدة. لكن السبب، كما ظهر في وقت لاحق أن يوزيفا كانت مريضة، مصابة بمرض السلّ.
وفي نهاية حياته، لمّا أحسّ إيفان أنّ أيامه معدودة، أراد جمع القصائد التي نظمها عن يوزيفا دزفونكوفسكايا وعن حبّه لها، وأن يطبعها في ديوان خاص يمجّد حكاية حبّه العذري ذاك. لماذا؟ ربّما لأنَّه أحسّ بما كانت تحسّ به هي، حيث كانت مريضة تعيش بين أناس أصحّاء يعيشون ويحبّون ويطربون للحياة. أمّا هي فقد كانت مجبورة على انتظار لحظة موتها، ولم يكن بإمكانها أن تقف في طريقه. وقد رفضته ورفضت حبّه لمصلحته. وهو بدوره، كما كان يعتقد، كان بإمكانه فعل الأمر نفسه.. من أجلها. وقد قال إيفان في قصيدة له عن يوزيفا "ظهرت الثانية أميرةً فخورة/ شاحبة كقمر، وحيدة حزينة/ هادئة، لا تُنالُ كقديسة/ لمست يدي الباردة وهمست/ بالكاد سمعتُ صوتها/ لا أفق لي مع الحياة/ فلأبق وحيدة".

----
• الإمبراطورية النمساوية المجرية (اسمها الكامل: الممالك الممثّلة في المجلس الإمبراطوري وأراضي تاج القديس ستيفانوس). ولدت مع تسوية العام 1867 بين نبلاء المجر ومملكة هابسبورغ، للحفاظ على الإمبراطورية النمساوية القديمة. تمتعت المجر داخل الإمبراطورية بحكم ذاتي في العلاقات الدبلوماسية والدفاع. ضمّت شعوبًا مختلفة تحدّثت باللغات الألمانية، التشيكيّة، البولنديّة، الأوكرانيّة، الرومانيّة، الكرواتيّة، البوسنيّة، والسلوفاكيّة.
• مملكة غاليسيا ولودميريا (أو غاليسيا فقط) عاصمتها مدينة لفيف (لفوف). منطقة تاريخية مقسمة اليوم، بين بولندا وأوكرانيا. كانت بين عامي 1772 و1918، المقاطعة الأكبر مساحة والأكثر سكاناً في الإمبراطورية النمساوية المجرية، وتقع أقصى أراضيها ناحية الشمال. بقيت تحت لواء الإمبراطورية النمساوية المجرية حتى نهاية الحرب العالمية الأولى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صباح العربية | بينها اللغة العربية.. رواتب خيالية لمتقني هذه


.. أغاني اليوم بموسيقى الزمن الجميل.. -صباح العربية- يلتقي فرقة




.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى


.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية




.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح