الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فوز حماس في الانتخابات الفلسطينية.. درس جديد بالنسبة للديمقراطيين المغاربة

مصطفى عنترة

2006 / 2 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


يلاحظ المتتبع للشأن السياسي بالمغرب أنه كلما صعد تيار أو حركة إسلامية إلى موقع متقدم في السلطة داخل بلد في منطقة "الشرق الأوسط الكبير"، إلا ووجد له صدى داخل الأوساط الإسلامية عندنا. فقد تتبعنا كيف تجاوب بعض الإسلاميين مع صعود حزب العدالة والتنمية إلى السلطة في تركيا، كما لاحظنا كيف هلل هؤلاء لفوز الإخوان المسلمين في الانتخابات الأخيرة بجمهورية مصر، وها نحن اليوم نتابع هذه الأوساط وهي تتحدث عن انتصار حركة حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية الأخيرة معتبرين إياه انتصارا للحركة الإسلامية ودرسا جديدا لليساريين والعلمانيين والأنظمة العربية وكل من يدور في فلكها... وفي الحالات الثلاث كان سؤال الإسلاميين المغاربة والانتخابات القادمة حاضرا في كل المعادلات السياسية.
من المؤكد أن الظرفية السياسية الراهنة على المستوى الدولي تلعب لصالح القوى السياسية ذات الامتداد الجماهيري الواسع كيفما كان لونها أو موقعها السياسي نظرا للمستوى الذي بدأت تحظى به الانتخابات عموما في العالم وخصوصا في البلدان الممتدة من المحيط إلى الخليج التي لازالت غالبية أنظمتها لم تجرب بعد الديمقراطية في انتخاباتها، وقد لاحظنا كيف تابعت القوى الغربية الديمقراطية عمليات الانتخابات في بعض المناطق التي حضرتها شخصيات أمريكية وازنة مثل الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر وغيره.
صحيح، أن القوى الإسلامية تتوفر على قاعدة شعبية تمكنها من احتلال مواقع متقدمة في أي انتخابات تجري في ظل مناخ ديمقراطي تحترم فيه إرادة المواطن في اختيار من يمثله، فهي اليوم في وضع قـوي مقارنة مع التنظيمات اليسارية أو الليبرالية التي تراجعت لأسباب متعددة تتعلق بطبيعة المشاريع السياسية التي سادت داخل بعض بلدان المنطقة المذكورة والتي باءت جميعها بالفشل ومنها من تحول حلمه إلى غبار ينتظر الحتمية التاريخية لترجمته على أرض الواقع!!
ولا نعتقد أن المغرب يختلف عن باقي البلدان داخل منطقة "الشرق الأوسط الكبير"، إذ توجد به حركة إسلامية ذات قاعدة شعبية واسعة، البعض منها ينشط داخل الحقل الرسمي والبعض الآخر خارج الحقل ولا زال يرفض القواعد المؤطرة للعبة السياسية.
فتنظيم العدل والإحسان نجده يرفض المشاركة السياسية في ظل الشروط الراهنة، حيث يعتبر مشاركته فيها بمثابة تزكية للسياسة السائدة، فهو يستفيد من بقائه خارج الحقل الرسمي، ويستفيد أكثر من غيره من كل فشل قد تعرفه تجربة إدماج إخوانه في حزب العدالة والتنمية داخل النظام، وتعتقد الجماعة أن الحل يكمن في الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.بخلاف ذلك نجد موقع أصدقاء سعد الدين العثماني في تحسن كلما ظل أنصار الشيخ عبد السلام ياسين خارج الحقل الرسمي، بل والأكثر من ذلك أن علاقتهم بالنظام تتطور تدريجيا في اتجاه لعب دور ووظيفة "الحزب الإسلامي" الملكي، هذا فضلا عن التيارات الأخرى ذات التوجه الجهادي والتكفيري التي لا تربطها أية علاقة بالاثنين، إذ أن الأحداث الإرهابية التي قادها البعض منها أثرت سلبا على الاثنين لكونها انعكست سلبا على المد الإسلامي.
مما لا شك فيه أن "التوازن" الذي يمسك خيوطه النظام السياسي بين التنظيمين الأساسيين داخل الحركة الإسلامية بالمغرب يجعله يتحكم في اللعبة السياسية المرتبطة في شقها بالإسلاميين، كما أن عدم وجود امتدادات لبعض القوى الإسلامية الدولية داخل الساحة المغربية يساعد النظام في عملية التحكم هذه، زد على ذلك أن خصوصية الحركة الإسلامية ببلادنا تجعل النظام في منآى عن كل خطر قد يهدد القواعد المرسومة من طرف الإدارة...
فمسألة إدماج جماعة العدل والإحسان تبقى رهينة بمصالح النظام أكثر مما هي مرتبطة بالمشروع السياسي لأنصار جماعة العدل والإحسان. فهي إذن، مسألة وقت ليس إلا، إذ يمكنه أن يدمجها كلما رأى حاجته في الجماعة.
ونعتقد أن خطر الحركة الإسلامية يكمن في تياراتها التكفيرية والجهادية وليس في العدل والإحسان أو العدالة والتنمية أو البديل الحضاري..، بمعنى التيارات "البلادنيـة" التي نجحت الإدارة في التصدي إليها وضرب مخططاتها كما حصل مؤخرا، حيث تمكنت السلطات الأمنية من إفشال محاولة بعض العناصر في خلق قاعدة الجهاد في بلاد الاتحاد المغاربي على شاكلة تنظيم "القاعدة" في بلاد الرافدين...
وتتمثل خاصية النظام السياسي بالمغرب في كون الملك هو الفاعل الرئيسي داخل الحقل السياسي سواء كرئيس للحكومة أو كأمير للمؤمنين، إذ نجده يتمتع بسلطات دستورية ومؤسساتية واسعة، كما نجده يحتكر الحقل الديني بوصفه أميرا للمؤمنين، ويمنع عن باقي الفرقاء السياسيين التدخل في الشؤون الدينية التي يخصص لها قنوات رسمية لإدارتها ممثلة في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، المجلس العلمي الأعلى والمجالس الإقليمية... فالصعوبة تظهر في طبيعة الاكراهات الاجتماعية والاقتصادية من جهة أولى، والواقع الديني القائم على أحادية الفاعل الديني واحتكار الملك لـ "إمارة المؤمنين" من جهة ثانية، ومن جهة ثالثة افتقاد القوى الإسلامية لبرنامج اقتصادي واقعي وقابل للتنفيذ...
ومن هذا المنطلق فالنظام السياسي يتوفر على ضمانات قانونية ودستورية تجعل هامش الحركة لدى الإسلاميين ضيق جدا في حالة اكتساحهم للانتخابات القادمة. وهو ما يجعلنا نستخلص في النهاية أن طبيعة النظام السياسي تجعله محصنا من أي خطر إسلامي يأتيه من باب المشاركة السياسية وعبر الآلية الديمقراطية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو: غانتس اختار أن يهدد رئيس الوزراء بدلا من حماس


.. انقسامات داخلية حادة تعصف بحكومة نتنياهو وتهدد بانهيار مجلس




.. بن غفير يرد بقوة على غانتس.. ويصفه بأنه بهلوان كبير


.. -اقطعوا العلاقات الآن-.. اعتصام الطلاب في جامعة ملبورن الأست




.. فلسطينيون يشيعون جثمان قائد بكتيبة جنين الشهيد إسلام خمايسة