الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السياسة الخارجية لأدارة ترامب (اشكالية العلاقة بين المنظور المؤسسي والشخصي)

سيف الامارة

2017 / 6 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


تتسم ادارة دونالد ترامب في مجال السياسة الخارجية بالتعارض الواضح من حيث ما يتمتع به اغلب اعضاء فريق ترامب من خبرة كبيرة في المجال الخارجي، بجانب تمسكهم بالطابع المؤسساتي، اي التيارات التقليدية التي تحكم السياسة الخارجية للولايات المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية، والتي تؤهلهم ان يكونوا اعضاء في ادارة هيلاري كلنتون لو اتيح لها الفوز من جهة، وبين ما يمثله الرئيس ترامب من تيار معاكس لتوجهات فريقه من حيث عدم امتلاكه خبرة حقيقية في المجال الخارجي، ورفضه للتيارات التقليدية التي تحكم السياسة الخارجية الامريكية، وهذا ما يمكن لمسه في موقفه ازاء الصين، ورفضه حل الدولتين بخصوص القضية الفلسطينية، وتأكيده فكرة انتفاء اهمية حلف الناتو، ورفضه للتجارة الحرة.
عليه، ان السوأل المهم في هذا الاطار هو هل بامكان التعارض اعلاه ان يسير الادارة الامريكية بشكل ناجح؟ الجواب هو ربما.
ان التركيبة المتعارضة للادارة الامريكية المتمثلة بفريق يسير وفق التيار التقليدي، ورئيس يسير عكس التيار يسهم باعادة انتاج نظرية (الرجل المجنون النكسونية)، التي اوجدها الرئيس الامريكي ريتشارد نكسون (1969-1974) ووزير خارجيته هينري كيسنجر، والتي تقوم على دفع اعداء الولايات المتحدة على السير وفق نهج معين، لما يساورهم من شكوك ازاء رئيس مجنون لا يمكن التنبؤ بتوجهاته، ثم يقوم كيسنجر بالتعاون مع نيكسون بتوظيف مخرجات هذا النهج للضغط على اعداء الولايات المتحدة.
ان نهج ادارة ترامب المتمثل بالتصعيد على مستوى الرئيس، والمرونة على مستوى فريقه ربما يجلب ثماره في التعاطي مع الاعداء والاصدقاء على حد سواء، وهذا ما يمكن رؤيته باعلان الصين قبل عدة اسابيع وقف استيراد الفحم من كوريا الشمالية طوال عام 2017، مما جعل هذا الاعلان الضربة الاقوى التي تعرض لها الاقتصاد الكوري الشمالي، كون الصين تستورد ثلث الفحم الذي تنتجه بيونغ يانغ.
ان اعلان الصين اعلاه جاء بعد عدة ايام من قيام كوريا الشمالية بعمل استفزازي تمثل باطلاق صواريخ، وبعد فترة قصيرة من تولي ترامب الرئاسة، وتبنيه موقفا صلباً تجاه الصين، الامر الذي جعل ذلك الاعلان بمثابة رسالة الى واشنطن.
بخصوص القضية الفلسطينية اكد ترامب عدة مرات رفضه لحل الدولتين، لكن الملاحظ ان سفيرة الولايات المتحدة في الامم المتحدة (نيكي هيلي) عادة ما تؤكد دعم الولايات المتحدة لحل الدولتين.
ان توجه ترامب بخصوص القضية الفلسطينية يمكن ان يفسر كرسالة الى الفلسطينيين مفادها ان عقودا من الرفض الفلسطيني ربما لا تستمر بافراز ثمارها ضمن اطار السعي نحو نيل الدولة. اي ان هناك ثمن ينبغي دفعه من قبل الفلسطينيين لعدم تقديمهم تنازلات كبيرة، وانتظارهم الولايات المتحدة لمنحهم الدولة.
من جهة اخرى، ارسل ترامب الى المانيا فريقه المتمثل بنائب الرئيس بينس، ووزير الدفاع جيمس ماتس، ووزير الامن القومي جون كيلي، ووزير الخارجية ريكس تيلرسون لطمأنة حلفاء الولايات المتحدة الاوربيين بالتزامات الولايات المتحدة التقليدية بامن اوربا. اضافة الى ذلك لم يشر فريق ترامب بشكل صريح في زيارته اعلاه الى بعض مطالب ترامب كرفع ميزانية الدفاع لتلك الدول، الامر الذي جعلهم يجسدون نهج الاستمرارية في السياسة الخارجية.
بعد عدة ايام من تلك الزيارة اعلنت المانيا توسيع قواتها المسلحة باضافة 20000 عنصر، ومن المتوقع ان تنتهج الدول الاوربية الاخرى، بما في ذلك الدول الصغيرة نهج المانيا.
ان السياسة الخارجية ذات النهج المزدوج التي تجمع بين التصريحات الراديكالية والسياسة التقليدية تتسم بالخطورة ومن الممكن ان تاتي بنتائج معاكسة، لكن الاشهر الاولى من ولاية ترامب بينت بان تلك السياسة افرزت ثمارها بدفع الاعداء والاصدقاء بانتهاج سلوكا افضل من وجهة نظر الولايات المتحدة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا.. مظاهرة في ذكرى النكبة الفلسطينية تندد بالحرب الإسرائ


.. مسيرة تجوب شوارع العاصمة البريطانية لندن تطالب بوقف بيع الأس




.. تشييع جثمان مقاوم فلسطيني قتل في غارة إسرائيلية على مخيم جني


.. بثلاث رصاصات.. أخ يقتل شقيقته في جريمة بشعة تهز #العراق #سوش




.. الجيش الإسرائيلي: دخول أول شحنة مساعدات إنسانية عبر الرصيف ا