الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بعد فوز حماس : ما هو مستقبل التغيير الديمقراطي في المنطقة العربية ؟؟

عواد احمد صالح

2006 / 2 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


كانت الديمقراطية الفلسطينية في احد اوجهها نتاج للضغوط الأميركية والدولية على القوى السياسية الفلسطينية وكأحد الشروط لتسهيل عميلة السلام مع اسرائيل ... وفي اطار الحملة الأمريكية ومشروع الرئيس الأمريكي بوش لنشر الديمقراطية في الشرق الأوسط جرت انتخابات مجلس الشعب المصري بأجواء مختلفة عن السنين الماضية كما اعطت حكومة حسني مبارك مجالا اوسع للنشاط السياسي ، فيما كان مشروع الدقرطة الأمريكي يجد مداه الأوسع في العراق في ظل العملية السياسية القائمة منذ تموز 2003 .
لقد ادت الأنتخابات التي جرت بمباركة أميركية وغربية في مصر والعراق وفلسطين الى صعود القوى الأسلامية السياسية في هذه البلدان متصدرة أغلبية المقاعد في المجالس النيابية ..
ان مشاريع الدقرطة المدفوعة بضغط امريكي هدفها المعلن اصلاح الانظمة القائمة التي تعتبر من وجهات نظر عديدة فاسدة وديكتاتورية وهي سبب رئيسي لتخلفنا عن ركب الحداثة والتطور العالمي وان ادخال الديمقراطية الى هذه الأنظمة ضروري لمعالجة التخلف المزمن والأرهاب والتعصب الديني والصراع الطائفي والعرقي في العالم العربي . هذا ما تقوله الإدارة الأمريكية وكذلك هذه وجهة نظر معظم القوى الديمقراطية والليبرالية العربية ومعها بعض القوى اليسارية .. هذا اذا علمنا ان القوى الديمقراطية هي الخاسر الأكبر في هذه العملية المدعوعة امريكيا ..
ان مشروع التغيير الديمقراطي في ظل العولمة الامريكية وفي غياب البدائل الأخرى او انحسارها ونكوصها اصبح هدف جميع القوى السياسية الليبرالية واليسارية والإسلامية .. وفي ظل مايسمى " الصحوة الأسلامية " التي باركتها ومولتها الأدارة الأمريكية منذ العام 1987 ( يذكر فهمي هويدي وهو كاتب اسلامي معتدل ان المخابرات الأمريكية مولت 120 مؤتمرا عن الصحوة الأسلامية شارك هو في 15 منها دون ان يعلم ) ولقد اصبح واضحا اين ستقودنا الديمقراطية الأمريكية في ظل... ( الأسلمة الشعبية والتعصب والجهل ) وسيطرة قوى السلام السياسي على الشارع ؟؟ .. اذ ليس هناك بديل حضاري وديمقراطي فاعل يمتلك قاعدة شعبية عريضة .. الجميع يريد التغيير والإصلاح والحرية ليس في مصر والعراق وفلسطين فقط بل في كل العالم العربي ..
ويبدو من تداعي الأحداث بعد فوز حركة حماس في الأنتخابات الفلسطينية باغلبية كبيرة ان تغيير الأنطمة العربية القائمة عن طريق "الديمقراطية الأمريكية " او باي وسيلة مشابهة في المرحلة الراهنة .. لن يجلب الحرية التي تحلم بها النخب المثقفة والديمقراطيون الحقيقيون .. في البلدان العربية بسبب غياب الوعي السياسي والديمقراطي وهيمنة قوى الأسلام السياسي على الشارع والتحكم فيه عن طريق الديماغوجية الدينية والضعف الشديد للقوى الديمقراطية واليسارية فالأسلاميون يركبون الموجة ويصعدون الى سدة السلطة ويتركون الباحثين الحقيقيين عن الحرية والديمقراطية يحصدون القشور... هذا اذا علمنا ان العديد من الديمقراطيين دفع ثمنا باهضا لدعوته الى الديمقراطية بعضهم قتل او اعتقل وما حدث في مصر والعراق شواهد ..
وليس من المرجح ان قوى الأسلام السياسي بكافة أشكالها وألوانها سواء في العراق او مصر او فلسطين التي وصلت الى السلطة سوف تنجح في اصلاح مواطن الضعف والخلل في الواقع العربي او تحقق احلام شعوبها المسكينة .. اولا بسبب تركيبتها الطبقية البرجوازية الصغيرة وتذبذبها السياسي والأيديولوجي ( جميع الحركات الأسلامية الأخوان في مصر والعراق وحماس في فلسطين مع بعض الأختلاف يبدو خطابهم السياسي المعلن في الفضائيات برغماتي وديمقراطي احيانا اكثر من الديمقراطية نفسها ولهم في الباطن برامج يخفونها ويطبقونها على الناس في الشارع بالأكراه والضغط ) وثانيا لأنها عندما تملك السلطة سوف تجد نفسها مجبرة على الأندماج فى نظام العولمة الرأسمالي.الذي يفرض آلياته الاقتصادية والسياسية عليها وسوف تدخل في تناقض مع ايديولوجيتها الخاصة التي تريد من خلالها تطبيق الشريعة واقامة دولة من طراز ماكان قائما في بداية الأسلام .. حيث لاتستطيع الايديولوجية الاسلامية والأوهام الطوباوية قولبة التطور الاقتصادي والاجتماعي او القفر من فوق ظهره وفق ما ترغب وتشتهي... وسوف تواجه تناقضات وتوترات عنيفة داخلها تعبر عن نفسها من خلال صراعات بين تيارات مختلفة وسطية ومتطرفة ومعتدلة ..والجدير بالأهمية معرفة حقيقة هامة جدا وهي ان البرنامج السياسي للقوى الأسلامية سيدخلنا في أطر تجريبية جديدة كما فعلت الأحزاب القومية التي كانت تسمى التقدمية من قبل وسوف تحتاج الجماهير فترة زمنية طويلة لكي تكتشف ان هذا البرنامج يعيد انتاج نظام رأسمالي مشوه يؤدي الى افقار قطاعات شعبية كبيرة ..وان هناك هوة واسعة بين البرنامج وما يتطلبه الواقع فعلا من تغيير متوازن ... وفي ظل الدور الأمريكي والأوربي الحالي الضاغط في المنطقة فسوف تتحول القوى الأسلامية السياسية على الأغلب الى تيارات برغماتية تمارس قواعد اللعبة الديمقراطية مع القوى الأخرى ولا تستطيع فرض ما تطرحه سياسيا باستثناء بعض الجوانب الاجتماعية : متطلبات الشعائر الدينية والطقوس والتحريمات وتقييد الحريات الشخصية واضطهاد المرأة .وقد ادى صعود تيارات الأسلام السياسي الى السلطة ودورها الفاعل في الشارع وكما هو حاصل في العراق وفي مصر جزئيا الى تعمق التعصب الديني والأنقسام الطائفي والمذهبي وظهرت الى السطح ممارسات لا تتفق مع قواعد الديمقراطية المزعومة او حقوق الأنسان لا من قريب ولا من بعيد بسب الأطروحات الرجعية والمتعصبة لهذه القوى .. اما ما يقال عن ان هناك تناقض وصراع حاد بين الولايات المتحدة وقوى الإسلام السياسي فهو سرعان ما سيظهر للعيان بانه صراع شكلي وكاذب عندما تصل هذة القوى الى السلطة وتضطر الى تغيير خطابها الأيديولوجي ليتطابق مع متطلبات السياسة بهذا القدر او ذاك ..
ان ما تريده الولايات المتحدة من حماس الآن هوان تعترف باسرائيل وان تغير ممارساتها ذات النهج المتعصب الى ممارسات اكثر اعتدالا أي ان تخضع لسياسة الأمر الواقع .. وهو ما ستفعله حماس عاجلا ام آجلا اذا ارادت فعلا ممارسة السلطة .. لقد وضعها فوزها الكبير والذي لم تكن تتوقع حجمه في موقف حاسم اما ان تقبل قواعد اللعبة السياسية ضمن اطار العلاقات الدولية التي تهيمن عليها الولايات المتحدة وما تفرضه من قيود واستحقاقات او تتراجع الى الوراء .اضافة الى ما يتطلبه الواقع الفلسطيني الداخلي من اصلاح وتحسين لظروف معيشة الشعب .
.. واذا لم تفعل ذلك واصرت على التمسك ببرنامجها المعلن والمواقف المتشددة فانها سوف تخسر رصيدها الشعبي وتضر القضية الفلسطينية .. وتصبح امكانية أي حل ممكن للقضية الفلسطينية صعبة ومعقدة للغاية وربما يؤجل قيام دولة فلسطينية الى ربع قرن قادم وهو ما تريده القوى اليمينية في اسرائيل وما يخدم اهدافها البعيدة .
ان صعود القوى السياسية الدينية في جوانبه الاهم ناجم عن تخلف الوعي السياسي لدى المواطن العربي واستسلامه المطلق لسلطة المقدسات ومعظم الناس لا يدركون ان السياسة شيء والدين شيء أخر لهذا كان شعار" الأسلام هو الحل" الذي رفعه الأخوان في مصر وحماس في قلسطين ورفع هذا الشعار جزئيا في العراق من قبل اطراف في جبهة التوافق .. كذلك كان بمثابة وصفة سحرية مقدسة يمكن ان تجلب الخير دفعة واحدة في نظر الوعي الشعبي الساذج والبدائي لقطاعات اجتماعية واسعة نتيجة للأزمة السياسية والأجتماعية العميقة في الدول العربية والعالم الأسلامي .
ان المشكلات الراهنة سواء في فلسطين او العراق او مصر وغيرها غاية في التعقيد ولا تحلها الشعارات "الثورية " هناك ازمة اجتماعية عميقة.. قطاعات شعبية واسعة تغرق في بحار من الفقر والبطالة والعوز والحرمان والجهل والأمية وهذه الأزمة في ظل اختلال ميزان القوى الدولي الحالي لصالح الإمبريالية ..- ان الأرهاب والتطرف احد تجليات هذه الأزمة - لذلك لابد من اعادة رسم خارطة الوعي السياسي للجماهير من قبل القوى السياسية التقدمية اليسارية والليبرالية واستثمار اجواء الحرية والديمقراطية النسبية الحاصلة لخلق وعي حضاري ديمقراطي وانساني يقف بالضد من توجهات قوى الأسلام السياسي الطوباوية والرجعية ويظهر قصورها وتهافتها وعجزها عن اجراء تغيير حقيقي للواقع الفاسد .. وعلى سبيل المثال يجب الدفاع بقوة عن الحريات العامة والشخصية وعن مساواة المرأة مع الرجل والدفاع عن مصالح الطبقة العاملة وجميع الكادحين ومناهضة سياسات التقسيم الطائفي والعرقي والديني ومساواة جميع المواطنين في الحقوق في العراق ومصر وفلسطين وغيرها التي تحتوى على مواطنين مسيحيين ومن اديان اخرى وضرورة ان يعامل الجميع وفق مبدأ المواطنة والتأكيد على ضرورة اجراء اعمار وتنمية متوازنة .
ولابد في النهاية من السعي الدائب لتعديل موازين القوى في الشارع لصالح القوى التقدمية والثورية النظيفة الديمقراطية حقا وهو سبيلها الأساسي للوصول الى السلطة عن طريق الديمقراطية او غيرها ..وهذا التعديل يحمل كثير من امكانيات وفرص النجاح في المرحلة المقبلة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اجتهاد الألمان في العمل.. حقيقة أم صورة نمطية؟ | يوروماكس


.. كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير




.. ما معنى الانتقال الطاقي العادل وكيف تختلف فرص الدول العربية


.. إسرائيل .. استمرار سياسة الاغتيالات في لبنان




.. تفاؤل أميركي بـ-زخم جديد- في مفاوضات غزة.. و-حماس- تدرس رد ت