الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خصوصية التفوق الصيني

ماجدة تامر

2006 / 2 / 3
الادارة و الاقتصاد


من يتابع التقدم الاقتصادي الذي تحققه الصين يصاب بالدهشة والإعجاب ‏في الوقت نفسه، إذ يبدو الأمر وكأن الصين قد تحولت الى "ورشة عمل ‏للعالم" فالشركات الصناعية والخدماتية من كافة أرجاء الأرض تتقاطر ‏على هذا البلد منذ سنوات، بل إن صناعات وماركات عريقة انتقلت إلى ‏الصين من بلدانها الأصلية.‏

أينما تواجدت في أسواق العالم، بما في ذلك البلدان الصناعية المتقدمة، ‏فستجد حضورا قويا للمنتجات الصينية وبعلامات تجارية عريقة تتميز ‏بجودة عالية وبأسعار تنافسية.‏

لماذا الصين؟ وكيف حدث ذلك في بلد منغلق حتى سنوات قليلة مضت؟ وما ‏هو الدافع لهذا التهافت على السوق الصينية من قبل الاستثمارات الأجنبية؟ ‏والتي ساهمت بصورة فعالة في نمو الاقتصاد الصيني بمعدلات عالية لم ‏تصلها الاقتصادات الصناعية الأخرى في العالم على مدى سنوات العقد ‏الماضي.‏

هناك العديد من العوامل التي ساعدت على هذا التغيير المهم في العلاقات ‏الاقتصادية الدولية، منها عوامل سياسية واقتصادية وهيكلية، وبالأخص ‏سقوط نظام القطبين والذي ساد منذ نهاية الحرب العالمية الثانية والعولمة ‏الاقتصادية التي أتاحت انفتاحا لا سابق له لحرية الأسواق وحركة رؤوس ‏الأموال في العالم وتوجهات الصين الرامية لإعادة هيكلة اقتصادها للتأقلم ‏مع هذه المستجدات وتسخيرها لخدمة نموها الاقتصادي.‏

وفيما عدا العامل الأخير المتعلق بإعادة الهيكلة الاقتصادية، فإن العاملين ‏الأوليين والخاصين بنظام القطبين والعولمة ينطبقان على كافة بلدان العالم ‏تقريبا، إلا أن للصين خصوصيتها، وذلك لاعتبارات عديدة.‏

وفي هذا الصدد يمكن الإشارة إلى مسألة لا زالت محل جدل بين ‏الاقتصاديين، ففي الصين تتوفر عمالة رخيصة وماهرة، عمدت الشركات ‏الأجنبية، وبالأخص الغربية إلى الاستفادة منها بصورة كبيرة، ما أدى إلى ‏انتقال الكثير من الصناعات إلى الصين.‏

وإذا ما نظرنا إلى الإنجازات التي حققتها النمور الآسيوية في الثمانينيات ‏من القرن الماضي، فإننا سنجد أن الأيدي العاملة الرخيصة في بداية ‏الانطلاقة التنموية شكلت أحد أهم الأسس للنمو الاقتصادي اللاحق والذي ‏أدى إلى ارتفاع الأجور وتحسين مستويات المعيشة في هذه البلدان.‏

يثير ذلك سؤالا يتعلق بتوفر الأيدي العاملة الرخيصة في الكثير من بلدان ‏العالم، كالهند وباكستان وبلدان أميركا اللاتينية وأفريقيا، إلا أن المفارقة هنا ‏هي أنه تتوفر في الصين أيدٍ عاملة مؤهلة ومدربة تدريبا جيدا، كما تتوفر ‏بأعداد كبيرة مؤهلات نادرة في مجالات الهندسة والعلوم التطبيقية ‏والاقتصاد وتقنية المعلومات، حيث ساهم نظام التعليم وإلزاميته وتطوره ‏على مدى السنوات الخمسين الماضية في تزويد السوق بهذه الوفرة من ‏الكفاءات، وهو ما لا يتوفر في البلدان الأخرى المشار إليها آنفا.‏

هذا المزج بين التكنولوجيا ورؤوس الأموال الغربية والأيدي العاملة ‏المدربة والرخيصة والمؤهلة تأهيلا عاليا والمدعومة بانفتاح اقتصادي على ‏مختلف الاقتصاديات العالمية يشكل الأساس القوي الذي تبنى على أساسه ‏الصين الحديثة الملتزمة بتحرر الأسواق والمبتعدة عن النهج الاقتصادي ‏السابق القائم على المركزية والبيروقراطية، حيث يتوقع معظم المحللين أن ‏تصبح الصين القوة الاقتصادية الأولى في العالم في عام 2050 ، وربما ‏قبل ذلك إذا ما استمرت وتائر النمو على ما هي عليه الآن.‏

لا يبدو ذلك مستغربا، بل إن هناك العديد من الشواهد التي تؤيد مثل هذا ‏الاستنتاج، فالنمو الاقتصادي الصيني يعتبر الأعلى في العالم خلال ‏السنوات العشر الماضية وبمعدل نمو تراوح بين 9-12% سنويا، كما أن ‏الصين تحتل موقعا متقدما في مجال جذب الاستثمارات الأجنبية، وبالأخص ‏الأوروبية واليابانية والأميركية.‏

في جانب آخر، فإن الصين بدأت تحتل مكانة مرموقة في التجارة الدولية، ‏مستفيدة في ذلك من انفتاح الأسواق وتحررها، فعلى سبيل المثال احتلت ‏الصين ولأول مرة المرتبة الأولى في التجارة الخارجية لدولة الإمارات في ‏العام الماضي، بعد أن تربعت اليابان على هذا المركز لسنوات طويلة.‏

التجربة الصينية تستحق الدراسة للاستفادة منها لتنمية الاقتصاديات النامية، ‏بما فيها الاقتصاديات العربية، حيث قدم تقرير التنمية الإنسانية الاخير ‏صورة للتعليم في البلدان العربية لا تتلاءم مع المستجدات العالمية ومع ‏التوجهات التنموية لهذه البلدان.‏








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. برنامج الإصلاح الاقتصادي في تركيا يواجه مشاكل وغضب


.. صباح العربية | ورق عنب مطلي بالذهب يثير جدلاً واسعاً في الكو




.. أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 07 مايو 2024


.. مصادر العربية: احتراق أكبر بئر لإنتاج النفط في حقل زرقة شرقي




.. نشرة الرابعة | -النقد الدولي-: هجمات الحوثيين تسببت في انخفا