الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جحش طروادة السوري

محمد جمول

2017 / 6 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


جحش طروادة السوري
محمد جمول
أخطأ ، أو تعمد الخطأ، كل من نظر إلى ما جرى في سورية منذ 2011 على أنه "ثورة حرية وكرامة" بريئة. ومخطئ من يعتقد أن سورية لم تكن بحاجة تغيير كبير وإصلاح جذري. لكن يمكن القول إن ما حدث كان هبة جهادية تكفيرية متوحشة استخدمت مطالب سياسية محقة ونخبة علمانية كواجهة لتقديم ذاتها للعالم بصورة ثورة شعبية لها حقوقها المشروعة التي تمثل صوت الشعب السوري. لكن الأهم من ذلك هو أعداء سورية والشعب السوري الذين نجحوا في استخدام هذه الهبة الجهادية لتكون " جحش طروادة" وليس حصان طروادة لأن الحصان ارتبط بالنبل الذي لا ينفصل عن نبل الفروسية.
أعتقد أن كثيرا من النخبة التي عملت كواجهة لهذه الهبة الجهادية التكفيرية كانوا يدركون أن المسألة مسألة صراع على سورية أكثر مما هي صراع في سورية. ولكن رأوا أن من مصلحتهم "التغابي" ، أو أن " شطارتهم" ستضمن لهم وحدهم قطف الثمار في نهاية المطاف بعد أن ينجح التكفيريون بإسقاط الدولة السورية .
كان يمكن لجهاد مقدسي وأمثاله أن يدركوا أنهم أدوات في لعبة دولية كبيرة، وانهم يشكلون واجهة مرغوبة ومؤقتة لبضاعة مرعبة تتكون من الديناميت والصواريخ والحقد الطائفي القادرة على تفتيت سورية مرات ومرات. ولو أن هؤلاء كانوا على درجة كافية من النزاهة أو الحس السياسي القادر على استشراف ما بعد يومين لكانوا اختاروا طريقا آخر، أو على الأقل ما كانو تأخروا ليتحفونا باستنتاجاتهم البائتة التي لم تعد تجدي نفعا.
مثال آخر هو منذر ماخوس" ممثل الائتلاف في باريس" الذي أتحفنا بالقول إن الفرنسيين أبلغوه أن زمن النفاق السياسي قد انتهى وأن فرنسا ومن معها سيتعاملون بواقعية مع ما يجري، وخصوصا بعد تصريح الرئيس الفرنسي الذي لم يكن مفرحا لمنذر ماخوس وصحبه. في لغة الدبلوماسية هذا أقسى ما يمكن أن يقوله الفرنسيون في مثل هذه الحالة لأنه من غير اللائق أن يقولوا له" انتهى الدرس ياغبي" كما قال لهم روبرت فورد الذي كان مثل الأم الحنون للمعارضة السورية منذ البداية حين زار حماة وحمص للتحريض وإعلان رعاية الولايات المتحدة لما يجري في سورية.
منذ البداية، كان كل من يمتلك ذاكرة وحداً ادنى من الأخلاق يعرف أن الولايات المتحدة لا يمكن أن تكون إلا عدوة للشعوب، وانها اللص وقاطع الطرق الذي يتربص بالشعوب لنهب قوتها وثرواتها. ومنذ البداية كنا نقول: مخطئ من يظن أن أمريكا يهمها شيء في منطقتنا غير الطاقة وأمن إسرائيل. كان الواهمون يعتقدون أن أمريكا لا يهمها إلا ضمان حقوق الشعوب وكرامتها، وأنها ستأتي بجيوشها لتضعهم على عرش السلطة في سورية مثلما اعتقد بعض العلمانيين السوريين أن التكفيريين الجهاديين سوف يسلمونهم عرش السلطة ويعودون إلى مساجدهم وبيوتهم والدعاء لهم بالتوفيق والصلاح في خدمة شعبهم وإعلاء كلمة الله. يبدو أن هؤلاء سيظلون يعتقدون" أن للثعلب دينا".
بات واضحا الآن أن كل السوريين أصبحوا خارج المعادلة بعد أن تم تدمير البلاد. وأن من فقد بيته واسرته هو المسؤول وعليه تحمل النتائج لأنه صدّق أمريكا التي باعته الأوهام كما يقول روبرت فورد ذاته. قد يكون فورد أنبل اللصوص أو اللص المطرود من المغارة والذي لا يخسر شيئا من اعترافه بلصوصيته. ولذلك كان صريحا في توصيف ما جرى في سورية من استغلال السوريين لتحقيق المآرب الأمريكية. وهنا لابد من تذكر ما قاله عن الأكراد السوريين وأنهم سيكونون ضحية للولايات المتحدة حين تنتهي من استغلالهم بطريقة غير أخلاقية كما هي عادة أمريكا. الكل يبدو أنه رضي أن يكون " جحش" طروادة، والكل كان يعتقد أنه أكثر " شطارة" من غيره إذ سيكون قادرا على قطف ثمار ما زرعه الآخرون. ونسوا أن النصاب الدولي الذي أتقن سرقة ثروات الشعوب عبر التاريخ سيقطف ثمار كل ما زرعوه مجتمعين، وأنه يتابع عمله من أجل تقسيم سورية خدمة لحليفه الوحيد في المنطقة، أي إسرائيل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد الجامعات الأميركية.. عدوى التظاهرات تنتقل إلى باريس |#غر


.. لبنان وإسرائيل.. ورقة فرنسية للتهدئة |#غرفة_الأخبار




.. الجامعات التركية تنضم ا?لى الحراك الطلابي العالمي تضامنا مع


.. إسرائيل تستهدف منزلا سكنيا بمخيم البريج وسط قطاع غزة




.. غزة.. ماذا بعد؟ | جماعة أنصار الله تعلن أنها ستستهدف كل السف