الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من ذاكرة الراهن 14

نور الدين بدران

2006 / 2 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


من ذاكرة الراهن (14)
(1)
يمكن أن أستوعب بلا صعوبة، خاصة هذه الأيام ، أن تستنكر سوريا التدخل الدولي في الشأن اللبناني ، ويمكن أن أفهم بسهولة ، أن يستنكر اللبنانيون أو لبنانيون استنكار سوريا ويعتبروه تدخلا منها في شؤونهم الداخلية ، لكن ما لم وما لن أفهمه حتى الآن لا بصعوبة ولا بسهولة ، كيف يمكن لأي لبناني أو غير لبناني أن يعتبر تدخل إيران بتصريحاتها وبترودولارها وأسلحتها وبعثاتها التبشيرية، أمرا عاديا وليس تدخلا في الشؤون الداخلية اللبنانية.
(2)
لندع التصريحات جانبا ونقرأ الوقائع ، لم تكن إيران يوماً غير الدولة الطامحة إلى استعادة أمجاد الإمبراطورية الفارسية ، فإسلامها لم يجب ما قبله ولا ما بعده، وليس ما تهدف إليه اليوم ، غير الامتداد والتوسع والنفوذ الإقليمي ، وحين يقتضي الأمر فإنها تشتري ما يلزمها من سلاح أو غيره من الدول التي تسميها الماكينة الإيديولوجية الإيرانية بقوى الاستكبار العالمي ، بل وحتى من إسرائيل ، وقد علم الناس من كل حدب وصوب بتلك الصفقة التي عرفت بكونترا إيران ، كما تناقلتها يومئذ وسائل الإعلام ، وبغض النظر عن صحة الحديث عن الوسيط يبقى الخبر الفضيحة : الشاري إيران والبائع إسرائيل.
(3)
أكبر خزانات النفط الفارسية اليوم ، في أرض عربية احتلها الإيرانيون بالأمس ، وهي خوزستان أو عربستان كما نعلم أبناءنا في كتب الجغرافيا والتاريخ والتربية الوطنية، وهي كجزر طمب الكبرى وطمب الصغرى وأبو موسى ، تلك الجزر التابعة لدولة الإمارات العربية ،لكن الدولة الفارسية الإسلامية تحتلها وتتحفظ بل ترفض المفاوضة من أجلها، و إذا تغاضينا عما فعلته هذه الدولة الخطيرة أيام الشاهنشاه رضا بهلوي، أو حتى أيام الشاه خميني ثم اليوم نجادي، سواء في العراق أو غيره من الدول العربية ، فإن ما تحتله هذه الدولة من الأرض العربية يكفي لتصنيفها في خانة بعيدة من خانة الصداقة أو التحالف.
(4)
في إحدى محاضراته الخطيرة ، تحدث أرييل شارون عن الأمن القومي الإسرائيلي ، وقال إن مجاله يمتد شرقا حتى باكستان، وغربا حتى نهاية حوض المتوسط، وشمالا حتى حدود الاتحاد السوفييتي، و كان في تلك المحاضرة التي نشرتها يومئذ مجلة "شؤون فلسطينية" أعطى الدولة الفارسية الإسلامية قسطاً وافراً، وطالب بألا تغيب(إيران) عن عيون الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، لأن لإيران حسب شارون مطامع إقليمية كبيرة تتجاوز منطقة الخليج العربي /الفارسي، لكنه طمأن شعبه بأن المجال الحيوي الذي حدده لأمنه القومي هو تحت السيطرة وسيبقى كذلك وطبعاً بما في ذلك إيران، والكلام كله لشارون.
(5)
قبل شارون وقبل إسرائيل بقرون ، نعلم ذلك ، ولكن ذكر شارون هنا لعدة أسباب ، أحدها أن تلك المحاضرة كانت نوعا من التبرير لضرب المفاعلين النوويين العراقيين،و للتأكيد على أن الخطر الإيراني لن يتمكن هذا إذا كان أساساً يهدف إلى المساس بدولة إسرائيل، أما اللهاث الإيراني وراء السلاح النووي (لنضع جانبا أكاذيب إيران المفضوحة عن الاستخدام السلمي) هو لوضع منابع النفط الخليجية تحت هيمنة الدولة الفارسية، أو تحت تهديدها المباشر ،وهو حلم مستحيل ومقامرة غبية ما دامت جدية، لأنه تطاول على المصالح الدولية الكبرى .
(6)
في هذه المقامرة الكبرى ، تلوح إيران بالورقة النووية ، لكنها فعلياً تلعب بالأوراق الإقليمية الأخرى ، من أمثال الفصائل الفلسطينية وحزب الله وورقة التحالف مع سورية وهذه أوراق صغيرة ، لكنها هامة ومتداخلة مع الأوراق الأكبر والأهم : الخليج/ العراق /النفط ، وغير ذلك.
(7)
لقد برهنت الدبلوماسية الفارسية حتى اليوم عن مكر ودهاء فريدين، ومن يتتبع ذلك يستبعد عنها الاستمرار في التعنت ومواجهة العالم ، وتتويج الدهاء بارتكاب حماقة كبرى ، أي بالاستمرار في مشروعها النووي الانتحاري، لكن اليوم كل شيء ممكن ، خاصة في دولة مؤسساتها الآيات ورئيسها محمود أحمد نجادي الذي ينتظر عودة الإمام المهدي المنتظر، قبل أو على الأقل ، منذ كان (نجادي) محافظا لمدينة طهران ، حيث رتب المدينة لاستقبال مهديه.
(8)
المقامر عصابي من نوع خاص ، لا تتوقف يداه حتى تحترق أوراقه جميعاً، ويرتعش الرعشة الأخيرة.


نور الدين بدران.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. واشنطن بوست: صور جوية تكشف ملامح خطط إسرائيل لما بعد حرب غزة


.. المعارضة الكردية الإيرانية تصف طلب إيران بجمعها في مخيمات بـ




.. عشرات القتلى والمصابين في هجمات إسرائيلية على مناطق عدة في ا


.. دانيال هاغاري: قوات الجيش تعمل على إعادة 128 مختطفا بسلام




.. اللواء الدويري: الجيش الإسرائيلي يتجاهل العوامل الغير محسوسة