الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صداقةٌ في مهب الريح .

يوسف حمك

2017 / 7 / 2
الادب والفن


أن تنتقد صديقاً لا يعني أنك في حربٍ ضروسٍ معه .و أن تعاتب زميلاً على تقصيره في أداء واجبٍ لا يعني أنك تفتح معه جبهةً .
و أن تنصح أخاً أو صديقاً لخذلانه في موقفٍ لم يكن يقظاً بما فيه الكفاية ، أو تختلف معه في وجهة نظرٍ حول موضوعٍ معينٍ ليس لأنك تراه صغير العقل ، أو أقل منك شأناً .

أقبل إليَّ شاكياً من صاحبٍ يجمعهما باعٌ طويلٌ من العشرة - و منذ عقودٍ – يأكله الأسف على ما كانت تربطها علاقةٌ وطيدةٌ دون أن يعرف حقيقته كما هو عليها .

افترقا لمدة ما يقارب عقدين ، خلالها طرأت على حياتهما الكثير .
و شاءت الظروف أن يلتقيا ثانيةً في زمنٍ كله رعبٌ و فزعٌ .

تحادثا كسابق عهدهما في أمورٍ خاصةٍ بهما و كما تخص الآخرين .
و يدور بينهما حوار سياسيٌّ في أغلب أيام الأسبوع بشأن الوطن و الوطنية .
كما كانا يتناقشان كثيراً فيما يخص الأحزاب و التنظيمات من حيث النضال و الأهداف و التبعية و .... الخ

يوماً بعد يومٍ كان يرى من صاحبه رزمةً من المفاجآت التي لم يكن يتوقعها منه البتة .
إلا أن ضاق به ذرعاً ، فلم يعد يحتمل غلاظته ، و تصرفاته الفظة ...
حتى لمجرد إبداء الرأي في مسألةٍ ذوقيةٍ بسيطةٍ تنتفخ أوداجه ، و يزمجر غاضباً ، ثم يقاطعه أياماً و شهوراً – علماً أن الأمور الذوقية نفسيةٌ منبعها لا إراديةٌ ، و لا دخل للإنسان في صنع معاييرها ، أو تحديد مسار ميوله و رغباته تجاهها .
و قد أثبت علماء النفس و المختصون أنه : ( لاجدال في الذوق ) .
إعجابك مثلاً بلونٍ دون غيره من الألوان أنت نفسك تجهل تفسير ذلك الإعجاب ، أو سبب هذا الميل .
فأنت تحب هذا اللون و انتهى . و لا أجوبة لكيف و متى و لماذا ؟!

أما صاحبه فكان يحاسبه على ذوقه الخاص الذي لا دخل له في وجوده ، و ذلك بعد جدالٍ عقيمٍ في أمرٍ ليس بمقدوره ، أو أي شخصٍ غيره بتغيير هذه الحقيقة أو إجراء أي تعديلٍ عليها و لو قيد أنملةٍ .
و تبدأ المقاطعة من جديدٍ لتستمر طويلاً .
هذا كان في أبسط القضايا التي لا تقبل الجدال ، فكيف بالمسائل الفكرية و العقائدية و التوجهات الدينية و السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية التي لا يمكن فهمها ، أو التفاهم عليها إلا بالحوار البناء ، و المناقشة الهادئة ، وتقبل الرأي الآخر ؟!

بدابةٌ سيئةٌ تلمسها صاحبه منه في تعامله معه و الآخرين على السواء ، حينما انقشع الضباب فبدا واضحاً كيف أنه يهجم عليه و على غيره ، و ينهال عليهم بكيلٍ من الاتهامات التي لا تمت للحقيقة بصلةٍ لمجرد أنه لم يحصل منهم على ما يريد .......
تعامله بات نفعياً ضيقاً ، و بانتقائيةٍ سمجةٍ يخرق قواعد اللعبة .
تارةً يرفع من مقامك رفعاً خرافياً مما لست فيه ...
أو يقذف بك إلى الهاوية بركلاتٍ شرسةٍ تقطر حقداً و كراهيةً ، بعد أن مرغ أنفك في الطين ، فمسح بك الأرض بعدها .. و دون أن تكون أهلاً لذلك ، أو تستحق هذه العقوبة المغرضة ، سيما أنك لم تسيء إليه ، أو تلحق به الأذى ( فكل شيءٍ يقيسه حسب مصالحه ) .

يضع نفسه و عائلته مع الماضي الذي يخصهم داخل صندوقٍ حديديٍّ ، يقفله و يرفعه عالياً كأيقونةٍ مع التحذير : ( ممنوع الاقتراب و التقرب ) .
له حصة الأسد في العلم و المعرفة و النزاهة و الوطنية و الإخلاص ، و في مهنته عبقريٌّ ، و أولاده ورثوا منه العبقرية ذاتها ، فلا أحد من أقرانهم و زملائهم يضاهيهم في أي أمرٍ ، حتى إن كان تحصيلهم الدراسيُّ أفضل من حصيلة أولاده ، و نالوا شهاداتٍ أعلى من شهاداتهم ، و نادراً المدرسون من أولاده يتعلمون .
هو و عائلته الأفضل دائماً و الأنقى ، و ماضيهم ناصع البياض ... فلا ذرة غبارٍ تلوثه ( حسب زعمه ، و بلسانه دائماً ) .

مدَّاحٌ من الطراز الأول ، و هجَّاءٌ في البراعة لا يشق له غبارٌ ، نبوغه في النفاق رفيعٌ جداً فلا يبدو عارياً إلا لمن عاشره بعمقٍ ، و يملك نظرةً ثاقبةً !!!
تناقضٌ صارخٌ بين أقواله و ما يفعله !
أسلوبه تعسفيٌّ فظٌ ، مزاجيُّ حتى مع فلذات أكباده الذين يرزحون تحت رعايته المتعجرفة .

يضيف صاحبه : ( يصعقني أسلوبه المقزز الذي سئمت منه ، لا أريد صحبته بعد الآن ، و لا رغبة لي في ديمومة عشرته .....)

صفةٌ واحدةٌ من هذه المنكرات بمفردها مرضٌ ، فكيف إذا اجتمعت كلها في شخصٍ واحدٍ دفعةً واحدةً ؟!!!
لعمري إنه أعظم درجات الجنون ، و أخطر حالةٍ يستهام بها الإنسان !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لقطات من عرض أزياء ديور الرجالي.. ولقاء خاص مع جميلة جميلات


.. أقوى المراجعات النهائية لمادة اللغة الفرنسية لطلاب الثانوية




.. أخبار الصباح | بالموسيقى.. المطرب والملحن أحمد أبو عمشة يحاو


.. في اليوم الأولمبي بباريس.. تمثال جديد صنعته فنانة أميركية




.. زوجة إمام عاشور للنيابة: تعرضت لمعاكسة داخل السينما وأمن الم