الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ميكافيلي في النجف

علي فائز

2017 / 7 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


" الدين ضروري للحكومة لا لخدمة الفضيلة ولكن لتمكين الحكومة من السيطرة على الناس"
ميكافيلي

ماذا لو كتب التأريخ عن أخوة يوسف، انهم عادوا الى البئر نادمين وأخرجوا اخاهم بعد ان قذفوه في غياهب الجب متشحطا بدمه، هل سيُنسب الفضل لهم بأنقاذه؟ وهم من قذفه في فم البئر اول مرة، وبالتالي يكونون هم اصحاب الفضل والفضيلة في انقاذ مصر من المجاعة وبسط الحق فيها وأقامة العدل، اجل ربما نصدق حكاية التاريخ هذه ونتعاطف اشد التعاطف معها ونسمي اخوة يوسف بالمنقذين وحامين الاعراض والمدافعين عن المقدسات!
فنحن امة تنظر الى النتائج وتغفل عن الاسباب!
تماما مثل ما وصفنا الكاتب المصري نجيب محفوظ " آفة حارتنا النسيان" فعراق اليوم خير شاهد ودليل على واقعية هذه العبارة، فهو دائم النسيان ويصدق وعود رجال الدين والسياسيين بسرعة فائقة، واتصور لو ان اعتى طاغية الان حكم العراق وتوشح بجلباب القداسة الدينية وتمكن من انهاء الازمة الامنية المفتعلة، بالتأكيد اننا سننسى كل اعماله الاجرامية الماضية ونصفه بصمام الأمان!!
مرت على الشعب العراقي سنين عجاف من حكومة فاسدة ودستور مفخخ الى ارهاب وميليشيات اجرامية، كل تفكير الشعب اليوم يتمحور في كيفية الخلاص من تشكيلة الفساد والاجرام تلك، ولكن لايفكر بالأسباب التي ساعدت على ايجادها وبالتالي يتمكن من اجتثاث جذور المشكلة.
حدثت قبل ايام مظاهرات في النجف، مركز رجال الدين، كان المطلب الاساسي لتلك التظاهرات هو توفير الكهرباء اسوة بالمجمعات العلمية التي يقطنها رجال الحوزة، جوبهت هذه التظاهرات بالقوة وقتل على اثرها احد الشباب المتظاهرين وجرح الكثير منهم، لتمتد الى بقية المحافظات، فعلى الرغم ان التظاهرات حصلت في النجف وعلى الرغم من وسائل الاعلام التي نقلت التظاهرات وردود الافعال الحاصلة، لكننا لم نجد موقفا لرجال الدين في النجف وكأن الامر لا يعنيهم فمواقفهم كالعادة غائبة حينما يتعلق الامر بمصلحة الشعب وكرامته او حينما يكون الشعب والمسؤول في حلبة صراع فهنا محابر فتاواهم تجف واقلامهم تكسر، فلو تصفحنا سجلات مواقفهم لوجدناها بيضاء في هذا الجانب، ولكن حينما يتعلق الامر بدعم مسؤول فاسد او بتصويت على دستور مفخخ او انتخابات.. نجدهم ينشطون كل النشاط وتصدح منابرهم وتملأ الجدران بالفتاوى المؤيدة والداعمة وتتحول المساجد الى مراكز للدعايات الانتخابية.
فالسياسيون يفتقون فتوقا في جسد هذا الوطن ورجال الدين يخيطون هذا الفتق بدماء الشباب الابرياء بدعوى الدفاع عن المقدس ونيل الشهادة، ولكن لامقدس ولاشهادة ولا تأييد حينما يتعلق الامر بمطالب بسيطة واساسية مثل توفير الماء الصالح للشرب والكهرباء بل يخدرون الناس بعبارات الاجر والصبر على البلاء فالدنيا وكا يقولون دار بلاء والجنة محفوفة بالمكاره فعلينا ان نصبر!! فهم في مثل هذه المواقف في صمت يشبه صمت القبور...
يقول الدكتور علي شريعتي: رجل الدين يقول لك دع الدنيا فأن عاقبتها الموت دع الدنيا لاهلها ويقصد بأهلها هو وشركاؤه.
ان موقف بعض رجال الدين من الشعب يشبه الى حد بعيد موقف شيطان السياسة ميكافيلي، فالشعب عنده قوة فاعلة وان اهدافه انبل من اهداف النبلاء عندما يتعلق الامر بدعم الامير واداء فروض الطاعة له، ولكنه يبدل موقفه هذا عندما يتعلق الامر بالثورة الشعبية او المطالبة بحقوق اساسية او ما شابه ذلك هنا يغيب الشعب عن اهتمامات ميكافيلي، مثلما يغيب اهتمام رجال الدين حينما يقول الشعب كلمته ويطالب بأبسط حقوقه هنا يصبح الشعب مجموعة من الهمج الرعاع الغير مؤهلين للعيش ويجب ان يقول القانون كلمته فيهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -تشاسيف يار-.. مدينة أوكرانية تدفع فاتورة سياسة الأرض المحرو


.. ناشط كويتي يوثق آثار تدمير الاحتلال الإسرائيلي مستشفى ناصر ب




.. مرسل الجزيرة: فشل المفاوضات بين إدارة معهد ماساتشوستس للتقني


.. الرئيس الكولومبي يعلن قطع بلاده العلاقات الدبلوماسية مع إسرا




.. فيديو: صور جوية تظهر مدى الدمار المرعب في تشاسيف يار بأوكران