الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأماكن تستحوزها الأرواح الحميدة .

يوسف حمك

2017 / 7 / 8
الادب والفن


يقال : ( للأمكنة أرواحٌ تسكنها فتعلق بالنفوس )
لا أقصد الأمور المخيفة التي تحصل للبعض فيفرون منها ، ويغادرونها اعتقاداً منهم بوجود أشباحٍ شريرةِ ( كالجن و الشياطين ) حسب المعتقدات الدينية و العلوم الروحانية .

أن تعيش في مكانٍ ، أو تزوره بين الفينة و الأخرى ، أو تزاول مهنةً دائمةً في ربوعه برفقة شخصٍ ، أو رهطٍ من الناس ، لا بد و أن تتفاعل روحك مع هذه الأرواح و إن بنسبٍ متفاوتةٍ .
إلا أنها تنجذب إلى أحد الأرواح بنسبةٍ أعلى و دون قصدٍ ، و عليها تعتاد بسخاءٍ أكثر ، فتحتضنها بتآلفٍ ودودٍ أكثر من قريناتها ، و تسكن بداخلك ، و تشغل حيزاً كبيراً بأعماقك ، فتدفأك لطفاً ، و تملأ المكان متعةً ، و يكون لها أكبر الحصص من الأحداث فيه ، فحضورها يكون أقوى و أعظم ثقلاً .
رقعة الانسجام تتسع ، فتسلط الإضاءة إلى كل زواياه .
و من تفاصيله يتسع بريقٌ مطبوعٌ بأثرها كقصيدةٍ رائعةٍ تتوق النفس لقراءتها ، فتستمتع بجمال مفرداتها ، و عمق معانيها .
فتغدو هكذا أعلى شأناً ، و أرفع مقاماً من بين سائر الأرواح .

تمر الأيام و الأسابيع ، و تتوالى الشهور و السنون ، فالزمن اللص يترصدك ليسرق منك الأرواح بأساليب متباينةٍ .
إما بإمتداد يد المنون إليها ، أو بإعداد حقائب الرحيل و قطع تذكرة السفر لتقبع ما وراء البحار ، أو محاولة اقتلاعها من الجذور لأرض المكان ذاته . فيدعك وحيداً يداهمك الحزن فتهرع إلى الأماكن المسكونة بهذه الأرواح المهاجرة و الغائبة .

يهيمن عليك إحساسٌ بأنك تستأنس المتعة فيها ، كما قبل الرحيل .
فتشعر كأن تغييراً قد طرأ على المكان رغم أن كل شيءٍ في موضعه الأصليِّ بلا تعديلٍ أو تبديلٍ .
الجدران تصمت ضجراً ، و المحتويات تخرس منتهى الخرس بلا قرقعةٍ ، و السكون ينصب خيمته بلا افتعال الضجيج .
يغمرك أرقٌ طويلٌ ،
و طعمٌ باهتٌ يوهمك بأن هذا المكان بات أرشيفاً تسكنه أطياف الأرواح الغائبة بجسدها ، و الحاضرة بخلودٍ .
تملك القدرة على أن تتجسد بذاتها في كل ركنٍ من أركانه .
نداءٌ كتومٌ صدوقٌ إلى الأسماع ،
قهقهةٌ ناعمةٌ كنسمةٍ تخدر النفس .
مزاجٌ مضطربٌ ،
و استحواذ قلقٍ مرهقٍ يعيق طقوساً لا مرئيةً اعتادت الروح على ممارستها بصمتٍ أصمٍ ، تتجسد أمام العينين من تلقاء نفسها .
ثم تختفي بعد ابتسامةٍ رقيقةٍ كظل عابرٍ سرعان ما يتلاشى ، أو حلمٍ يجدد المكان على نحوٍ يعيد إليه تآلفه في ماضيه الذهبيِّ ، فنشعر بتوقٍ شديدٍ للبكاء من أفول روعة ربيعها ، و الاشتياق لمشاغباتها الناعمة المفعمة بالطفولة .
إنه الزمن الهارب بخطف أشياء تسعدنا ، لنلتقي وحدتنا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لقطات من عرض أزياء ديور الرجالي.. ولقاء خاص مع جميلة جميلات


.. أقوى المراجعات النهائية لمادة اللغة الفرنسية لطلاب الثانوية




.. أخبار الصباح | بالموسيقى.. المطرب والملحن أحمد أبو عمشة يحاو


.. في اليوم الأولمبي بباريس.. تمثال جديد صنعته فنانة أميركية




.. زوجة إمام عاشور للنيابة: تعرضت لمعاكسة داخل السينما وأمن الم