الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاختلاف التنظيمي بين حزب البعث والحزب الشيوعي ..لماذا نجح البعث وفشلنا ؟

جاسم محمد كاظم

2017 / 7 / 8
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


من خلال قراءة التاريخ السياسي وسير المذكرات لأعضاء من الحزب الشيوعي والبعث يتبين للقاري جملة كبيرة من المعطيات التي تمثل الفرق الكبير مابين قوة التنظيم البعثي وهشاشة التنظيم الشيوعي .
استفاد البعث من قراءة التاريخ السياسي والتنظيمي للأحزاب الاشتراكية التي نشأت في أوربا وتعلم كثيرا من تجربة ودروس التنظيم للحزب النازي .
وبحكم دراسة البعثيين الأوائل مثل ميشيل عفلق في أوربا وفي فرنسا خاصة يتبين مدى التعلم والفهم الواضح لكيفية عمل التنظيمات الحزبية التي نشأت هناك .
اتبع البعث نظام التدريب العسكري لكوادره والتدريب على السلاح وإستراتيجية التكتيك السريع من خلال دورات مهنية لتشكيل مليشيات شبة عسكرية تستطيع العمل وقت الطوارئ بتامين الحزب وكوادره من الخطر .
وانشأ كذلك جهاز استخبارات مهمته جلب البيانات الأولية لتكوين نسق من المعلومات عن أعضاء الحزب المشكوك في ولائهم خوف الاختراق وكذلك التجسس على العدو من السلطة وجهازها القمعي المتمثل بالبوليس لكشف الخطر في الوقت المناسب وتامين الأوكار الحزبية من عيون الأعداء .
وهذا ما ظهر جليا للبعث بعد انقلاب شباط الأسود كقوة عسكرية مسلحة مكافئة للجيش استطاعت بليلة وضحاها من اعتقال أكثر من 10000 عشرة ألاف من أعضاء وأصدقاء الحزب الشيوعي ومهاجمة مقراته وبيوت أعضاءه بل تعدى الأمر إلى كشف أماكن قادته واعتقالهم بسرعة البرق وكأنة استعاد قوة جيش العاصفة الألماني وقائدة ارنست روهم .

بينما بقي التنظيم الشيوعي سائبا رخوا في أكثر مراحله يستشعر البعثرة في التنظيم متعرضا في كل مرحلة إلى انشقاق يؤدي إلى انكشاف أكثر كوادره لعيون الأعداء المتربصين بة .
وظهرت هزاله التنظيم الشيوعي بوضوح بأنة يفتقر إلى التشكيل العسكري وخلايا الاستخبارات عند اعتقال قائدة فهد مع قيادات الكادر المتقدم على يد شلة من رجال الشرطة تتسم بالغباء عام 1947 .
واستمر مسلسل الهشاشة في التنظيم بعد اعتقال القائد الثاني ساسون شلومو دلال وإعدامه عام 1949 وذهبت دمائهم هدرا بدون أي رد فعل أو عمل انتقامي ضد جلاوزه السلطة ويعود السبب أن أكثر أعضاء التنظيم يجهلون كيفية التعامل مع هذه الظروف لان اغلبهم من الكسبة والفلاحين البسطاء وحتى قيادات الكادر المتقدم تفتقر إلى معرفة ابسط هذه المعلومات على عكس التنظيم البعثي الذي اتسم بالقوة ورد الفعل السريع ضد جلاوزة السلطة بعمليات انتقام جريئة تعيد الثقة في نفسية التنظيم .
ولم يستفاد الحزب الشيوعي من تجربة الأحزاب الشيوعية العالمية كالحزب الشيوعي السوفيتي والصيني وبرغم دراسة فهد في جامعة الشرق وكذلك السكرتير الثاني سلام عادل وتعرفهم على اغلب الكوادر المتقدمة ذات الباع الطويل في العمل السري والتنظيمي العسكري .
وكأن الحزب لم يقراء تجربة فصائل الحرس الأحمر في حماية الثورة ولم يسمع عنها بتاتا حيث استطاعت هذه الفصائل في غضون فترة زمنية قليلة تامين الثورة وحماية قادتها ومقارعة جيوش مدربة ومحترفة وصدت هجمات فرسان القوازق وكتائب الجيش الأبيض الرجعي واستطاعت بعد ذلك من مقاتلة البولنديين البيض وجيوش التدخل في الشرق ومواجهة اليابانيين في الغرب .
ورغم أن أكثر كوادر الحزب من الفلاحين وسكنه الأرياف والقرى إلا أن الحزب لم يتعلم من الدرس الكوبي وتجربة فيدل الكاسترو الثورية القائلة بان القوى الشعبية يمكنها الانتصار على جيش مدرب وان ظروف الثورة وبؤرتها يصنعها الثوار في الأرياف وأحراشها وليس المدن لبعدها عن عيون السلطة مع العلم أن الثورة الكوبية عاصرت الثورة العراقية عام 1958 والتي شهدت أوج قوة الحزب وتعاظم نفوذه .
وعندما نعود لتحليل التركيب الطبقي للحزبين نجد أن التركيبة الطبقية للبعث تتكون من الفئات التي تلاشى نفوذها بعد انتصار الرابع عشر من تموز الظافر وتركزت كوادره من أبناء السراكيل وصغار الشيوخ الذين تضرروا من قوانين الإصلاح الزراعي في عهد الزعيم عبد الكريم قاسم وبرجوازية أبناء المدن وصغار الضباط والمراتب وبعض الطلبة في الجامعات والتي وجدت في البعث أملا جديدا لإعادتها إلى الواجهة التي فقدتها .
بينما اعتمد الحزب الشيوعي على طبقة الفلاحين البسيطة التي وجدت في قوانين الإصلاح جنة عدن الموعودة والكسبة وبعض الطلاب من أبناء الفلاحين في حلقات معزولة ومشتتة بعضها عن بعض تعاني من نير ملاحقات الشرطة و البوليس إضافة إلى شريحة المثقفين من الشعراء والكتاب التي وجدت في منشورات الحزب كأداة تنوير تحاكي أفكارها وتسير معها بالتوازي فبقيت تتخبط في الشعر والكلام اللذيذ على شاكلة عريان السيد خلف ومظفر النواب والشعراء الشعبيين وكتاب القصة والتي حولت الحزب إلى نادي ثقافي ترفيهي فقط .
اعتمد البعث على الجدية في العمل وتميزت كوادره في العمل السري بالحرية والتكيف مع الظرف بعيدا عن بيروقراطية السكرتارية العليا وتميزت هذه الفروع والخلايا بالانضباط العالي والقدرة على الحركة في مجابهة الظروف الصعبة واللامركزية في التخطيط وذلك بإعطاء الحرية للمسئول الحزبي بحرية التصرف تبعا للواقع المعطى على عكس اللجان المحلية في الحزب الشيوعي التي التزمت حرفيا بوصايا السكرتير والمكتب السياسي واللجنة المركزية فبقيت علاقات الأمر في هذا الحزب عمودية يتمايز فيها الأعضاء كقمة مصدرة للقرار وقاعدة منفذة .
بينما اعتمد البعث على القرار ذو المستوى الأفقي في تنظيمه السري وبعد ظهوره كقوة على الساحة عاد فأغلق هذا الباب ليعود المسار العمودي للأمر من الأمين العام والقيادة القطرية وأصبحت الفروع منفذة لهذه الوصايا مع أعطاها حرية التصرف كقوة موازية لقوة الأمين العام في حالة وجود تهديد يعرض الحزب إلى الخطر في مناطقها .
ربما لا يفيد هذا الكلام ولن يكون له من معنى في عالم اليوم لكن من خلال قراءتنا للتاريخ السياسي وسيرة لينين وماو وفيدل الكاسترو يتبين أن التنظيم الشيوعي هو تنظيم ثوري يؤمن بتغيير الواقع نحو الأحسن لذلك فهو يرتدي بدله العمل وتحتها بدله الخاكي ومثلما يمسك بيد بأدوات العمل فأنة يحمل بالأخرى سلاح المعركة .

///////////////////////
جاسم محمد كاظم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شيوعيو العراق هم حمامات سلام بيكاسو!
طلال الربيعي ( 2017 / 7 / 8 - 18:58 )
الزميل العزيز جاسم محمد كاظم
شكرا على مقالك, وكان يمكن لعنوان فرعي لمقالك ان يكون على هيئة -شيوعيو العراق هم حمامات سلام بيكاسو!- بسبب حتى امتناعهم عن الدفاع عن انفسهمم عسكريا, ناهيك عن عدم اخذ زمام المبادرة كما مثلا في الاحداث التي سبقت انقلاب 63 وعند حصوله وبعده. وهم في الحقيقة لا يعرفون ما يريدون! فمرة يقولون انهم زاهدون في السلطة ولا يريدونها, ومرة اخرى يقولون انهم يشتركون في الانتخابات لتغيير ميزان القوى والحصول على سلطة اكبر لكي يحققوا برنامجهم! منطق متناقض بالفعل! وكيف يستطيع اي حزب تحقيق برنامجه بدون امتلاكه السلطة؟
ولهذا كله خلفية نظرية مفادها ان الحزب الشيوعي العراقي يعتقد (برومانسية كأي عاشق موله والعشق اعمى!) بقوانين التاريخ وحتمية تحققها طال الدهر ام اقصر! وهو يعتقد ان البرجوازية العراقية (هذا ان وجدت مثل هذه البرجوازية بمعناها الثوري والتقدمي فعلا!) هي التي ستقوم بانجاز المرحلة الاولى من الثورة, مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية,
يتبع


2 - شيوعيو العراق هم حمامات سلام بيكاسو!
طلال الربيعي ( 2017 / 7 / 8 - 19:02 )
اي ان لا ديمقراطيين بل وفاشيين مثل صدام (كاسترو العراق!) واتباع الاسلام السياسي (جيفاريي العراق!) كانوا سينجزون او سينجزون مهام المرحلة الاولى من الثورة , المرحلة الوطنية الديمقراطية, وبعدها ستقوم البرجوازية العراقية بكل رحابة صدر وبكل ممنونية بتسليم شعلة الثورة وبمدنية وباسلوب حضاري وسلمي ينسجم مع مدنية وحضارة البرجوازية العراقية العريقة الى البروليتاريا العراقية وحلفائها وعلى طبق من ذهب او فضة, حيث ستشرع عندها القوى الشيوعية بانجاز المرحلة الثانية, المرحلة الاشتراكية, وعندها سيصدر الحزب الشيوعي بيانا عرمرميا يعلن فيه انتصار قوانين التاريخ وحتميتها وامكانية تحقيق الثورة بالوسائل السلمية, وسيؤكد فيه كالعادة على -لقد زكت الحياة صواب سياستنا-, وربما سيشكر فيه البرجوازية العراقية العتيدة على رقي فكرها ونهجها السلمي والحضاري وفهمها العميق والمتطور لحركة التاريخ وعملها بمقتضاه مما جعلها تقوم بتسليم شعلة الثورة و بدون عنف وبسلمية لا مثيل لها الى الشيوعيين ليشرعوا في اقامة الاشتراكية والشيوعية (لم لا!) ودك صروح البرجوازية والطبقية.
يتبع


3 - شيوعيو العراق هم حمامات سلام بيكاسو!
طلال الربيعي ( 2017 / 7 / 8 - 19:04 )
المحللون النفسيون سيقولون ان هذه هي اعتقادات مجانين. والمحللون السياسيون سيقولون انها خرافات مثالية تتجلبب بجلباب المادية وهي جمود عقائدي وتحنيط للنظرية. ولكن كلاهما سيتفقان على انها طامة كبرى!
مودتي


4 - الزميل طلال الربيعي الف تحية
جاسم محمد كاظم ( 2017 / 7 / 8 - 21:07 )
وفعلا هي اعتقادات مجانين والادهى من ذلك لو ان القوى القومية والبعثية كانت تعرف ذلك لما اقدمت على قتل هؤلاء المجانينوبدلا من سجنهم وقتلهم لبنت لهم صوامع الدعاء لاستدعاء قوانين التاريخ وحتميتة الازلية من اجل تحقيق الهدف السامي المنشود اسمى تحية ن

اخر الافلام

.. ليس معاداة للسامية أن نحاسبك على أفعالك.. السيناتور الأميركي


.. أون سيت - تغطية خاصة لمهرجان أسوان الدولي في دورته الثامنة |




.. غزة اليوم (26 إبريل 2024): أصوات القصف لا تفارق آذان أطفال غ


.. تعمير - مع رانيا الشامي | الجمعة 26 إبريل 2024 | الحلقة الكا




.. ما المطلوب لانتزاع قانون أسرة ديموقراطي في المغرب؟