الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هجير وهجران

فيحاء السامرائي

2017 / 7 / 10
الادب والفن


هجير وهجران

هل تعتقدين سيدتي ان أوار الصيف والهاجرة، مبعث ما وصل اليه حالنا من قفر ورمضاء؟ هل تسلّمين بأن اضطرام الجوّ حال دون اضطرام الوصل؟ تشيرين بأصبع اللوم الى حرارة شمس وجفاف.. كل شيء مستعر حتى نار الفقد وخذلان المشاعر.
لا أظنك تعنين ما تخالينه بأنني مثل صيف بلدنا في جفافه وجفائه حين لم أودّعك في آخر لقاء..ها قد غاب عن بالكِ ذلك اليوم القريب البعيد، يوم سكبتُ لك حشاشة روح من زهر وعطر وحنان، وطوقتكِ مثلما تطوّق غابة أشجارها أو بتلات زهرة لتويجها في فضاءات إشراق، إشراقكِ أنت الذي عبأ فضاءاتي وشساعة هنائي بكِ.. ما ظننتك نسيتِ يوم حملتك الى خميلة قلبي والى أخرى قريبة من بيتي.. كنتِ تتفننين في وصف تدرجات الأخضر في الطبيعة، وكنت أنا أجهد نفسي، بين التمعّن في روضة وجهك وبين تلقين الطيور نغمة ضحكتكِ لتستبدل تغريدها.. تعلمين جيداً كم كنت أغرم بصوت قهقهاتكِ، وكم كنت أطمع بالمزيد من موسيقاها، كنت تتغنجين وتعيدينها على مسامعي بفرح ودلال.. مولع بدلالك كنتُ سيدتي، أعشق كل شيء فيك حتى ثلماتك وهناتك، أغفرْ لك أي شيء وكل شيء، أخشى عليك من الأذى، حتى حينما عزمت على وداعك في ذلك اليوم المخدوش، ابتكرت لك وداعاً بهيّاً مثلك، كي لا يخدش حفيف ظلك عتاب أو تصيبكِ كدمة سؤال.
- أما تيأس أيها الولهان؟ كم أغبطك على عشق كعشقك لي!.. متى تجد من ترتاح معها؟ هيا ابحث عنها واستمتع.
يخبّأ صمتي ابتسامة مكلومة مثلما أفعل دائماً عند كل جرح أخرس.. كم تبتهجين بمن هم حولك! تهوين أن تكوني محور قصائد غزلهم، خدعوك حسنائي" بقولهم حسناء".. أنت جميلة في مقلة قلب عاشق هام بك لاغير، في عين قلبي.
- حسناء وشاعرة أيضاً، ولي معجبين كثيرين، كلهم يحبّوني، رغماً عنك، ماذا تريد مني؟
لا شيء جميلتي، لا شيء، سوى أن تعلمي انني همت بك يوماً وأحببتك في الصيف وأحببتك في الشتاء وفيما أبعد من الفصول وتقلبات الجو، لأنك كنت طقسي.. لكن.....الأجدى بي الآن أن أتركك بعد تيقني من جفاف مشاعر ودّ، تتفاقم بجلاء على ملامح وجهك وفي نظراتك بصورة أدق.
يا لك من مخاتلة! لستُ مستأنساً بلعبة الهجر والتصالح حسنائي، كان حنيني يعيدني اليك في كل مرّة وبعد كل رحلة جرح ووجع، حتى اعتدت على حالي.. لكن ما أنا متيقن منه اليوم، هو انني ودعتك بالأمس كما يليق، غمرتك بطقوس الهيام والهدايا وتحنان السجايا، رسمت لوحة وجهك، لصقتها في وجداني وعلى قدح تشربين فيه قهوتك..وها أنت تترقبين تحية وتتسائلين عن وداع.. كم أنت مغرورة تحومين حول ذاتك! ليس بذات أهمية أن يخمد من يهواك في هجيرة صمت أو موت أو أن يتلظى قلبه بلفح هجر، لا سوى تبغين إشباع فضولك.
يعنّ علي زمن أزهرته معكِ، تعنّ عليّ نفسي، يؤلمني أن أشفق عليها وأن ترثيني لحالها.. يكفيني أن يكويني ألم جمريُ اللسعات، لأسفي، لا يلقى لدى برودة مشاعرك أثراً لاهباً.
- أينكَ؟ هل متَ؟
لم ألقِ حتفي بعد سيدتي، لكني أنسحب منك قبل أن تطلقين الرصاصة الأخيرة عليّ، أحتفظ بما بقي من مكان سليم دون عياراتك النارية، وما بقي لي من رصانة نفس وكبرياء، أصون تاريخ ملاحة كانت، وألملم ندى ربيع نضب.
ومع ذلك دعيني أتخم غرورك لآخر مرة فأقول: أنكِ ما برحت اقحوانتي وعشقي السرمدي وتأججي، ستظلين محض خيال عصيّاً عن النسيان، وليكن ما يكون ولتكوني ما تكونين، انها النهاية، اذ كيف تقتلين قتيلاً صرعه الهجر والهجير منذ سنين؟









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص


.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض




.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب


.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع




.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة