الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الحركة الإحتجاجية رحم التغيير المنشود
دينا الطائي
2017 / 7 / 10اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
الحركة الاحتجاجية رحم التغيير المنشود
لاحظنا في الأونة الأخيرة تصاعد الحركة الإحتجاجية و إنتشارها في أكثر من ساحة غير ساحة التحرير و اتساع رقعتها الجغرافية في عموم محافظات العراق و الأقضية و النواحي و تعدد أوجه الحركة الاحتجاجية نتيجة سوء الخدمات و الأزمات المتعاقبة على الشعب العراقي في ظل الفشل الذريع للقوى المتنفذة و الطغمة الفاسدة العاجزة عن حل الأزمة البنيوية العامة التي تعصف ببلدنا و التي سببت تدهورا مريعا و واضحا على الصعد كافة .. و مع ذلك و تحسبا للتطورات المحتملة بعد تحرير كافة اراضي العراق من دنس داعش تزداد مخاوفنا من عراق ما بعد تحرير الموصل و هذا يتزامن مع استحقاقات الانتخابات القادمة مالم يتم تغيير المفوضية بشخوص مستقلة بعيدة عن التحزب و مشهود لها بنزاهتها و تغيير قانون الانتخابات المجحف .. نشهد مع كل ذلك حراكا سياسيا للقوى الفاسدة غايته اعادة ترتيب اوراق المتنفذين المتحاصصين غايتهم في ذلك الحفاظ على مصالحهم و مغانهم و تفردهم في السلطة و القرار . من عناوين الترويج لهذا الحراك السياسي الفاسد الترويج من جديد لحكومة الأغلبية .. حكومة لا يتردد فيها شخوصها عن الحديث عن شدة مركزيتها و طائفيتها يصاحبها عدم وضوح برناجمهم و اهدافهم و الية تشكيلها. كما نشهد هناك حراكا سياسيا اخر موازي للحراك السياسي اعلاه يبحث عن سرقة النصر على داعش و التسلق على اكتاف القوات الأمنية بكافة صنوفها و دماء شهدائنا.
و بصرف النظر عن عناوين الأغلبية السياسية أو الوطنية فإن الحديث بها في الوقت الراهن مؤشر خطير يثير التساؤلات حول اصل هذا المفهوم و دواعي و نوايا الداعين الى هذه الاغلبية و هم في الاصل طائفيين محاصصيين اللاعنين لها لفظا و المتشبثين بها ممارسة .
فعن أي أغلبية يتحدثون و هي خالية من برامج واضحة و محددة تقوم على اساس المواطنة .. بل هي اغلبية عددية لمنتسبي و شخوص الكتل الطائفية و الإثنية.
فمن المعلوم ان أصل الطروحات في خصوص تشكيل حكومة الأغلبية .. أثار تحفظات واسعة ترتبط بطبيعة هذه الكتل الفاسدة التي تعلن عن كونها ممثلة للطوائف و الإثنيات .. ما يعني أن الأغلبية ستكون لممثلي طائفة ما أو مكون معين مع مشاركة رمزية جدا و محدودة لأطياف مجتمعية اخرى .
و من أجل الرد على هذه التحفظات أقدم أصحاب فكرة الأغلبية على مراجعة طرحهم و صاروا يقولون انهم انما يدعون الى " أغلبية سياسية " يمكن ان تضم قوى و انتماءا قومية و مذهبية مختلفة تتفق على برنامج مشترك.
لكن الواقع الملموس للاحزاب السياسية تلك و الكتل الفاسدة تقول أن هذه الادعاءات ماهي الا كذب و افتراء نتيجة ممارسات سياسية عملية و ادارة مفاصل السلطة و مرجعياتها الفكرية و مجمل خطابها السياسي كلها بمجملها تظهر خصوصية مذهبية او قومية او طائفية بإمتياز و هذا مايثير شكوكا جدية في قدرتها على تحقيق الاغلبية السياسية التي تعلن عنها.
و لذا فإن اقتراب موعد النصر و تحرير اراضي العراق كافة من دنس داعش الارهابي تتعاظم الحاجة الى بناء الاستقرار السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي بما يؤسس لدولة مدنية دولة العدالة الاجتماعية و يُحدث قطيعة مع النهج الطائفي و الميليشاوي و الأثني الخارج عن القانون الذي حكم العراق طيلة السنوات الماضية و تسبب في ازمة بنيوية شاملة.
و عليه واصلت جماهير شعبنا على مدى ثلاثة اعوام هبتها الاحتجاجية على سوء الاوضاع المعيشية و الخدمية و مطالبة باصلاح النظام السياسي اصلاحا شاملا و تخليصه من المحاصصة و الفساد و محاسبة الفاسدين و المفسدين و المتورطين بسفك دماء العراقيين طيلة السنوات السابقة و اهمها ملف مجزرة سبايكر و ملف سقوط الموصل .
و رغم أن القوى السياسية المتنفذة الفاسدة أبت الا ان تصم اذانها متجاهلة اصوات المحرومين و اهالي المغدورين و اصحاب الكفاءات من خيرات الوطن الكثيرة بل و أبت ان تخطو خطوات جدية في محاربة الحراك المدني تارة بالتهديد و الوعيد و تارة بالخطف و القتل .. و مع ذلك فقد دفعت الحركة الاحتجاجية هؤلاء الى مراجعة سياساتهم الفاشلة في ادارة الدولة و ما سببت من كوارث و مآسي .. خوفا من اتساع رقعة الاحتجاجات و زيادة زخمها لتصل الى نتيجة مفادها قيام ثورة الجياع لاقتلاع الفاسدين .
و الاهم من ذلك صار واضحا لدى عامة الناس انه مهما اشتد الصراع بين الفرقاء المتنفذين فإنهم يلتقون في نهاية المطاف سياسيا على على ارضية المصلحة الاقتصادية و الاجتماعية الضيقة و نعي و يعي الشعب ان الاصلاحات المحدودوة البعيدة عن جوهر المشكلة ماهي الا وسيلة بغيضة لامتصاص غضب الشارع العراقي .. و قد أدى هذا الى خلق فجوة بين عامة الناس و القوى السياسية المتنفذة الفاسدة الراعية للميليشيات المنفلتة الوقحة و مفهوم الاغلبية السياسية الطائفية او القومية .. و نتيجة ذلك يبرز مشروع الاصلاح و التغيير كحاجة ضرورية و ملحة لانتشال البلد من الواقع المزري و هذا جل مطلبنا و مطلب جماهيرنا الواسعة .. على أن يرتكز مشروع التغيير على الاسس السلمية و الديمقراطية و على جملة من الخطوات التي تهدف الى تغيير منظومة الحكم و تحويلها من طائفية اثنية الى مدنية ديمقراطية اتحادية قائمة على اساس المواطنة و العدالة الاجتماعية و بذلك ستكون الدولة بلا شك و على يقين قادرة على الاستجابة لكافة التحديات التي تواجه العراقيين كافة دون تمييز.
و هذا اليقين يستند على الوعي المتراكم لدى الغالبية المسحوقة و المتضررة من ابناء شعبنا .. الذي ساهم قسم كبير منهم في الحراك المدني الاحتجاجي و خاضوا و لا يزالون مواجهة شجاعة مع الفاسدين في السلطة الذين استخدموا شتى الوسائل لترهيب الناشطين و اسكات صوتهم.
و لذا أعود و اكرر مع اتساع الحراك الشعبي المطلبي و اتخاذه اشكالا متعددة تكتسب الانتخابات المقبلة المحلية و البرلمانية اهمية كبيرة باعتبارها احدى ادوات التغيير السلمي الديمقراطي.
لهذا فإن الحركة الاحتجاجية تبنت مع المطالب الخدمية مطلب تشريع قانون انتخابي عادل يؤمن تمثيلا حقيقيا لارادة الناخب و يوصلنا الى التغيير المنشود و بل يشكل بابا ًمن أبوابه و ليس هذا و حسب .. فتغيير سائر المنظومة الانتخابية بما في ذلك تغيير مفوضية الانتخابات بعيدا عن المحاصصة و تشكيلها من قضاة مستقلين فعلا مشهود لهم بنزاهتهم و بذلك سنضمن استقلاليتها و مهنيتها و يعزز ثقة ابناء الشعب بالعملية الانتخابية و التقليل من العزوف عن الانتخاب و سيوسع المشاركة و الفاعلية.
هذا المطلب بلا شك اثار صراعا حول تركيبة المفوضية و طبيعة قانون الانتخابات بين الكتل المتنفذة الفاسدة و هذا دليل قاطع على خشية هؤلاء الرعاع من صعود قوى سياسية غير متورطة بالازمات الكوارث التي عصفت بشعبنا العراقي لتشكل معارضة حقيقية لنهجهم الفاشل و المدمر.
ختاما أقول ان مشروع التغيير الذي تطالب به الحركة الاحتجاجية يرتكز على عنصر فاعل في معادلة تصحيح موازين القوى لصالح الجماهير .. الا و هو بناء تحالف سياسي وطني عابر فعلا للطائفية .. تُسهم فيه القوى المدنية و اليدمقراطية على مختلف مشاربها بفاعلية لبناء دولة مدنية و عدالة اجتماعية .. دولة المؤسسات و المواطنة و القانون لتكون بديلا مؤثرا في المشهد السياسي.
لذا فإن الحركة الاحتجاجية الدؤوبة - التي ضمت اطياف متعددة مدنية و اصحاب توجهات فكرية مختلفة كالشيوعيين و الليبراليين و الصدريين ممن أمنوا بالدولة المدنية - هي الرحم الذي سيلد البديل المدني الديمقراطي كأداة لتحقيق المطالب و إعادة بناء الاقتصاد و المجتمع و الدولة على اساس الحداثة و التنوير .. فطوبى للحركة الاحتجاجية و للناشطين و الناشطات من شتى المشارب الفكرية و الانتماءات .. طوبة للرؤية الواضحة التي باتت تتميز بها حركة الاحتجاج مستندة الى الاقتناع و العمل الدؤوب و المثابر و المنظم.
10/7/2017
دينا الطائي
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. شهداء وجرحى إثر غارة إسرائيلية استهدفت منزلا في مخيم النصيرا
.. الشرطة الأمريكية تعتقل طلبة معتصمين في جامعة ولاية أريزونا ت
.. جيك سوليفان: هناك جهودا جديدة للمضي قدما في محادثات وقف إطلا
.. سرّ الأحذية البرونزية على قناة مالمو المائية | #مراسلو_سكاي
.. أزمة أوكرانيا.. صاروخ أتاكمس | #التاسعة