الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القصيدة المتوحشة - الفصل 14 من رواية

ريتا عودة

2017 / 7 / 11
الادب والفن


-14

آهٍ, خَالد..
يا توأم الرّوح.!
أيّها النصف المضيء من السنونوّة .
سيكونُ أن تـُسَلمَنِي للظـُلمَة
فيسْريَ الخَللُ في كِيـَاني الهَشِّ
يـَنـْخَرُ مَا تـَبـَقـَّى
مِنْ جثةٍ مـُتـَهـَالكـَة .

*

ما انفكــَّتْ ذاكرةُ البنفسج العالقة في دهاليز الرُّوح تـُعَذِّبُنِي. تجلدُ ساعاتي أيامي والشّهور. صرتُ قشَّةً في مهبِّ الأرق. أينما أسيرُ.. أتلفتُ حولي بحثًا للحبيب الغريبِ عن أثر.
ها الكآبةُ.. تـُمْهِلُني..لا تـُهْمِلُنــِي!
ها الجسدُ يتصدَّعُ بصمتٍ مُشين أمّا الرّوح فلا تجدُ لها منفذًا من ذُلِّ هذا الجحيم سوى: الكتابة.
وهل أحنُّ على الملسوعة بنارها سوى قلم نزق يشُقُّ حرائِقهُ عبرَ طرُق وعِرَة ..؟!

ما أقسى أن تأتي
مِنْ أَقاصِي الشَّوْقِ
لنلتقِي..
فلا تُسَافِرُ
مَرَاكِبُ عِطْري
وَلا يُرَفْرِفُ الحَمَامُ
مِنْ حَوْلِي.
تَتَعَطَّلُ لُغَةُ الكلام
فلا سَلام..
ولا هيام..
ثمَّ..
نَمْضِي ..
كُلٌّ إلى ظِلِّهِ

*
*
*

هكذا.. اصطفتني العزلةُ فأجدتُ المكوثَ برفقتها إلى أن قرعتْ بابي صديقتي خولة.
عَادَتْ بعدما بحثت عنها مرارا فأخبروني أنّها تزوجت وغادرت البلاد مع زوجها.
عادتْ خولتي ومعها عنفوان الأنثى والحنان وجرعات الثقة بالنّفْس.
فضفضتُ لها كلّ ما في جعبتي من أوجاع ذاكرة.
= هيا انفضي عنكِ خيوطَ العناكبِ وانهضي ريتاي.
- لا أريد أن أحيا.
حدجتني بنظرةِ عتابٍ.
ثمَّ
راحتْ تعزف على وتر التأنيب:
= أيعقل أنَّ إنسانة مرهفة الحِسِّ مثلكِ تستسلم لليأس..؟
-الحياةُ أجهضتني .. خولتي.
الحياةُ أجهضتني.
ليتني ما كنتُ أملكُ هذا القلب الهشّ خولتي.. ليتني!
*
*
*
اقتربتْ خولة من زاويتي المُعتمة.
جلستْ على حافة مقعدي ومدَّتْ يدها فحضنتني .
شردتْ دمعةٌ يتيمة من عيني جففــَتـْها هي بأناملِهـَا الرقيقة وراحتْ تهمسُ وهي تمسِّدُ خصلاتِ شعري كأنها في معبد تصلّي:
= ريتاي.
حبيبتي
توأم روحي..
إنهضي من رمادك.
لا يأس مع الحياة حبيبتي.
الضربة التي لم تقتلكِ حتمًا ستقويكِ.
*
*
*
انهمرتْ دموعي.
بللتْ كفَّها.
آهٍ كم أتوقُ اللحظة إلى رحم أمي .
أتوقُ أن أعودَ نطفةً..
أتشكلُ أنثى صلبة..
وأولدُ من جديد.
*
*
*
حكيتُ لها عن طائر الرّوح الذي ظهر فجأة في الأمسية الشّعريّة . ثمَّ..اختفى!
حثَّتني على مرافقتها الندوة الأدبية بعد أيام علّ الحبيب يكونُ بينَ عابري الصَّمتِ فيعيد لميزانِ العِشقِ تلكَ الكفــَّةَ المفقودة.
...
..
.

لم أكن أنا التي اعتلتِ المنصّة.
كانَ ظلّي!
العيونُ جاحظة من حولي.
الصّمتُ مُطبقٌ على الصالة.. وبينَ العبارة والأخرى
تهبطُ عينايَ في بحثٍ مستميتٍ عن توأم الرّوح:

*
أيّها الوجه الغجريّ
الصاعد من ضباب الحلم
تقرعُ بابَ الأمَلْ..
تباغتني
وأنا أتثاءبُ
فوقَ وسادة الضجر.
تخلع حُزنَك القديم
على أعتابِ انتظاري..
وتنتظرُ شروقَ القَمَر.
تُراودُني عنِ احتضاري
بسلامٍ فيروزيٍّ
واحتمالاتِ قُبَل.
قُلْ لي
قَبْلَ أَنْ تعشَقَ
زَهْرَ الليمونِ
قُلْ يا توأم روحي
المُشبَعِ
برائحةِ البَحْر..
قُلْ لي:

مَنْ أنتَ..؟

*
*
*

أفــَلـَتِ الأنوارُ من حولي.
بقيتُ وحدي وخولتي.


شبكتْ ذراعَها بذراعي وسرنا معًا خطوة خطوة في مطر نيسان. نعبرُ معًا بُقعَ الوحل المتراكم على الطريق المُؤدي إلى متجر الورد.
...
..
.
هنا..
كانتْ لحظة..
بل طفرة زمنيّة..
حيثُ التقى (النصفُ المُعتمُ) منَ التَّوأم ب(النِّصفِ المُضيء).
هنا .. اكتملَ (الكيانُ الأسطوريّ).
هنا.. كانَ البنفسجُ شاهدًا على جُنونِ اللحظة.
...
..
.
بحلقتُ بالمكان.
لم أعثر إلا على بضعِ زهراتِ بنفسجٍ ذابلة مبعثرة داخلَ سلَّةِ القمامة.. دونما ماء.. دونما عطر.. دونما رونق..تمامًا..
تمامـــًا كما أنا الآن..
وإلى ما لااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا نهاية!





















التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم الممر مميز ليه وعمل طفرة في صناعة السينما؟.. المؤرخ ال


.. بكاء الشاعر جمال بخيت وهو يروي حكاية ملهمة تجمع بين العسكرية




.. شوف الناقدة الفنية ماجدة موريس قالت إيه عن فيلم حكايات الغري


.. الشاعر محمد العسيري: -عدى النهار- كانت أكتر أغنية منتشرة بعد




.. تفاصيل هتعرفها لأول مرة عن أغنية -أنا على الربابة بغني- مع ا