الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


افول الماركسية - كلسن و نقد الماركسية (2/نقد كلسن)

موسى راكان موسى

2017 / 7 / 13
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية




نقد كلسن (159ـ161) :


لنقم هنا بحساب أولي . تدعي الإشتراكية الماركسية كونها (( وصفا )) ، لا يهتم بالأخلاق ، لتعاقب التشكيلات الإقتصادية ـ الإجتماعية المختلفة في التاريخ ، (مقدمة لمساهمة في نقد الإقتصاد السياسي) و هو يهدف إلى (( تفسير )) أصل كل منها من حيث علتها ، و مقارنتها بالأخرى ، غير إننا لا يمكننا أن ننفي في الوقت نفسه ، بأن التعاقب التاريخي الذي تقدمه ، يبدو موجها نحو غاية معينة . أي أن سياق التاريخ ، الذي تناوله التحليل يتطور عبر المراحل الأساسية التالية : إنه ينطلق من المرحلة البدائية حيث لا طبقات و لا ملكية خاصة (الشيوعية الأصلية) ثم إنه يمر في مرحلة وسيطة مديدة ، مميزة بإنشطار المجتمع إلى طبقات ـ عبر (( الرق )) و (( الإستغلال )) ليصل أخيرا إلى مرحلة مميزة بسيادة العدالة و الحرية و هي مرحلة الشيوعية الحديثة .


إن الصعوبة التي تصطدم بها النظرية هنا واضحة . فالماركسية تقارب ، من ناحية ، بوصفها تحليلا علميا ، المسار التاريخي الواقعي ، بإعتباره تطورا سببيا ـ واقعيا . أما هذا التطور السببي ، فيفترض من ناحية أخرى ، أن يصل إلى (( غاية )) أو أن يحقق (( قيمة )) ما : و هي تتمثل بالإجتماع الشيوعي و هو إجتماع (( الأفراد الأحرار المتساوين )) .


تدعي الإشتراكية بتعبير آخر ، إنها تنتزع من (( تطور الأشياء الضروري )) حالة ما و هي قفزة من (( مملكة الضرورة )) إلى (( مملكة الحرية )) .


و هنا خلاصة سبق لكلسن أن أشار إليها ، و هي (( أن نقد ماركس للإجتماع القائم ، و تنبؤه بحلول الشيوعية كنتاج ضروري لتطور مقدر وفق سنة معلولة يقومان على حكم ذاتي تقويمي )) .


يضيف كلسن : (( إن إيجاد وسائل لتحقيق غاية مفترضة سلفا هو بالفعل مهمة علمية ، ذلك أن العلاقة بين الوسائل و الأهداف هي علاقة بين العلة و الأثر . و معرفة هذه العلاقة هي من الوظائف المخصوصة بالعلم . غير أننا لنجد الوسائل التي تؤمن تحقيق هدف ما لا بد أولا من تحديد غاية معينة [...] و لا يعتبر هذا التحديد من وظائف العلم الوضعي كونه يقوم على حكم تقويمي له في نهاية الأمر طابع ذاتي )) .


و هنا مجمل الصعوبة . ذلك إننا عندما نعالج الوقائع التاريخية و الإجتماعية بتعابير علمية يصبح الحديث عن المجتمع (و خصوصا عن مجتمع مستقبلي) كمكان يتحقق فيه (( الكمال الإنساني )) ، دون أي معنى إذ من الناحية العلمية تستوي الإجتماعات في مرتبة واحدة . إنها وقائع يجب فهمها و تفسيرها . و يمكن للعلم أن يستقصي خصائصها الموضوعية المختلفة و التمايز فيما بين متكوناتها و وظائفها .


غير أن العلم لا يميزها تمايزا تقويميا . و هو لا يستطيع أن يعتبر أحد الإجتماعات كمرحلة ممهدة لقدوم إجتماع آخر ، ذلك أن لجميع أشكال و أطواره في نظر العلم قيمة واحدة . من هنا فإدعاء ماركس إستنباط (( غائية )) الشيوعية من التحليل العلمي لتطور التاريخ بإعتباره سياقا سببيا ـ موضوعيا (( لا يصبح ممكنا )) كما يقول كلسن (( إلا إذا اسقطت القيمة التي يدعي إكتشافها ، في متن الواقع مسبقا )) ، و بتعبير آخر (( فإن اشتراكية ماركس (( العلمية )) هي علم إجتماع لا يهدف (ضمنيا) فقط إلى إدراك الواقع و فهمه كما هو عليه فعليا و دون تقييمه ، بل و إلى الحكم عليه إنطلاقا من قيمة فرضت مسبقا على هذا العلم ، و دست في متن الواقع الإجتماعي ، بخدعة ما ، و بهدف تطويع هذا الواقع على هذه القيمة المفترضة مسبقا )) .


لقد تعرضت الماركسية (( لتلفيق منهجي مأساوي )) فهي جهلت التمييز بين النظرية التقييمية الأخلاقية ـ السياسية و النظرية القائمة على العلم التعليلي ، أي النظرية العلمية ـ الطبيعية [أو النظرية (( الإجتماعية ـ المنطقية )) (( Socio-Logique )) التي تنطلق من (( قواعد علمية ـ طبيعية ))] و ببساطة فإنها قد خلطت بينهما ، بصورة فظة : خلطت بين (( الوقائع )) و (( القيم )) أو بين (( العلل )) و (( الغايات )) .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الأميركية تشتبك مع المتظاهرين الداعمين لغزة في كلية -


.. حشود غفيرة من الطلبة المتظاهرين في حرم جماعة كاليفورنيا




.. مواجهات بين الشرطة ومتظاهرين في باريس خلال عيد العمال.. وفلس


.. على خلفية احتجاجات داعمة لفلسطين.. مواجهات بين الشرطة وطلاب




.. الاحتجاجات ضد -القانون الروسي-.. بوريل ينتقد عنف الشرطة ضد ا