الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-الحشد الشعبي- في العراق..من التحرير إلى بناء دولة القانون!

نجاح محمد علي
سياسي مستقل كاتب وباحث متخصص بالشؤون الايرانية والإقليمية والارهاب وحركات التحرر

(Najah Mohammed Ali)

2017 / 7 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


مايحتاجه العراق اليوم هو بناء دولة القانون وإحترام الدستور، وإن كانت هناك لدى الكثيرين تحفظات وملاحظات على هذا الدستور والقوانين التي تمت المصادقة عليها من قبل مجلس النواب ومن ضمنها القانون الذي أصدره المجلس في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أصدر البرلمان العراقي ويقنن بموجبه وضع قوات "الحشد الشعبي"، التي تمثل الفصيل غير النظامي الأبرز في الحرب ضد مايسمى تنظيم "الدولة الإسلامية".
وواضح تماماً بعد أكثر من أربعة عشر عاماً منذ سقوط نظام صدام حسين في أبريل/ نيسان 2003 أن الفوضى التي عمت العراق توصل الى نتيجة عقلية مفادها" عراق بدستور خير من عراق بلا دستور"، وهو بالتأكيد أول المقومات القانونية في كل دولة تريد الاستقرار والازدهار وتريد العمل على إسعاد شعبها.
القانون أعلاه حول شرعنة الحشد الشعبي الذي تضم قواته عدة فصائل مسلحة من بينها فصائل سنية وأخرى مسيحية، كما تضم قادة سياسيين بارزين ، أثار جدلاً واسعاً بشأن وضع هذه القوات تحديداً ضمن القوات المسلحة في العراق، خاصة أن بعض فصائلها اتهم في مرات عدة بارتكاب "انتهاكات" ذات صبغة طائفية.
ويرى البعض أن قانون الحشد الشعبي قد مرّ عن طريق الأغلبية وهي طريقة غير توافقية في حين أن الحكومة الحالية حكومة توافقية أي حكومة محاصصة، ويشير إلى اعتراضات من كتل سياسية ومكونات أخرى على القانون.
ويضيف هؤلاء أن "قانون الحشد الشعبي يفتح الباب أمام عسكرة العراق، فالحشد تم تشكيله عن طريق التطوع من المحافظات العراقية المختلفة عبر شخصيات ومجموعات وهذا قد يؤثر على الانتخابات في تلك المحافظات" لصالحها.
وبموجب القانون الجديد، تعد "فصائل وتشكيلات الحشد الشعبي كيانات قانونية تتمتع بالحقوق وتلتزم بالواجبات باعتبارها قوة رديفة وساندة للقوات الأمنية العراقية ولها الحق في الحفاظ على هويتها وخصوصيتها ما دام لا يشكل ذلك تهديداً للأمن الوطني العراقي".
وشاركت قوات "الحشد الشعبي" بفاعلية في معركة تحرير الموصل،وأثبتت قدرة كبيرة في تغيير موازين المعالات السياسية في العراق والاقليم خصوصاً بعد نجاحها في الاقتراب من الحدود مع سوريا، وكانت قد شاركت في عمليات القوات العراقية السابقة لاستعادة مناطق أخرى في غربي العراق ووسطه من أيدي التكفيريين ومن تدثر بعباءتهم الواسعة.
الجهاد الكفائي
في اوائل يونيو/حزيران 2014، أصدر المرجع الديني الأعلى آية الله سيد علي السيستاني ما وصفه البعض بـ "فتوى" الجهاد الكفائي وهي في الواقع بيان حكم شرعي حول وجوب القتال دفاعاً عن البلاد إذا تعرضت لغزو من الخارج كما حصل في مسألة الموصل، ويدعو الحكم الذي سمي بالفتوى تجوزاً، كل من يستطيع حمل السلاح الى التطوع في القوات الأمنية لقتال مايسمى تنظيم "الدولة الإسلامية" وتجيز التعبئة الشعبية لدرء خطر هذا التنظيم، وهو ما وصف فقهيا بـ "الجهاد الكفائي".
وساد لغط كبير حول من يتحمل مسؤولية سقوط الموصل لم يحسم حتى الآن، بل برز هناك سعي حثيث من الأطراف المشاركة في العملية السياسية الى "لفلفة" الملف، والتغطية على المسؤولين عن تلك الكارثة، بالدعوة الى "مصالحة وطنية" ،إذ تحول جميع "السياسيين"الطائفيين والمستفيدين من إثارة "الطائفية" في العراق، الى دعاة تأسيس عراق المواطنة بدلاً من عراق المكونات، وصار نفس الأشخاص الذين حملوا لواء "الطائفية" والمدافعين عن السنة أو الشيعة، وطنيين، يعقدون المؤتمرات، ويتبنون "دولة المواطنة لا دولة المكونات"!
وبرغم أنه تم تأسيس هيئة عليا لـ "وحدات الحشد الشعبي" انبثقت عن مكتب رئيس الوزراء لإضفاء الطابع المؤسساتي على التعبئة الشعبية ومنحها صفة رسمية مقبولة كظهير للقوات الأمنية العراقية،إلا أن المرجعية الدينية التي كان لها موقف منذ البداية من فصائل معينة في الحشد الشعبي، وتأسس تحت عباءتها فصيلان للقتال تحت توجيهاتها، تجاهلت عن عمد ذكر "الحشد الشعبي" ، وهو يبرز لافتاً في خطب الجمعة التي تلقى باسم المرجعية الدينية من قبل ممثليها ...في كربلاء وليس في النجف مقر المرجعية!.
تجاهل مقصود
في خطبة الجمعة يونيو 30 / حزيران تجاهل الشيخ عبد المهدي الكربلائي ممثل المرجعية وخطيب الجمعة في كربلاء، ذكر " الحشد الشعبي" في خطبته التي هنأ فيها هنأتم العراقيين كافة بسقوط رمز "دولة الخلافة" في الموصل وشكر كل من قاتل وجاهد في ميدان التحرير ضدها،ووجه التحية بالاسماء المعنوية لكافة فصائل القوات الأمنية، من جيش وشرطة ومكافحة ارهاب وطيران ، ولكنه لم يذكر متعمداً إسم الجيش الرديف "الحشدالشعبي" الذي أصبح ايقونة عراقية خالصة تحظى باحترام كافة العراقيين حتى أنهم أطلقوا عليه صفة القداسة وسموه "الحشد الشعبي المقدس" بعد أن أصبح وفق القانون مؤسسة عسكرية وطنية رسمية مشرعة بقانون تشريعي ، وبات اليد الضاربة من أذرع القوات العراقية المسلحة ، وهو يخضع لإمرة القائد العام.
وكان واضحاً تعمد تجاهل "الحشد الشعبي" حتى بكلمة شكر من ممثل المرجعية الذي شكر في الخطبة المذكورة من سماهم (المتطوعين) مع علمه الأكيد بأنه لايوجد هكذا تشكيل أو فصيل قاتل أو يقاتل إستجابة لنداء المرجعية في الميدان، إذ لم يتعود العراقيون على هذه التسمية(المتطوعين) ولم يقدم قوافل الشهداءإلا الحشديون الذين إمتلأت صورهم وهوياتهم الحشدة أرجاء المدن الجنوبية بشكل خاص، "والملاحظ أن سماحتكم وسماحة السيد الصافي المناوب معكم دائما تتجنبون ذكر تسمية الحشد الشعبي الا ما ندر ولم ترد الا مرة واحدة او مرتين على السنتكم !!!سمعتها من السيد الصافي بشكل عابر مرة واحدة ..فيما صور شهداء الحشد باتت تملأ مداخل المدن الشيعية ولاتوجد صورة شهيد واحد لما يسمى (المتطوعين) عشوائيا الذين ذكرتموهم بالشكر والعرفان لتضحياتهم" كما ورد في رسالة غاضبة للناشط العراقي "شهاب أبو طبيخ" وجهها لممثل المرجع الأعلى ولقيت إهتماماً من ناشطين بارزين دون أن يلتفت لها ممثل المرجع رغم أن الناشط العراقي كرر نشرها ، ورغم التعليقات الكثيرة من المتابعين.
وطرح السيد "شهاب أبو طبيخ" تساؤلاً مشروعاً عما إذا كانت هناك مشكلة مع تسمية (الحشد الشعبي) المؤسسة الرسمية أم هي مراعاة لمن لايحبون تسمية الحشد ويكرهونه لاسباب عقائدية و فئوية وقومية وشخصية، تاركأ الباب موارباً لممثل المرجعية ومن خلفه للمرجعية لتقديم توضيح مقنع، بقوله "إن كان تجنبكم ذكر الحشد في كل خطبكم وبياناتكم طيلة فترة الجهاد الكفائي هي سهواً فهي غير معقولة لعقولنا البسيطة ،(وهل يخفى الحشد)!!..هذا القوة العقائدية المعجزة الذي صار يتغنى بها حتى شرفاء الفنانين والشعراء العرب ومن غير المسلمين ، خارج العراق وهو الذي يشتم كل يوم على منابر الاعلام السفياني من الاعراب الاشد كفرا ونفاقا ،، لدول حماة وآباء الارهاب الذي حاربه الجيش والحشد وليس( المتطوعين) كمجاميع متناثرة صغيرة ذيلية مؤقتة كما يفهم من التسمية التي ترددونها دائما في بياناتكم السابقة"!
الولاء لمن ؟!
وأثار هذا التجاهل المقصود، كما سماه الكثير من المهتمين، حيرة في الأوساط الشعبية،وأنقسم العراقيون بين معترض ومؤيد، خصوصاً وأن الثقافة الدينية السائدة في العراق، ترجح إطاعة المرجع الديني وممثليه وكل من يحمل إسمه أو وكالة عنه وتضع المرجع في خانة"المعصوم" الذي لايمكن الرد عليه، أو توجيه النقد له والنصح إليه، وأصبح الكثير من مقلدي المرجعيات، تابعين لايميزون بين الفتوى والحكم ولا بين المجتهد كرجل مختص في حقله إن أصاب له أجران وإن أخطأ له أجر تقديراً لجهده العلمي، والمرجع القائد السياسي الذي يستعين بالخبراء والناصحين من أولي الرأي، ولايكتفي بالأبناء والأصهار كما هو حاصل في غالبية المرجعيات الدينية - مع الأسف - !
وحتى وإن كانت لدى المرجعية الدينية ملاحظات معينة حول الحشد الشعبي ومرجعيته السياسية، في مزاعم يرفضها قادة الحشد تتحدث عن ولائه لايران، مستندين إلى تصريحات قادة بارزين حول الولاء المطلق للولي الفقيه في الجمهورية الاسلامية الايرانية مثل زعيم عصائب أهل الحق الشيخ قيس الخزعلي، ونائب رئيس الحشد الشعبي، أبو مهدي المهندس، وأيضا هادي العامري أمين عام منظمة بدر، فان تصريحات أخرى من نفس هذه الأقطاب صدرت مؤخراً أكدت أن العناصر التي تنتمي للمنظمات والفصائل العراقية، ستذوب في مؤسسة "الحشد الشعبي" بالتبعية الكاملة للقائد العام أي رئيس الوزراء وهو اليوم السيد حيدر العبادي، وستفقد بعد الانتهاء عملياً من تحرير الموصل، أي صفة تنظيمية لها مع هذا الفصيل أو ذاك، وأن ولاءها سيكون فقط للعراق ، وأنها لا تأخذ الأوامر والتعليمات إلا من القيادة العراقية وفق ما حدده قانون التأسيس. وبحسب الاحصائيات الرسمية
فان هناك آلاف المقاتلين في صفوف "الحشد الشعبي" من السنة، حيث أن عدد المقاتلين الذين انضموا إليه من محافظات صلاح الدين ونينوى والأنبار فقط قد وصل إلى حدود 20 ألف عنصر، إذ يوجد 4000 عنصراً على الأقل من محافظة الأنبار فقط، من عشائر معروفة كالجغيفة والآلوسية والبونمر والبوفهد وعلوان وغيرها من عشائر أهل السنة، والجميع ومعهم المسيحيون مثل كتائب ريان الكلداني، يؤكدون أنهم يعملون بعد التحرير على تأسيس دولة القانون والمواطنة، وهو شعار ينجح دائماً "السياسيون" في سرقته وسرقة النصر كما هي عادتهم في العراق الجديد، وسط سجال لم تحسمه "تطمينات" مسيسة من هذا الفريق أو ذاك، حول مخطط لحل "الحشد الشعبي"، رغم أن إيران التي اتخذها المطالبون بحله شماعة،كانت أول المهنئين بتحرير الموصل، وأكدت على لسان أكبر مسؤول فيهاوهو المرشد الأعلى آية الله سيد علي خامنئي "أن الموصل تحررت بفضل شجاعة وبسالة العراقيين"، لكن بعض قادة الحشد يثني على الدعم المقدم من إيران، فمع بدء عملية الموصل قال نائب رئيس الحشد الشعبي "أبومهدي المهندس" عدة مرات "لولا دعم الجمهورية الإسلامية للعراق بالسلاح والخبرات، لما تمكنّا من استعادة الأراضي المغتصبة من الارهابيين ".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الولايات المتحدة و17 دولة تطالب حماس بإطلاق سراح الرهائن الإ


.. انتشال نحو 400 جثة من ثلاث مقابر جماعية في خان يونس بغزة




.. الجيش الإسرائيلي يعلن قصف 30 هدفا لحماس في رفح • فرانس 24


.. كلاسيكو العين والوحدة نهائي غير ومباراة غير




.. وفد مصري يزور إسرائيل في مسعى لإنجاح مفاوضات التهدئة وصفقة ا