الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مأساة الأرنب الخائف وكلاب الحراسة المتوحشة

عيسى محارب العجارمة

2017 / 7 / 14
كتابات ساخرة


خاص – عيسى محارب العجارمة – قبل ثلاثة أشهر خلين حل على الكسارة التي اعمل بها ، ضيفا عزيزا كهدية من سائق الجنزير الطيب ابو يزن السبعاوي من عين الباشا وقاطنيها ، وخلال زيارته لبيت والدته بقرية الجوفة بالأغوار الوسطى بالأردن الغالي ، أحتمل معه ذاك الضيف وزوجته ، وهما أرنبا أبيضا وأرنبة سكنية ، كانت على وشك التناسل والاخصاب ، ارنبة اية بالجمال ، والفيعان الارنبوي الانثوي البديع ، ودفع بها الى السوبر فايزر ، كهدية بسيطة وعربون محبة ووفاء ورفق طيب .

والذي بدوره قام بتأمين سكن كريم وعيش كريم لهما ، أنفق وأهدر خلاله يوم عمل كامل ، لبناء بيت من الشبك المعدني والزوايا الحديدية ، وقام بكل من يلزم من اعمال الحدادة لذاك الكوخ والخم الصغير ، يساعده كل العمال الوافدون ، بذاك النشاط البدني الانساني الحيواني المشترك ، حتى وددت لو كنت ارنبا زائرا او مستوطنا لكسارتنا ، حتى احصل على خدمة مواطن VIP ، كتلك الحيوانات الصغيرة الغبية المدللة ، والتي تحظى بالحظوة والسلطان .

لم تقف الامور عند ذاك الحد ، فقد طلب مني الرجل بشيء من الرجاء والامل ، والاخوية المبنية على خجل الطرف الاخر ، لا بل بتهديد مبطن يخالف قوانين العمل المرعية ، وتجاوزا وفسادا في استخدام السلطة ، أذا لا مدونة سلوك بالكسارة تحكم ذاك الامر ، بأن اذهب لمزرعة قريبة بالمنطقة .

وان احش بعضا من الاعشاب للزائرين الخطيرين ، فرفضت بكل رباطة جأش تنفيذ ذاك المطلب الجائر بحق بعض حقوقي ، الاعلامية والسياسية والسيادية ، والتي اكتسبتها بعد طول عناء ولإواء ، كمحاسب ثاني بالكسارة وهذا الامر ، سيحولني لسائس ارانب من الدرجة الاولى ، ولو كانت خيولا اصيلة ، لربما فعلت اكراما لنسلها المشرف ، وبما ان الاخيرة قد تهجن جنسها الشريف ، بجينات بغلية مجتلبة فلا مجال هنا للمساومة والرضوخ ، حتى وان كانت خيلا دخيلة .

بعصر كل يوم كان السوبر فايزر المزعج ، المالك الثاني وابا يزن السبعاوي المالك الاول ، يغادرا المكان لتناول طعام الافطار الرمضاني ، مع الاهل وابقى انا المالك الثالث بالوكالة ، او المملوك ان جاز لي التعبير ، للأرنبتين المزعجتين حارسا لهما من قطيع كلاب الحراسة الشرسة المتوحشة.

وهما كلب وكلبتين ولدت كبيرتهما ستة جراء ، نفق احدها بعد تعرض لحادث عض رجله من احداها ، لينزف جراحا بليغة اودت بحياة المسكين ، اثناء تناول بقايا العظام واللحم البلدي الطازج ، الذي كان يتم إحضاره من ملاحم ناعور ومرج الحمام ، كدعم صمود لهذه الكلاب الوفية ، دونما كلل وملل من نباح يقطع سكون الليل البهيم .

اذا هدأت وسكنت أصوات القلابات والأليات ، فتقوم بمهمة الازعاج والاحتضار الصوتي البيولوجي الرخيم ، عواء يتبعه عواء حتى لتود ان تسكن اعماق البحر الابيض المتوسط ، مع اطفال العرب النائمين ببحر الروم العظيم شديد الحلكة ، علك تحظى بنومة أبدية مريحة لا تنغصها عليك حرارة الجو والبعوض الشرس وعواء الكلاب الشرسة .

الى هنا وكانت الامور تسير بصورة طيبة ، بالنسبتين للأرنبتين العروستين السعيدتين ، الى تحولت حياتهما للسعدنة والشقاء ، حال كثير من شعوب الوطن العربي بربيعنا العبري ، فقد جاء اليوم الذي توقف به تزويد قطيع كلاب الحراسة من مادة العظم وبقايا اللحم ، بقرار تعسفي من زميلي محاسب شفت الليل، كقرار وقف التغذية المدرسية – قبل عدة سنوات - للطلاب الفقراء بالأغوار والبوادي والمخيمات ، ويصيب معظمهم فقر دم مزمن نتيجة سوء التغذية .

قصتنا اليوم شهدت نهاية دراماتيكية مفجعة ، نتجت نتيجة تعنت وعنت – ( وهنا اضع خط عريض تحت اخر أربع كلمات ، ومجمل المقال ايضا، راجيا من القراء الانتباه للتلاعب بالحروف والمعنى ، بصورة ادبية بليغة ، تعجز كل ديناصورات اعلامكم المخملي ، وصدق من قال :- اذا قلت اما بعد :- فأنني خطيبها ، يا مديرية المنتج الاعلامي بوزارة اعلام المومني ، واكتفي بمنصب وزير اعلام الظل ، رغم أرنبة أنوفكم الغبية – الى هنا انتهت المداخلة يا مومني وملقي) - زميلي المحاسب الليلي .

الذي كان يتبرع بهذه المهمة الغذائية اللوجستية القيمة ، وتم الاكتفاء ببقايا الخبز اليابس ووجبات الطعام ، المقدمة للعمال وهذا وان كان يغطي شيئا من حاجة القطيع شبه المتوحش بصراع البقاء ، الا انه لا يغني عن الزفر الدسم والعظم اللذيذ .

من هنا بدأت مأساة صديقي الأرنب ، فقد بدأت الكلاب تقترب من كوخ سكنه ، فهجره وزوجته الحامل على مضض ، وبدءا بقضاء الليل البهيم اسفل كرفان المحاسبة ، غادر السوبر فايزر بعد عطلة العيد مباشرة ، تاركا لي عبء الاعتناء بهما حراسة وتغذية على مضض ، تلك العطلة التي شهدت غزوا كلابيا ، وكلبيا ووحشيا بربريا ، أسفر عن افتراس الأرنبة الأنثى ، والتي كانت قد ولدت للتو ، عدة مواليد صغار ، نتيجة خلو المحلة من العمالة المحلية والوافدة لعطلة العيد .

والتي كنت أمني النفس ، بقضائها بربوع جمهورية جورجيا العذية – نفسي طالبة حوامض - ولكن منعني قرضي المتعثر، حتى أن أدلف لوسط البلد ، كعادتي باليوم الثاني من العيد ، والتمتع بزيارة متحف جدتي ، أسفل المدرج الروماني ، لأذرف دموعا سخية على دمى ذاك المتحف البديع ، الذي يضم في ثناياه بقايا ، ومعالم فلكلور حياتنا الأردنية البدوية والريفية ، حتى النصف الاول من القرن العشرون .

ولربما ازدراد أوقية كنافة مغطسة بالذل ، ومجلة روز اليوسف وجريدة السبيل والمجد ، من كشك صديقي ابو علي ، فهذه جل مطلبي ومطالبي من الدنيا ، يا عتاة الاوطان وجلاديه ، حتى هذه يبدو أنها صعبة المنال ، فما أنا الا ختيار بينه وبين القبر أمتار ، فهل من المعقول أن أحرم من زيارة عاصمة بلدي ، منذ خمسة أعوام بليلها ونهارها ، نتيجة قرض متعثر كلغم قابل للانفجار تحت قدمي كل لحظة وبرهة ؟

وخلاصة القول بان الارنب ، لربما نفقت نتيجة طمرها وجرائها الصغار بالرمل ، الا ان الارنب الارمل لا زال حيا يرزق حتى اللحظة ، وانا ابراء لذمتي وللتاريخ اطالب منظمات حقوق الرفق بالحيوان بأوروبا والعالم ، بسرعة اغاثته والا فالموت الزؤام مصيره ، تحت صرير قطيع اسنان الكلاب المتوحشة الضارية ، اللهم اشهد فقد بلغت .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري


.. فيلم السرب يقترب من حصد 7 ملايين جنيه خلال 3 أيام عرض




.. تقنيات الرواية- العتبات


.. نون النضال | جنان شحادة ودانا الشاعر وسنين أبو زيد | 2024-05




.. علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي