الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


زائرة بعد منتصف الليل

صاحب الربيعي

2006 / 2 / 6
الادب والفن


إن تعشق لوحة لجمالها يعني أنك تعشق خالقها لما جسده من رؤى وتفاصيل فيها، عيبها الوحيد أنها خرساء، لاتنطق إلا من خلال ألوانها وتفاصيلها الجميلة. لكن حين تنطق اللوحة لتعكس صدى إعجابك بها، فتلك حالة من الإبداع الفريد لخالق أجادة فنون الهندسة والرياضيات والسحر والخيال....وجسده في وجه امرأة تحمل أوجه الجمال بكل تفاصيله من أين ما رصدته!.
عينان، كعيون المها، صافية كالسماء وساحرة كسحر الغسق في أفق البحر، سوداء كالليل وواسعة كشاطئ يغفو على كتف البحر.....يحرسها سيفان من سيوف التتر، ومتوهجان كهالة القمر. وغابة ساحرة من الشعر تنساب كعناقيد الصفصاف على كتفي ملكة الغجر، شفاه حمراء يقطر منها نبيذ أحمر معتق يسكر ناسك ويجعله في صلاته يتعثر، وجنتان تشعان ألوان الطيف فيستحي منها قوس قزح.
يصفه ((فرانسوا زروا)) قائلاً:"أيها الوجه المتعدد الوجوه، أعطني كل أوجهك أصنع منها باقة تجمع كل الألوان، تحمل سحر البهجة إلى سهادي، وجهك بحر عليه أسافر".
وجه يحمل كل الأساطير والفصول، ووهجه يضيء الليل وسماته بابلية وسومرية...سمرة الصحراء فيه تعكس لهيب النار المقدسة المتقدة أبداً في أرواح تناسخت عبر العصور. فصول متعاقبة (ومتقاطعة) على نفس مساحة الوجه تطوي الزمن، عواصف وأمطار وأمواج وشمس وليل ونهار...كلها تتعاقب على هذا الوجه الملائكي الذي يغزوني بعد منتصف الليل، سارقاً مني نومي وحلمي وضارماً النار في كل محطات عمري.
يعبر ((فرانسوا زروا)) عنه قائلاً::"هذه النار تحرس الصحراء، تسكنني هذه الرياح، تطوي البحار تبللني هذه الأمطار تكسر الطوق عني تفتتني وأحياناً هذا الوجه القلق في أعماق الليل يزورني".
يا زائرتي بعد منتصف الليل، أعرف روحك منذ الألف الثالث قبل الميلاد. تلاحقني في كل جيل، تتناسخ وتتابعني في كل العصور. في كل الأمكنة أجدها، وفي كل الوجوه الجميلة أقرأ تفاصيلها...أحس بوجودها حين استعير روحي من جسدي في وحشة الليل.
لاذنب لي يا صديقتي، نحن أسرى أقدارنا التي قذفت بأرواحنا في أجساد متباعدة.....تشرد منها في ظلمة الليل لتلتقي لا يأسرها الزمان ولا المكان. في ظلمة الليل تكشف الأرواح المتناسخة عن أسرارها وعوالمها وعشقها، وهي مكبلة بسلاسل الأقدار إلى أجسادها النائمة في عتمة الليل.
يخاطبها ((فرانسيس جام)) قائلاً:"لانملك سوى قلب واحد، هو قلبك يا صديقتي. وحين أشرب من ينابيع المروج وأسكب من زرقة السماء على شفتيك، يمتزج الواحد منا بالآخر امتزاجاً، أفقد معه التمييز أي الاثنين أنت".
تعالِ نهرب بأرواحنا بعيداً عن أجسادها، نذهب بعيداً إلى مكان لايأسره القدر...أعرف جزيرة منسية في أعماق البحر تخافها الأقدار، هناك تسكن ألوف من الأرواح الهاربة من أجسادها. تتعانق إلى الأبد، تمتزج، تذوب ومن ثم تنسكب في روح واحدة حينها يبطل سحر الأقدار عليها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شخصية أسماء جلال بين الحقيقة والتمثيل


.. أون سيت - اعرف فيلم الأسبوع من إنجي يحيى على منصة واتش آت




.. أسماء جلال تبهرنا بـ أهم قانون لـ المخرج شريف عرفة داخل اللو


.. شاهدوا الإطلالة الأولى للمطرب پيو على المسرح ??




.. أون سيت - فيلم -إكس مراتي- تم الانتهاء من تصوير آخر مشاهده