الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القصيدة المتوحشة - الفصل 21 من الرواية

ريتا عودة

2017 / 7 / 18
الادب والفن


-21-
سافرت خولة وتركتني ..لكنني لم أعد أشعر بالوحدة. فخالد عوّضني عن كلّ ما في هذا الكون فقد كان لي المطر والمظلة..العين وكحلها..البحر وغموضه..الورد وعطره..الشجر وثمره.
بعد أيام..وصلتني رسالة من خولتي تحكي فيها عن قصة عشقها ل..فارس.
فضضتُ الرسالة ورحتُ أقرأها قرب الصّخرة التي اعتدنا اللجوء إليها كلّما ضاقتْ بنا الدّنيا.
...
..
.
ريتاي..أفتقدك جدا حبيبتي. لكي لا تجرّبي وجع غيابي.. ها أنا أكتب لك قصتي مع فارس بحذافيرها. أنت يا توأم الرّوح يحقّ لكِ أن تعرفي تفاصيل الحكاية..لأنكِ أناي.
قصتي مع فارس بدأت صدفة. عندما انتهيتُ من كتابة ديواني الأوّل،
أرسلت منه نسخ بي دي إف لعدة أصدقاء ليوافوني برأيهم.
الغريب انني أرسلت نسخة أيضا ل فارس بإعتباره أخ لي، لم أره منذ 35 سنة بحكم إغترابه وتشرُده في أكثر من دولة ولم أكن أعلم عنه إلاَّ القليل.
لم يكن فارس يملك هوية أو أيّ وثيقة فلسطينيّة
كنّا في جيل الطفولة نلعب معا. كل ما يتذكَّرُهُ عنِّي هو شَعْري الأحمر وضفيرتي.. والنَّمش في وجهي وكلامي السَّريع واللكنة الغريبة عندما أنطق حرف الرَّاء.
كل ما يتذكره عني طفولة مرحة ، وطفلة تتلعثم بالكلام وهو يطلب مني أن أعيد جملة بعينها ليبتسم. هذه كل ذكرياته عني في طور الطفولة.
كنتُ أراهُ قبطانا، يلبس الجينز الأبيض، يختالُ في الحيّ كالطاووس ..وكم تمنيت لو أتحدث إليه لكن الظروف حالت دون ذلك خاصة عندما كبرنا وصرنا في سنِّ النُّضوج ، بحكم عادات مجتمعنا المحافظ.
سُجِن فارس في أحد السّجون الاسرائيليّة..كالغالبية السّاحقة من شباب فلسطين... وحُكم مدة من الزمن ثم خرج من السّجن بصفقة التبادل مع احمد جبرين 20-5-1985 وتم تسفيرُهُ وسجنه بالأردن لذات التُّهمة ، وهي التسلل عبر الحدود.
بدأ مشوارمعاناة مريرة.
في هذه الاثناء كنتُ أنا مشغولة بدراستي وتفوُّقي وجامعتي
وحلمي بامريكا تارة و بكوبا تارة أخرى. بل تملّكني حلم السَّفر والاغتراب لأحقق ذاتي.
كلانا ضاع في أزمة الحياة ، وجاء ديواني الأوّل ليجمعنا من جديد بكل أفكاره وعفويته وصدق الرّواية فيه ، كأنه تاريخ وحاضر مشترك بيننا.
أرسلتُ له نسخة من ديواني لأحصل على تقييمه قبل طباعة الديوان. كان في البلاد ..عاد وأقام في بيته ، وكنتُ لا أعلم إن كان في فلسطين أو في الخارج. فقد كنت منشغلة بتفاصيل الحياة وأعباء العمل.
أرسل لي قراءة مختصرة للديوان. قراءة جميلة ،مُعَبِّرَة،
شرّحت ذاتي ،وقلمي ، وكل شيء من أسلوبي وخيالاتي.
خلال اقل من 12 ساعة أرسل لي عبر الحاسوب قراءة ثانية لكن كانت هذه المرّة أجمل وأوفى وأشمل.
هكذا بدأنا النقاشات الأدبية، من خلال صفحة التواصل الإجتماعي ،الفيس بوك،إلى أن أرسلتُ له دعوة لحضور توقيع كتابي.
في البداية كان مترددا جدا: ماذا سيقول الناس ؟ مَن هذا ؟ ومِن أينَ أتى ، ومَن هو ؟
وباقي التساؤلات في مجتمع مُحَافِظ لا يرحم.
شجعته قائلة : انت تحضر لقاء ادبيا يخصُّني أنا وبناءً على دعوتي ولا أحد يحقُّ له إختيار مَنْ يحضُر ومَن لا يحضر، في النهاية أنت ضيفي .. لا شيء آخر.
استضفته هو وأخوه وأخوتي وإخواتي. كان الجميع في قاعة التَّوقيع ، وكانت أوّل مرّة ألتقي بها بفارس وجهًا لوجهٍ بعد كلِّ تلكَ المُّدَة مِنَ الغياب. حتى إخوتي كانت بالنسبة لهم أوّل مرَّة يتعرَّفون فيها إلى فارس بعدما أمضى 35 سنة غياب عن الوطن.

كاد فارس يطغى بحضوره على جميع الموجودين في الصالة وكنتُ كمن وجدت ضالتي فيه:
الجمال.. الاناقة.. الترتيب.. التهذيب. متابعة كلمة أتفَّوه بها ، كل همسة ، كل جرَّة قلم ، كل إهداء . كان العين النَّاقدة بحنانٍ وبجدارة. عدتُ أبحث عن القبطان في داخلي ، منذ كنت طفلة تسترقُ بإعجابٍ النظر إليه.
أهديته علبة شوكولاتة: " ديري ميلك تشوكوليت" بمناسبة ديواني الأوّل فأبقاها ذكرَى تدوم لحين لقاء آخر. طبعا هذا ما إعترفَ بِهِ لاحقا!
...
..
.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم الممر مميز ليه وعمل طفرة في صناعة السينما؟.. المؤرخ ال


.. بكاء الشاعر جمال بخيت وهو يروي حكاية ملهمة تجمع بين العسكرية




.. شوف الناقدة الفنية ماجدة موريس قالت إيه عن فيلم حكايات الغري


.. الشاعر محمد العسيري: -عدى النهار- كانت أكتر أغنية منتشرة بعد




.. تفاصيل هتعرفها لأول مرة عن أغنية -أنا على الربابة بغني- مع ا