الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإرهاب وأوهام العقل الغربي

طيب تيزيني

2017 / 7 / 18
مواضيع وابحاث سياسية



تتسع دائرة الحديث والحوار حول الإرهاب بكيفية مفتوحة، وقد وجدت ظواهر العنف في كل المجتمعات أو في معظمها، بكيفية فردية أو جماعية، وبالتالي شهد التاريخ البشري أنماطاً من العنف الإرهابي من مواقع متعددة، منها المرجعيات الدينية والثقافية والاقتصادية في المجتمعات المختلفة، إما بدعوى رفض الظلم، بمختلف أوجهه، وإما ممارسة من قبل ظلمة، وهم كثيرون في مختلف مراحل التاريخ البشري، والمسألة هنا تتشعب وتتعقد مع تعدد المجتمعات عبر التاريخ.

إن ذلك الأمر المركّب والفظيع، الذي قد يجد هناك دلالته في المصطلح الذي أصبح شائعاً شيوع الهواء، وهو الإرهاب بكل تجلياته، بما فيها الاغتيال والقتل المباشر والتهجير واستخدام السلاح الناري والدفن لـ«الخصوم» أحياء، وغير ذلك مما يتصل بالموت جزئياً أو كلياً، وبغيره، مثل تحويل قاعة تعج بالناس إلى جثث هامدة! وإذا كنا شاهدنا مؤخراً مظاهر من الإرهاب في بلدان أوروبية وأخرى عربية، فإن ذلك يأتي في سياق أحداث أخرى جماعية، مثل بث الرعب الهائل في أوساط عائلية ومؤسسات دولية وجامعات للأجيال الشابة وأماكن عبادة عامة (مساجد وكنائس وغيرها) تتصل بالعبادات والطقوس الدينية خصوصاً، ناهيك عن التجمعات البشرية المختلفة، وينبغي الأخذ بعين الاعتبار ما يمكن أن يحدث في مواقع في الدول المختلفة للمنظمات والشركات الاقتصادية العامة والخاصة خصوصاً.

وإذا عدنا إلى السياق العام لأنماط المجتمعات التي مرت بها البشرية خصوصاً في أوروبا القرون الوسطى والحديثة المبكرة، فإننا سنلاحظ نمواً في البنية المجتمعية والاقتصادية باتجاه محاولات للهيمنة على العالم ما قبل النظام الرأسمالي، وتحديداً مع بواكير الليبرالية، وكان ذلك محل دلالات ليبرالية تسعى المجتمعات الرأسمالية الغربية من خلالها إلى وضع أيديها على المكامن الفاعلة في ذلك العالم ما قبل الرأسمالي، أو الذي يهمّ في العبور إلى بواكير الرأسمالية في مقدماتها، عندما كانت واعدة بأحلام التقدم.

ها هنا، قد نضع أيدينا على نتائج ذلك القادم من الغرب، ليبدأ في مرحلة تثني تلك البواكير عن هدفها، وكان هذا المسار قد بدأ، بحدّ معيّن من لوبي تاريخ تلك البلدان، لتحول دون تحقيق أحلام من يقف على رأس البواكير المذكورة في هذا المسار، لقد كانت لحظة تاريخية، دون آمال وأعمال كافية للخروج من المأزق، والدخول في خانة التاريخ الجديد، الذي سبق أن تلبسه ذلك الذي سبقه، أي الرأسمالية الليبرالية الغربية.

لقد ظهر في معمعان ذلك الحدث التاريخي الذي له ثمنه، إذ تمثل في ما قد لا يصح من محاولات الكبح التاريخي، التي ستنتجها تلك البلدان في وجه القادم إليها من وراء البحار، فكان ذلك مناسبة ضخمة للتدخل في مسيرة تاريخ تلك المسارات القادمة عموماً من الشرق، الغاطس حتى أذنيه فيما راح يكسب ليعلق أيديه في أحلامه التي صنعها على طريق الخروج من المأزق التاريخي، وهذا أخذ في التآكل من جهته، كما من جهة الطرف الغربي الآخذ في الجموح كي يوقف سير الشرق.

لقد حملت أيام الحلم الغربي الجديد الذي يبشر بآماله التي راحت تفقد بريقها وصلاحيتها التاريخية. وعلى الطرف الشرقي راحت الآمال تبزغ مبشرة بـ«نجاة» آخذة في اليباس أمام منطق التاريخ الغربي، هذا المنطق الذي وجد شيئاً فشيئاً أمام الدعوة إلى استنهاض «السلاح الفكري»، الذي عليه أن يعلن انتصار الغرب، ويسعى بكل جهوده لاكتشاف مسوغات تاريخية لانتصاره على الشرق في حركة الشرق التي فقدت بريقها إلا قليلاً.

ها هنا نضع يدنا على ما يعلن عن نشوئه في الغرب تحت عناوين خطيرة، تؤسس ربما لـ«موت سريري للشرق» كما رأى البعض أو الكثير من المستشرقين. وهذا يعني أننا في القادم، سنواجه مطالب ومقولات غربية تأتي لتعلن وفاة الشرق، أما بعض تلك المقولات التي ستؤسس لذلك، فيظهر منها: العولمة، وحوار الحضارات، وحوار الأجيال! وتأتي الحروب «الصليبية»، وبعدها صراع الحضارات، ومفهوم البرابرة في التاريخ والصدام بين الغرب وذاته، وأخيراً إعادة بناء مفهوم جديد يفكك الإرهاب دون إحالته إلى تعددياته، وإعادة إنتاجه مع تفكيك مستقبله.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - انها نقطة زائدة
محمد البدري ( 2017 / 7 / 20 - 10:44 )
الإرهاب وأوهام العقل العربي اكثر دلالة وتعبيرا إذا ما كان الحديث عن محاولات كل طرف لحيازة العولمة لصالحة. فالمشرق العربي بحجة قداسة الاسلام يسعي لفرض عولمة عقائدية لا قيمة لها لدي انسان العصر الحديث. بينما الغرب يسعي لفرض العولمة مستخدما نمط الانتاج الراسمالي بكل ادواته. فهل هناك نمط انتاج اسلامي؟ الاسلام هو الوهم المسيطر علي عقل العرب وهو ارهاب في طبيعته بعد انكشاف الغطاء عنه كونه سيطرة بربرية دون اي تقدير أو اعتبار منه للعمل والعلم والمعرفة والانتاج والتسليع والسوق والحق في الاختلاف والمعارضة والتنافس ... الخ مفردات نمط الانتاج الراسمالي. فاذا كان للاخير هذا من ارهاب فهناك نظريات اخري يمكنها مقاومة عولمته كالماركسية مثلا بعولمتها الحقوقية / الديموقراطية لقوي العمل الانتاجية. لكن ما العمل إزاء ما ينبغي علينا قتله سريريا بدلا من انتظار موته السريري لسبب استجد واضيف الي امراضه التاريخية كونه اصبح اداة في يد الراسمالية لزيادة التخلف والجهل والتبعية لصالح نمط الانتاج الرأسمالي المعولم. الا تري معي ان الغرب وجد في الاسلام كنزا لا يفني لوقف نمو اي مجتمع استعدادا لموته.

اخر الافلام

.. معرض -إكسبو إيران-.. شاهد ما تصنعه طهران للتغلب على العقوبات


.. مشاهد للحظة شراء سائح تركي سكينا قبل تنفيذه عملية طعن بالقدس




.. مشاهد لقصف إسرائيلي استهدف أطراف بلدات العديسة ومركبا والطيب


.. مسيرة من بلدة دير الغصون إلى مخيم نور شمس بطولكرم تأييدا للم




.. بعد فضيحة -رحلة الأشباح-.. تغريم شركة أسترالية بـ 66 مليون د