الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحرير العلوم الإنسانية من التطبيقات السلبية

حسين عجمية

2006 / 2 / 6
العولمة وتطورات العالم المعاصر


الحقيقة الأساسية الواجب إدراكها عن العلم بأنه البحث الدائم للكشف عن المتغيرات الدائمة في الحياة و التنقيب عن جميع القوانين و العلاقات الكائنة في الكون و تبادل تأثيرها المستمر على جميع المتغيرات في الحياة الطبيعية و الحياة الإنسانية و مدى فاعلية الاكتشافات العلمية المتواصلة لفهم طبيعة الوجود الإنساني طبقاً للغايات التي يحددها هذا الوجود بالذات ,و العلم هو الفاعلية القادرة على إخراج المؤثرات الضارة من الحياة و مواجهة جميع المفاهيم المغلوطة عند الإنسان و المتوارثة عن عصور لم يكن للعلم فيها أي دور قيادي في الحياة ,حيث طغى الجانب التسليمي على أكثرية الجوانب الأخرى .
فالعلم يعطي الإنسان الثقة في إنجاز جميع الأعمال التي يقوم بها طبقاً لمنهاج محدد و مضمون النتائج و يحقق الأمان في تقدير قيمة الواقع الإنساني العام ويكفل للتطور نموا متواصلا يستمد طاقتة من الاتجاه الصحيح للحياة العلمية .
فغاية العلم كمفهوم قائم عبر الزمن هو تحقيق الإمكانية الدائمة لكشف وإزاحة جميع الحواجز الموضوعة لإعاقة تطور الحياة وقدرة العلم على إحداث تغيرات مستمرة في البنية العامة للوجود الإنساني
فالعلم هو الصيغة الأساسية لتحقيق الانتصار على عشوائية القوى الطبيعية وكشف الجوانب المنظمة منها وتسخير وجودها لصالح الحياة الإنسانية.
والعلم وحدة الكفيل بتامين التواصل الإنساني بعد إزالة جميع التطبيقات السلبية في الحياة العلمية وتحقيق البدائل الضرورية لتامين الانسجام الدائم بين الإنسان والكون فالعلم هو القوة القادرة على إعطاء صيغة متنامية ترتفع فوق جميع صيغ القهرية والجبرية وإلغاء جميع الصيغ والمقولات الموجهة لعرقلة النمو العلمي للوجود لان العلم أنعتق من إطار التحكم وأصبح قادرا على الاستمرار بناء على معطياته الذاتية فالمعطيات العلمية تجاوزت مرحلة التحكم والتوجية فقد تحقق الاستقرار وتابع العلم وجودة ألتجاوزي واستمر كقوة قيادية أساسية إلى جانب القوة السياسية والاقتصادية والثقافية في توجيه الواقع الإنساني فالغاية المستخدمة في العلم غير قابلة للتحديد والضبط ولا حتى التنظيم في الوقت الراهن لأنها ناتجة عن الأهواء السياسية بتنوعها الغريب وغير قابلة للتحديد حصرا ويبقى الأمل قائما عندما نعالج صيغة الأهواء البشرية في توجيهها للاستخدام العلمي لغايات غير علمية وغير إنسانية فهي لم تدرك بعد مدى الخطورة من استخدامها هذا على وجودها بالذات, فالإنسان بأعمالة عندما يهدد الوجود الطبيعي للطبيعة المتوازنة تتهدد طبيعتة الإنسانية أيضا وعندما تصبح الطبيعة الإنسانية مهددة يظهر من الوجود الإنساني أفعال على غاية من الشدة للدفاع عن ألذات الإنسانية فالغاية من استخدام العلم تُمثل حتى العصر الراهن أبعادا مختلفة ومتناقضة فتارة يستخدم الإنتاج العلمي من اجل الإنسان لتقوية علاقتة مع الواقع ومعالجة حاجاتة الأساسية ومساعدتة فيما يحقق نموة المستمر وبناء وجودة على أساس مفيد وبناء .
هنا يصبح الاستخدام العلمي غاية متوافقة مع نمو الحياة وتطورها كما يساعد على تحقيق الوحدة الإنسانية واستقرارها الوجودي .
وعندما تصبح الغاية من استخدام العلم والإنتاج العلمي تحقيق إمكانيات فردية متميزة على صعيد الحياة الاقتصادية والاجتماعية والفكرية تسهم في صرف الحياة عن مضامينها الأساسية القائمة من اجلها .
فالإنتاج العلمي المهدد لتطور المسيرة العامة للإنسانية هو غاية خطرة نظرا للاستخدام ألتدميري للإنتاج العلمي من اجل السيطرة والسيادة وسلب الحياة حق الوجود المستمر .إن الغايات السلبية الدنيئة ناتجة عن الضعف الغريب في النفس الإنسانية وضحالة المقدرة على توجيه الحياة في الشكل المؤدي إلى تعميم الحياة المبدعة والإفادة من عطائها العام لمصلحة الحياة الإنسانية .
فالأساليب السياسية المتبعة لإدارة وتنظيم المجتمعات البشرية غالبا ما تكون فوقية ومتعالية على الشعوب وتوجه إمكانياتها الاقتصادية والعلمية بالاتجاه غير السليم للتطور العلمي الحقيقي فتستخدم العلم لغاياتها الذاتية بتوجيه الطاقات الإنتاجية التطبيقية للمبادئ والقوانين العلمية نحو الاستخدام ألتدميري بكل تطبيقاته المكتشفة وتطويعها فيما يحقق قوتها وسيادتها كقوة قادرة على التحكم بمصائر الشعوب والتوسع في النفوذ والهيمنة على جميع الأنظمة الاجتماعية الأضعف في إمكانياتها العلمية والمادية مما يؤدي إلى خلق واقع دولي مشحون بالتوتر والخوف الدائم من العقاب ويزداد التأزم ليعيش العالم اجمع في أجواء يسودها الانقسام والتكتل وتصبح البرامج الموجهة للتقارب الإنساني غير موثقة نظرا لعدم تغيير المسار الحقيقي لغايات الإنتاج العلمي ألتدميري .
فإذا كان الادعاء القائم في الأوساط ذات النفوذ والقوة بان الغاية من تصنيع الوسائل التدميرية هو الحفاظ على التوازن بين القوى المتكافئة مردة إلى السعي المستمر لتتويج السيطرة والفوقية والخوف الدائم من العقاب . فعندما تتوجه الحياة الإنسانية نحو الانسجام والتكافؤ بين الجميع يمكن الحفاظ على العلاقات في مستواها الراقي دون اللجوء إلى التكافؤ الحربي لان العلاقات الإنسانية المتوازنة تلبي طموح ورغبات جميع الشعوب الداخلة في التركيبية الإنسانية العامة بحيث تصبح الحياة متوافقة مع الانسجام والإبداع العلمي العالمي والعطاء الناتج من هذه الحياة المتوافقة مع طموح الجميع هي القوة القادرة للحفاظ على الحياة الإنسانية بالشكل الأمثل .
وإذا كانت الغاية من الاستخدام ألتدميري للإنتاج العلمي هي إرهاب الشعوب الضعيفة واستنزاف خيراتها في ما يساعد على تحقيق غايات ضيقة وضعيفة المرودية بالنسبة إلى الحياة العامة فان الإنسانية بفضل القوى الايجابية في بنيتها ستملك السبل الكفيلة لمنع الاستنزاف واستغلال خيرات الآخرين إلا إذا ترافق معها المساعدات الضرورية والكافية لتامين العزة والكرامة لهذه الشعوب واستمتاعها الأعظم في استغلال خيراتها لتحقيق تقدمها وتطورها الذاتي والمتكافئ على جميع المستويات .
وبعد التأكد من أن النمو العلمي يقوم بتوفير الإمكانيات اللازمة لتوجيه الإنسان بالاتجاه الأنسب لتحقيق النمو المطرد والبعيد عن جميع التوترات والصدامات المعرقلة لعملية تحديث ونمو المجتمعات عندها تصبح التقنية العلمية إحدى الوسائل الكفاحية للتغلب على المشكلات والمصاعب وتطوير الوجود الإنساني فيما يتوافق مع الوجود الكوني ويصبح المستقبل مضمون النتائج فتتعزز الثقة بالحياة وتتعزز البنية الأخلاقية للوجود ومجمل البنية الفكري تبنى على أسس جديدة ومفيدة ويصبح العلم هو الواقع الأكثر قدرة وفاعلية لتعرية وإنهاء جميع العوائق المعرقلة لنمو المسيرة الإنسانية الموحدة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -الهجرة وقبول الآخر-.. -آ ميديا- سليمان البسام و حلا عمران ف


.. توترات جديدة وهجمات متبادلة بين حزب الله وإسرائيل وسط قلق دو




.. الحوثيون يستهدفون 3 سفن في البحر الأحمر والبحر العربي


.. انشقاق نواب عن الحلبوسي يحرمه صفة الأغلبية العددية السنية دا




.. أصوات من غزة | مستشفيات غزة تعاني نقصا حادا في وحدات الدم